السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الذكاء الاصطناعي بين جدلية الخير والشر... ماذا بعد؟

المصدر: "النهار"
هديل كرنيب
هديل كرنيب
الذكاء الاصطناعي بين جدلية الخير والشر... ماذا بعد؟
الذكاء الاصطناعي بين جدلية الخير والشر... ماذا بعد؟
A+ A-

من "سيري" و"اليكسا" إلى الروبوتات والسيارات ذاتية القيادة، يتقدم #الذكاء_الاصطناعي يوماً بعد يوم بطريقة خارقة جداً. وفي حين أن الخيال العلمي غالبًا ما يصور الذكاء الاصطناعي باعتباره روبوتات ذات خصائص شبيهة بالإنسان، إلا أن ما يجهله البعض هو ان هذه التقنية لم تعد محصورة بهذا النطاق فقط، بل تعدتها بأشواط لتصل الى كافات المجالات: الطبية، التعليمية، العسكرية وحتى في المجالات الإبداعية والإدراكية.

يوفر الذكاء الاصطناعي اليوم العديد من الإمكانيات، كالتعرف إلى الوجوه، الترجمة، حل المعادلات، قيادة السيارة بطريقة ذاتية، الخ ولكن ماذا عن البشر! هل تستطيع هذه التقنية التفوق على قدرات البشر حقاً!

الذكاء الاصطناعي يؤلف الأخبار عن البشر

خلال الأسبوع الماضي، انتشرت العديد من التقارير التي تحدثت عن المخاوف الكبيرة التي قد يلحقها الذكاء الاصطناعي لا سيما في عالم الكتابة وتزييف الأخبار، اذ استطاع الذكاء الاصطناعي تأليف خبر "زائف" بشكل كامل دون تدخل أي عنصر بشري!

وجاء مضمون الخبر الزائف على الشكل التالي: "تم القبض على مايلي سايرس وهي تسرق من متجر - أبريكومبي وفتش - في شارع هوليوود اليوم. كانت المغنية ترتدي نظارة سوداء وسترة سوداء وجينز أسود وصندل أسود وتحمل زوجا من القفازات المخططة باللونين الأبيض والأسود وحقيبة سوداء صغيرة. واستطاعت الكاميرا التقاط صورا لها بينما اقتادها عناصر الأمن إلى خارج المتجر".

وعلّق خبراء من مجموعة OpenAI المختصة بتطوير تقنية الذكاء الاصطناعي إن التقنية أصبحت من البراعة ما يجعلها تثير مخاوف كبيرة بخصوص قدرتها العالية على تزييف الأخبار. وجاء في بيان المجموعة على الموقع الرسمي:"إن تطبيق توليد النصوص الذكي GPT2 بقدرته العالية على التعلم والتمرين يستعمل بيانات يبلغ حجمها 40 جيغابايت جمعها من الانترنت، ويحتوي على متغيرات برمجية يصل عددها إلى مليار ونصف المليار، يستخدمها لتأليف نصوص اصطناعية ذكية ومقنعة".

وذكرت المجموعة أن تطبيقها هذا لن يتم نشره على الانترنت حالياً خوفاً من إساءة استخدامه، اذ وبالرغم من أهمية ما يحمله التطبيق من قدرات إيجابية في حال توظيفه للمساعدة في الكتابة والتأليف أو في تطوير أنظمة التعرف إلى الكلام، لكنه يثير مخاوف بخصوص الأخبار الزائفة، وذلك لقدرته على تأليف نصوص لا يمكن تمييزها بسهولة عن تلك التي يؤلفها بشر حقيقيون، وبالتالي قد يؤدي ذلك الى تضليل القراء والرأي العام.

الذكاء الاصطناعي يجادلهم أيضاً!

وفي الوقت الذي اتخذت المجموعة قرار عدم عرض تطبيقها، كانت شركة IBM العالمية قد طورت نظام ذكاء اصطناعياً يحمل اسم Debater Project، مصمماً للدخول في مناظرات مع البشر من خلال تقديم حجج مترابطة وقوية في موضوع ما، مع قدرته الفائقة على معالجة مجموعات كبيرة من البيانات حول موضوع المناظرة.

ويستطيع هذا الجهاز، الطويل والمزود بشاشة في الجزء العلوي، ومن خلال سحابة التخزين الإلكترونية التابعة لشركة IBM بفحص مليارات الجمل ليقدم رأياً متماسكاً ومقنعاً حول الموضوعات المختلفة، ثم يستمع النظام إلى خطاب منافسه ثم يرد عليه، وبعد ذلك ينهي حديثه بحجة مقنعة. وبحسب IBM فهذا الجهاز يمكن استخدامه مع المشرعين الذين يناقشون القضايا الحرجة، أو المحامين الذين يعدون الخطب، كما قد يستفيد من مناقشته الطلاب أو رجال الأعمال للمساعدة في إبداء الرأي.

ولكن قدرة نظام الذكاء الاصطناعي على الكتابة والمجادلة والنقاش بشكل مقنع مع الإنسان، وسعيه إلى إثبات وجهة نظره، قد تؤكد المخاوف التي عبّر عنها كل من إيلون موسك الرئيس التنفيذي لشركتي "تيسلا" و"سبيس إكس" وعالم الفيزياء الراحل ستيفن هوكينغ بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدمر الحضارة الإنسانية ويعرض الوجود البشري للخطر، في رأي البعض.

المخاوف من الذكاء الاصطناعي

والحقيقة أن هذه المخاوف من الذكاء الاصطناعي مبررة حقاً، إذ وبحسب "كريستوف زغبي"، وهو مهندس برمجيات ومتخصص بالذكاء الاصطناعي وأحد مؤسسي مجموعة Beirut AI المتخصصة في هذا المجال، فالذكاء الاصطناعي بات يُشكل مخاوف في بعض المجالات،  لا سيما وأن هذه التقنية باتت قادرة على القيام بالعديد من مهام الانسان.

ويقول زغبي لـ"النهار": اليوم علينا مواكبة عصر السرعة الذي نعيشه وأن نتطور ونواكب هذا التطور من خلال تعليم الطلاب والجيل المقبل وحتى الحالي على المهارات اللازمة لهذه التقنية، فعلى سبيل المثال ما كنا نتعلمه في الجامعة سابقاً ليصبح مهنتنا مدى الحياة تغيّر اليوم، وما نتعلمه اليوم قد يصبح قديماً عما قريب بفضل التكنولوجيا والتقنيات الجديدة التي قد تحل محلنا".

ولكن في المقابل لهذه التقنية إيجابيات، اذ وفقاً لزغبي، فهذه التقنية قادرة على خلق وظائف جديدة لمواكبتها، فمثلاً الإنترنت لم يكن موجوداً في السابق ولكن فور وجوده استطاع خلق وظائف متمحورة عليه، وكذلك الحال بالنسبة للذكاء الاصطناعي اليوم، الذي يمكنه ان يُسخر للعمل في الوظائف ذات المهام المكررة والتخفيف عن البشر هذه المهام وبالتالي تركيز جهودهم نحو المهام الإبداعية والخاصة بالإنسان فقط".

ويضيف زغبي: "هذه التكنولوجيا يمكن استخدامها للخير والشر معاً، إنما يعود ذلك لكيفية استغلال الإنسان لها، فكما قامت مجموعة Open AI بوقف نشر بحثها حول قدرة الذكاء الاصطناعي على كتابة الأخبار خوفاً منها من ان يتم استغلال هذه التقنية في نشر الأخبار الكاذبة والتبعات السيئة التي قد تلحقها في هذا الإطار، يمكن السيطرة على هذه التقنية والحدّ منها، كونها أداة خلقت لمساعدتنا وليس لأن تحل محلنا".

إذاً، توخي الحذر في هذه التقنية أمر أساسي وضروري جداً، فكما قد يتكلم الناس بعد سنوات عن الفوائد التي ستجلبها هذه التقنية للبشرية، قد يتكلمون أيضاً عن الدمار الذي قد تلحقه بها وعن دور الإنسان بمساهمته في ذلك.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم