الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الاختلاف الجوهري بين حركتين يهوديتين عالميتين: الصهيونية والأليانس

أحمد بعلبكي
Bookmark
A+ A-
مع بلوغ منتصف القرن التاسع عشر وتوسع ميول النخب الفاعلة في السياسة لإقامة الدول القومية في أوروبا الغربية خاصة، تبلورت لدى بعض النخب اليهودية في أوروبا الدعوة "لوحدة داخل العالم اليهودي تمهد لوحدة كونية تقوم: على مساع إنسانية أولية لصالح المضطهدين يهوداً كانوا أو غير يهود". وانتهت جهود هذه الدعوة بداية إلى تأسيس "منظمة الأليانس اليهودية" (L’Alliance Israelite Internationale) عام 1860. تزامن هذا التأسيس مع حمأة ظهور منظمات مشهود لها تاريخياً وعالمياً من بينها "الأممية العمالية" و"الأليانس الكونية لاتحادات الشبيبة المسيحية" و"منظمة الصليب الأحمر الدولية".كان ظهور الأنشطة الرعائية الأولى للأليانس اليهودية في مجتمعات شمال افريقيا التي سبق ولجأت اليها الجماعات الاسلامية واليهودية قبل ثلاثة قرون ونصف بعد اخراجها حربيا من اسبانيا. وقد ركزت مهماتها منذ ولادتها وحتى منتصف القرن العشرين على التعليم ونشر الثقافة الدينية لليهود بالإضافة إلى السياسة والقانون. تعمل على حد قول الكاتب والسياسي الفرنســـــــــــــــــــــي André Malro "لانقاض اليهود البائسين باعتمادها الكتاب لا السيف". وكان من أوائل نشاطاتها في فلسطين خلال ثمانينات القرن التاسع عشر تأسيس مدرسة للتعليم الزراعي (Mikeh 1874) ومن بعدها تأسيس مدرسة ابتدائية في مدينة تطوان في المملكة المغربية. حيث توسع انتشارها في هذه المملكة ليصل عام 1963-1964 الى تأسيس ما مجموعه 53 مدرسة تدرس سنوياً ما مجموعه 13500 تلميذ. وظلت أنشطتها تتواصل على أصعدة فتح الحاضنات والمدارس العامة والمهنية في المغرب وتونس وسوريا ولبنان وفلسطين وإيران حتى وصل عديدها في هذه البلدان العربية في منتصف القرن العشرين الى حوالى 100 مدرسة (كتاب الأليانس صفحات 498 - 503 )، تتزود بالمعلمين من دور خاصة بها تُؤهلهم لتعليم اللغة الفرنسية ومن بعدها اللغة العربية بالإضافة إلى التعليم الديني التلمودي وذلك لتلبية حاجات التعليم في الحضانات والمدارس اليهودية. كما واهتمت في أواخر القرن التاسع عشر ولا سيما بعد الحرب الفرنسية_ الألمانية ( 1870 - 1871 ) بتأهيل الكوادر في مجال العمل الديبلوماسي للتعامل مع القوى الدولية الكبيرة ومن بينها الدول البلقانية والدولة العثمانية بهدف "ترسيخ مبادﺉ المنظمة في حرية الثقافة والمساواة في التعامل سواء مع السكان اليهود أو مع سواهم من الجماعات". ولا سيما بعد أن حركت هذه الحروب الروح القومية ما أدى إلى ارتباكات خطيرة ضد الأقليات الفقيرة خاصة وبينها داخل المجتمعات الأوروبية. وحركت في ألمانيا خاصة حملة ضد اليهود المتهمين بالميول لتلويث إيمانها المسيحي. ميول أدت إلى تبلور ما سُمي بـ"المسألة اليهودية" وتفرعاتها التي تمثلت في فرنسا بـ"مسألة محاكمة درايفوس" على امتداد عشر سنوات، وقبلها مسألة اتهام الروس لليهود بقتل القيصر...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم