الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لماذا يهرب معظم الباحثين من المنهج في الدراسات الأكاديمية؟

المصدر: "النهار"
أنور الموسى
لماذا يهرب معظم الباحثين من المنهج في الدراسات الأكاديمية؟
لماذا يهرب معظم الباحثين من المنهج في الدراسات الأكاديمية؟
A+ A-

لعل الثغرة البارزة في غالبية البحوث والدراسات والرسائل والأطاريح في العلوم الإنسانية، تكمن في التعاطي السيّئ مع المنهج، أو تغييبه، أو عدم فهمه، أو جهل مفاهيمه أو تجاهله.

ترى ما بواعث ذلك؟ وكيف يتعاطى الطالب أو الباحث مع المناهج؟ وكيف يمكن ردم هذه الثغرة في الكليات والمعاهد العليا؟

الواقع أنّ هذه الفجوة تبرز بشكل فاضح في الدراسات الأدبية واللغوية، فمن واقع تجربتي في الإشراف والمناقشة والقراءة والنقد، ألاحظ هذه الثغرة بشكل لافت، ليس فقط في الجامعة الرسمية، بل في الجامعات الخاصة أيضاً، وحتى في البحوث المدعومة والخاصة، وكذلك في البحوث الأجنبية.

طبعا، لا ألجأ إلى التعميم في هذه المسألة الحساسة، لكنها تبدو ثغرة عامة، تسلم منها دراسات جادة أصرّ معدّوها على التحدّي، متحلّين بالصبر والجد والقراءة والبحث.

فالطالب في الدراسات العليا، كما هو معلوم، مجبر على تبني منهج أو غير منهج، لكن ما يحدث أن منهجه قد يبقى حبيس المُخطط الذي يقدّمه للجنة دراسة المشاريع، وكثيراً ما يتفلّت الدارس من المنهج عند التطبيق، ولا سيما إن تراخى مشرفه في هذه المسألة، أو إن كان الأخير غير مؤهّل أصلاً في ميدان المنهج.

ومن بواعث هذا الخلل محلياً، عدم إدراج مواد المناهج في مواد المقررات في المرحلة الثانوية والإجازة، وهي، مع أنها أدرجت في بعض الجامعات بشكل إلزامي في مرحلة الإجازة، كالمنهج النفسي والاجتماعي، والبنيوي التكويني، لكنها سرعان ما تحولت مع التعديلات غير المسوغة إلى مواد اختيارية، أو حذف بعضها بذرائع غير واضحة.

الطالب يفاجأ بهذه المناهج في الماستر، لكنّه يصطدم أيضاً بضيق وقت الفصل وغزارة مفاهيم المناهج ونظرياتها وأعلامها، ويفاجأ أيضاً بالتنظير، وعدم إمكان التطبيق، وصعوبة التمرّس وفهم النصوص المترجمة أو الأجنبية، علماً أنّ اللغات الأجنبية مهمة جداً لفهم المناهج.

ويرتبط بقضية المناهج إشكاليات جمة، إذ إنها أجنبية من جهة، وذات أبعاد فلسفية من جهة أخرى، ولا ننسى أيضاً قضايا الترجمة والمصطلحات والتطبيق العشوائي والقصور في التطبيق حتى في البلد الذي نشأت فيه هذه المناهج.

ومن نتائج ذلك، هرب الطالب من المنهج، أو ادعاء بعض الطلاب تبنيهم منهجاً تكاملياً، تمهيداً للتفلت من هذا المنهج أو ذاك، أو تبنيهم منهجاً موضوعاتياً أو نفسياً فقط في المخطط من دون التطبيق في البحث.

وتصل غالبية الطلاب إلى المناقشة ويصدمون بانتقادات اللجنة في المنهج، علماً أن تبني منهج معين يوصل الطالب إلى نتائج جديدة، وبعمق تحليله ودراسته.

ولا تقتصر الانتقادات على المنهج، بل تتناول المراجع المرتبطة به وكيفية توظيفه وتنسيقه وخطواته.

والغريب حقاً عد بعض الأكاديميين والمشرفين إلزام الطالب بمنهج، من القيود غير المجدية في البحث، وادعاء بعضهم الآخر أن المنهج يتنافى وحرية التحليل والبحث. هذه الآراء في الحقيقة تنمّ عن القصور في فهم المنهج وأهميته.

وفي المحصلة، لا بدّ من الاعتراف بوجود خلل في تطبيق المناهج، وهذا يدعو إلى عقد مؤتمر عاجل على مستوى العالم العربي، أو على الصعيد المحلي، كي تتعزز ثقافة المنهج، ونتفق على مصطلحات موحّدة، فضلاً عن ضرورة إدخال مواد المناهج بشكل كثيف في السنوات الدراسية كافة، وتدريس نظرياتها بالتدرّج وبشكل محبب، بعيد من الغموض والتنظير. فمتى نبدأ بالحلّ؟ومتى نحذف المقررات غير المُجدية ونُدخل مكانها مواد المنهجية؟

يُلحق هذا المقال بمقالات أخرى تتناول المنهج.

اقرأ للكاتب أيضاً: التعليقات الـ"فايسبوكية" على الشعر في ميزانَي النقد والخديعة

أستاذ المناهج في الجامعة اللبنانية

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم