السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

عن "أصولي" راحل في الصحافة

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

مؤلمة هي الاقدار حين يفصل اسبوع واحد بين رحيلين لرفيقين امضيا عقودا تحت سقف "نهار" واحدة وهما من هما عليه مي منسى وادمون صعب ولو ان الثاني غادر "النهار" منذ زمن غير قصير. ادمون صعب الذي رحل اليوم قد يكون في رحيله نذيرا اشد الما من فقدان استاذ حقيقي كبير في الصحافة لجهة ان من هم امثاله باتوا نادرين تماما. نتحدث بالم عن احد اساتذة الصحافة فعلا لجهة ذاك التشدد الذي كان يطبعه ويميزه في حراسة الاصول الصحافية الكلاسيكية العريقة اسوة بكبار "النهار" والصحافة اللبنانية والعربية تاركين بصمات لا تمحى عن مراس هذه المهنة الرسالية. ادمون صعب اول ما يتراءى الى ذهنك في استعادته المؤلمة في يوم انتقاله الى دنيا الحق هي صورة حارس الاصول بحيث كان فعلا بمثابة مرصد متجسد بمسؤول صحافي ايا يكن منصبه. سواء في ممارسته المسؤوليات الصحافية التي تقلب فيها وصولا الى رئاسة التحرير التنفيذية في "النهار" او كاتبا ومعلقا صحافيا كان "الاستاذ ادمون" لا يفارق طبعته الجليدية بانه الناقد الدائم الذي يتباهى، وعن حق، بانه حارس المرمى فتراه يوزع يمنة ويسرى الملاحظات الفردية والجماعية عن هذا المقال او ذاك التحقيق او الموضوع. اقوى تجلياته المهنية كانت تبرز لدى اندفاعاته نحو المواضيع والتحقيقات المندرجة ضمن الصحافة الاستقصائية. والحال ان هذا الزميل الكبير الراحل كان ينتزع الاعجاب في مراس التدقيق والاصرار الجامد الذي لا يتزعزع في تفحص صدقية الخبر واستقائه من مصادره المباشرة وحتى اجراء التقاطع بين مصادر عدة على الخبر نفسه حرصا على الحقيقة والصدقية والشفافية. كما ان الاصول الواجب مراعاتها في التحقيق وتنويع المصادر تبعا للمعطيات الموضوعية التي يفترض ان يتضمنها التحقيق كانت بمثابة ابجدية لادمون صعب يرفعها في وجه الصحافيين والكتاب.

لعل المؤلم فعلا في رحيل قيمة صحافية كأدمون صعب اننا ننزلق الى زمن نهاية الاصول ونقاوم بمنتهى ما نملك من ايمان بهذه الرسالة الصحافية القضاء عليها من ابواب مفتوحة على الغارب من الجهة المهنية اولا. حسب ادمون صعب انه ترك الكثير في ارث صحافي عريق يشهد له على مهنية نادرة وتعلق بالحرية الى حدود الشجاعة الفائقة. ادمون صعب كان ايضا ابن زحلة البار في طبيعة تعشق التحرر وتتفانى في حراسة ما تعتبره واجبا حتى الشهادة. وداعا لابن زحلة والاستاذ في الصحافة واصولها ادمون صعب. 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم