الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

احتجاجات السودان تتحدّى البشير... الرئيس يهدّد "الفئران"

المصدر: "رويترز"
احتجاجات السودان تتحدّى البشير... الرئيس يهدّد "الفئران"
احتجاجات السودان تتحدّى البشير... الرئيس يهدّد "الفئران"
A+ A-

 قال الرئيس السوداني #عمر_البشير اليوم إن هناك محاولات لاستنساخ الربيع العربي في #السودان، وذلك تعليقا على الاحتجاجات التي تشهدها بلاده منذ الشهر الماضي، ويشبهها البعض بالانتفاضات التي أطاحت بعدة زعماء عرب عام 2011.

ويخرج طلاب ونشطاء وغيرهم في احتجاجات شبه يومية في مختلف أنحاء السودان منذ 19 كانون الأول، مطالبين بنهاية للمصاعب الاقتصادية في أطول تحد لحكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود.

وقال البشير للصحافيين في كلمة عقب محادثاته مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة: "هناك العديد من المنظمات التي تعمل على زعزعة الأوضاع في دول المنطقة. وفي ما يخص السودان... يحاول الإعلام الدولي والإقليمي التهويل، ولا ندّعي عدم وجود مشكلة".

وأضاف: "هناك محاولات لاستنساخ قضية الربيع العربي في السودان بالشعارات والبرامج والنداءات نفسها، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

وأشاد بزيارة قام بها وفد مصري رفيع المستوى للخرطوم في بداية الأزمة، ووصفها بأنها "كانت رسالة للشعب السوداني وآخرين... ودعما لاستقرار السودان".

منذ بدأت الاحتجاجات، تشير التقديرات الرسمية إلى سقوط 30 قتيلا، بينهم اثنان من أفراد الأمن. وتتهم السلطات السودانية "مندسين" وعملاء للخارج بالوقوف وراء الاضطرابات. وقالت إنها تتخذ خطوات لحل الأزمة الاقتصادية.

الفئران

لا يبذل الرئيس السوداني #عمر_حسن_البشير جهدا يذكر لإخفاء احتقاره للشبان والشابات الذين خرجوا للاحتجاج منذ أكثر من شهر للمطالبة بإنهاء حكمه المستمر منذ 30 عاما.

ففي كلمة وجهها الى جنوده هذا الشهر، نبّه البشير، ضابط المظلات السابق البالغ 75 عاما والذي استولى على السلطة في انقلاب أبيض عام 1989، من وصفهم بالفئران الى أن عليهم العودة الى جحورهم. وقال إنه لن يتنحى سوى لأحد ضباط الجيش أو من خلال صندوق الانتخاب.

وكان يرتدي الزي العسكري عندما التقى جنوده في قاعدة عطبرة المدينة الواقعة في شمال #السودان، والتي بدأت فيها #الاحتجاجات، مشيرا الى أن المحتجين طالبوا بأن يتولى الجيش السلطة، وأن لا مانع لديه في ذلك. وقال: "عندما يتحرك الجيش، فإنه لا يتحرك في فراغ، ولا يتحرك بدعم من خونة، بل دعما للوطن".

والبشير شخصية خلافية منذ مدة طويلة. فمنذ توليه السلطة في السودان الذي كان حينذاك أكبر دول أفريقيا مساحة، خاض حربا أهلية طويلة مع متمردين في جنوب البلاد انتهت بانفصال جنوب السودان عام 2011، وفقدان أكثر من 70 في المئة من نفط السودان.

وعانى السودان فترات طويلة من العزلة منذ عام 1993 عندما أضافت الولايات المتحدة حكومته إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب لإيوائها متشددين إسلاميين. وأعقب ذلك فرض واشنطن عقوبات على السودان بعد أربع سنوات.

كذلك، وجهت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي اتهامات الى البشير ناجمة عن ادعاءات بوقوع أعمال إبادة جماعية في منطقة دارفور خلال تمرد بدأ عام 2003.

والآن يواجه الرئيس السوداني تحديا شبه يومي في الداخل في مدن بمختلف أنحاء السودان، يتمثل في احتجاجات متصاعدة، رغم القبض على أعداد كبيرة وحملة قمع شديدة تشنها قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية.

وتقول السطات إن 30 شخصا على الأقل قتلوا في الاضطرابات التي بدأت في 19 كانون الأول بعدما حاولت الحكومة رفع أسعار الخبز. غير أن جماعات حقوقية وشخصيات محلية معارضة تقول إن 45 شخصا على الأقل قتلوا. وأصيب مئات، واعتقلت السلطات مئات آخرين.

وقال المحلل خالد التيجاني: "الاحتجاجات الحالية تمثل أكبر وأعمق تحد لحكم البشير، لأنها تشير إلى أن الأزمة وصلت الى مستوى جديد".

انهيار اقتصادي

يقول منتقدو البشير إنه هو السبب في تهميش السودان، والانهيار الاقتصادي الذي دفع معدل التضخم للارتفاع إلى 72 في المئة في نهاية 2018، وجعل البلاد تعجز عن سداد قيمة الواردات الغذائية.

أما أنصاره، فيقولون إن وراء الاحتجاجات مؤامرة غربية تهدف الى تقويض الحكم الإسلامي في السودان، مثلما وصف البشير اتهامات المحكمة الجنائية الدولية بأنها جزء من مؤامرة من تدبير الاستعمار الجديد.

في الأشهر التي سبقت بدء الاحتجاجات، كان السودانيون يواجهون صعوبات في المواءمة بين دخولهم واحتياجاتهم. وحاولت الحكومة تطبيق إصلاحات، فخفضت قيمة الجنيه السوداني، وخففت قيود الاستيراد. لكن كل ذلك لم يحقق نتيجة.

كانت الحكومة تأمل أن تجد دعما ماليا سريعا من حلفائها في منطقة الخليج، بعدما أرسل البشير قوات إلى اليمن، في إطار التحالف الذي تقوده السعودية، لمحاربة الحوثيين المتحالفين مع إيران. لكن المساعدات تأخرت.

وكانت الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات محاولة الحكومة طرح خبز غير مدعوم، مما سمح للمخابز ببيع الخبز بأسعار أعلى. وأضيف ذلك إلى الأزمة المستمرة منذ فترة، والتي أدت إلى نقص الوقود والأوراق النقدية.

وسرعان ما تحولت التظاهرات احتجاجات سياسية استهدفت مقار الحزب الحاكم، وطالبت بسقوط البشير.

وبخلاف موجات الاضطراب السابقة، امتدت الاحتجاجات إلى مناطق من البلاد كانت في العادة موالية للبشير، وأخفق الرد القاسي حتى الآن في منع انتشار الاحتجاجات.

وقد استخدمت قوات الأمن في الغالب الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت في محاولة لقمع الاحتجاجات. غير أن المتظاهرين وجماعات حقوقية محلية وثّقوا أيضا استخدام الذخيرة الحية.

وفي أحيان كثيرة، يردد المحتجون هتافات مثل "يسقط بس"، و"سقطت سقطت يا كيزان"، في إشارة يقصدون بها الإسلاميين.

بدايات متواضعة

ولد البشير في 1 كانون الثاني 1944 لأسرة فقيرة تعمل في الزراعة بقرية حوش بانقا الصغيرة المؤلفة من بيوت طينية وشوارع متربة تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، على مسافة 150 كيلومترا شمال العاصمة الخرطوم.

وفي أحيان كثيرة كان البشير يضخم بداياته المتواضعة. ففي وقت سابق من الشهر الجاري، كرر قصة رواها عام 2013 عن كسر أحد أسنانه أثناء نقل الخرسانة إلى موقع بناء كان يعمل فيه يوم كان لا يزال طالبا، لسداد نفقات تعليمه.

وقال إنه رفض زرع سن من الفضة له عندما التحق في القوات المسلحة، لأنه أراد أن يتذكر ذلك الحادث كلما نظر في المرآة.

وبعد تخرجه من الكلية الحربية السودانية عام 1967، خدم في الوحدة السودانية التي أرسلت إلى مصر للمساعدة في حرب الاستنزاف مع إسرائيل، والتي بدأت في أعقاب حرب الأيام الستة.

وانضم وهو ضابط صغير في قوات المظلات، إلى الجناح المسلح للحركة الإسلامية التي انفصلت عن جماعة "الإخوان المسلمين"، وحكمت السودان منذ تولى البشير منصبه.

وقام البشير رئيس المجلس العسكري الذي استولى على السلطة عام 1989 بحل المجلس عام 1993، وحكم البلاد منذ ذلك الوقت بقبضة من حديد. واتهمته جماعات حقوقية باللجوء الى اللعنف والتعذيب للتخلص من خصومه السياسيين.

إرث دارفور

غير أن أبرز ما اتسم به حكم البشير هو رده على التمرد في إقليم دارفور الغربي. وفي مواجهة الأمر بالقبض عليه الذي أصدرته المحكمة الجنائية الدولية بسبب مقتل عدد يقدر بنحو 300 ألف شخص في دارفور، ركز البشير على بقائه، وتشبث بالسلطة كدرع يحميه من محاكمة تشبه محاكمة الرئيس اليوغوسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش.

وتحدى المحكمة الدولية، وواصل زياراته للدول الأجنبية الصديقة، محاولا إظهار أنه لم يذعن للأمر الدولي بالقبض عليه الذي أصدرته المحكمة.

وسعى الى اللعب على الخلافات الإقليمية والدولية في تحسين وضع السودان. ففي عام 2013 استضاف الرئيس الإيراني حينذاك محمود أحمدي نجاد في الخرطوم.

وبعد عامين، انضم البشير الى التحالف الذي تدخل بقيادة السعودية في الحرب الأهلية اليمنية، وذلك في إطار استراتيجية لاحتواء النفوذ الإيراني المتزايد.

كذلك، سعى الى التودد لتركيا وروسيا، في وقت صعدت الخرطوم تعاونها الأمني مع واشنطن، على أمل التعجيل في رفع العقوبات المفروضة على البلاد. وقد رفعت العقوبات عام 2017.

والآن، في مواجهة أخطر تحد لحكمه حتى الآن، سيعول البشير على الدعم المتواصل من المؤسسة الأمنية التي رعاها على مدى 30 عاما في الخروج من الأزمة.

وخاطب الشباب هذا الشهر وهو يرتدي جلبابه الأبيض، ويلوح بعصاه التي اشتهر بها، فقال: "هذه البلاد ملككم، والمستقبل ملككم. وبلدنا إذا حصل فيها ما حصل في بلاد أخرى، إلى أن سنذهب؟ سنصبح لاجئين؟... لا سنموت هنا، ونُدفن هنا".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم