السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

خطبة الجمعة في مصر... هل بدأت الحرب الفكرية ضد الإرهاب؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
خطبة الجمعة في مصر... هل بدأت الحرب الفكرية ضد الإرهاب؟
خطبة الجمعة في مصر... هل بدأت الحرب الفكرية ضد الإرهاب؟
A+ A-

والعنوان الرئيسي لخطبة اليوم هو "سمات وسلوك الشخصية الوطنية في ضوء الشرع الحنيف"، وتذاع هذه الخطبة الموحدة التي تضع خطوطها الرئيسية وزارة الأوقاف المصرية، في عشرات الآلاف من المساجد. وتشير بعض التقديرات إلى أن هناك قرابة 30 ألف مسجد في أنحاء مصر.

وأبرزت وسائل الإعلام المصرية بشكل خاص الخطبة التي ألقاها الشيخ أسامة الأزهري مستشار الرئيس المصري للشؤون الدينية، من مسجد "الفتاح العليم" بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي قال فيها: "إن من يصور الوطن بأنه حفنة تراب، هو تحقير لما عظمه الله عز ودل، بأن الوطن شعب وعلماء ومفكرين وعباقرة ومكانة مهيبة في الدنيا بأكملها".

"جيد ولكن"

يقول منير أديب الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي لـ"النهار": "جيد أن يكون مفهوم خطبة الجمعة مختلفاً، وأن تتم مناقشة القضايا الأهم بالنسبة للناس، وما يحتاج الناس إلى الاستماع إليه، بمعنى أننا نواجه خطر جماعات لا تؤمن بالوطن، وتكفر بفكرته، وبالتالي من المهم أن نتحدث عن فكرة الوطن، وكيف كان النبي يعشق وطنه، وأن حب هذا الكيان السياسي والاجتماعي من الإسلام، وحين أخرج النبي من مكة قال (والله لولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت). أن يقال كل هذا في خطبة جمعة، فهذا مهم".

هناك "إشكالية كبيرة" يراها أديب "وهي أن أغلب ما يطرح في خطب الجمعة، ليس من أولويات الناس، فهي تعرض بشكل غير جذاب، ومع هذا نتمنى أن يبنى على ما قيل اليوم في خطبة الجمعة، وأن تقدم سلسلة من الخطب المتصلة في الأسابيع المقبلة، حتى تصل الرسالة بشكل صحيح لكل المسلمين في كل المساجد بمصر".

ويطرح الخبير في شؤون الإرهاب الدولي سؤالا: "هل هذه بداية المواجهة الفكرية؟"، ثم يجيب: "أتصور أن المواجهة يجب أن تكون أعم وأشمل من ذلك، فخطبة الجمعة جزء من هذه المواجهة، وأحد الأدوات البسيطة، خاصة وأن هناك الكثير من الأدوات التي يجب أن تستخدمها المؤسسة الدينية بأفرعها الثلاثة (الأزهر، الأوقاف، دار الإفتاء)، بحيث يناقشون القضايا التي يحتاجها المجتمع بالطريقة التي يفهمها الناس، ليصلوا إلى فكرة صناعة جدار فاصل بين أفكار التنظيمات الإرهابية التي تنجح من خلالها في تجنيد آلاف بل عشرات الآلاف من الشباب الذين ينجرفون نحو هذا الطوفان المتطرف".

ويضيف "يمكن أن ينجرف شخص نحو هذه الجماعات، وهذا يحدث بصورة متسارعة، وهناك تجارب كشفت عن أن أشخاصا كانوا في أقصى اليسار فكريا ثم انجرفوا لأقصى اليمين، وهذا ليس في مصر فحسب، ولكن في حدث في بلدان أخرى أيضا، بل أنه في بعض الأحيان ينجرف بعض الجنائيين إلى تلك التيارات، وهذا الجدار الفكري العازل سوف يقي هؤلاء ويقي المجتمع من الانجراف لتلك التيارات الإرهابية".

"تأثير كبير"

ويقول عمرو عبد المنعم الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية لـ"النهار": "المسجد لا يقل أهمية عن أي وسيلة إعلامية أخرى، فلو قمنا بحساب الذين يحضرون صلاة الجمعة في كل أسبوع سنجده عدد ضخم للغاية. ووفقا لإحصائية حصلت عليها قبل نحو عامين، فإنه إذا كان في مصر 40 مليون مواطن قادر على الحركة، فإن من بينهم قرابة 20 إلى 25 مليون يذهبون لصلاة الجمعة، وهذا العدد الضخم يتلقى المفاهيم الدينية بشكل مباشر، وهذا مهم للغاية".

ويضيف الباحث: "خطبة الجمعة اليوم كانت عن الوطن والوطنية. في الجماعات الإسلامية، سنجد أن مفهوم الخلافة متغلغل جدا، ولا يفهم أعضائها أن الوطن كيان مهم. مفهوم الانتماء للدين، والأسرة، والقبيلة، والوطن هي دوائر متداخلة، ولا يمنع هذا أن ينتمي الفرد لأسرة وفي نفس الوقت ينتمي لدين ولوطن. فكرة اللون الواحد غير قابلة للنقاش لدي تلك الجماعات، وهذا يخالف ما ربي عليه النبي أصحابه".

ويرى عبد المنعم أن "خطبة الجمعة عنصر مهم في مكافحة الفكر المتطرف، وهو يوازي دروس الثلاثاء والأربعاء ما بين صلاتي المغرب والعشاء التي تقدمها الجماعات المتشددة في المساجد. يجب أن نتحدث عن كيفية تعامل المسلم ما بعد سقوط دولة الخلافة، فقد نشأ تصور جديد، وهو ولاية المؤسسات، ولم يعد الحاكم هو الحاكم العام، ولكنه مسير ومدير للأمور في وطن".

وإلى جانب الخطبة يجب أن تأتي الأعمال الدرامية والسينمائية والإعلام وغيرها حسبما يرى الباحث الأكاديمي "ولكن ما زالت خطبة الجمعة والدروس الدينية بالغة الأهمية في المجتمع المصري، فهي لها رونق خاص، وقدسية لدى المواطنين، وهذا لا يقلل من أهمية الوسائل الأخرى التي تصل إلى فئات مغايرة لا تحضر هذه الدروس، مثل الكثير من النساء والأطفال وغيرهم ممن لا يذهبون إلى صلاة الجمعة أو إلى الدروس الدينية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم