الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"لعبة الكلمات الوزارية المتقاطعة"

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
A+ A-

يتردد ان التاريخ يعيد نفسه، لكنه في لبنان ليس كذلك، لأننا ما ان نخرج من أزمة حتى نغرق بها مجدداً، فتاريخنا ازمات متواصلة، وحاضرنا استمرار لهذا التاريخ السيئ الذكر، والذي كلما استعدنا فصولاً ظننا اننا نسيناها أو تجاوزناها، يعيدنا الواقع المرير اليها.

في العام 2008، كتب عميد "النهار" آنذاك غسان تويني تحت عنوان "مطلوب حكومة لا توزع حقائبها جوائز على المتحاربين" سائلاً: متى يدرك الرئيس السنيورة المستقيل المكلّف، انه، بانسياقه مع "نقابة أمراء الحرب" ورؤساء الميليشيات المتنكر بعضها أحزاباً في ما سميناه "لعبة الكلمات الوزارية المتقاطعة" حول توزيع الحقائب، انما يسير بالحكم اللبناني نحو تقاسم هذه الحقائب وكأنما المطلوب هو إقامة "فيديرالية" بين الوزارات فيحكم كل وزير حقيبته بعد أن "ينالها" وكأنه يذهب بها إلى قبيلته، بل بيته يخزنها هناك، ليتملّكها باستقلال عن سائر الوزراء...؟

في حين أن الحكم مفروض فيه أن يكون "متكاملاً" فلا تكون "خارجية" هذا الوزير هي سياسة خارجية حزبه، بمعزل عن "داخلية" ذلك الوزير، ناهيك بأشغالٍ عامةٍ تصبح أشغالاً خاصة... ويتحقق هكذا، "من فوق" التقسيم الذي لم تفلح في تحقيقه "من تحت" الحروب المسمّاة "أهلية" والتي مزّقت الجسم اللبناني، أرضاً ومجتمعاً، ومع ذلك استمدّ الحكم عنوان وحدة الوطن والسيادة والاستقلال... وإذا بالاستقلال يصبح استقلال "الحقائب" – أي الوزارات – بعضها عن البعض يتصرف بهذه الحقائب الفائز بها وكأن السيادة الوطنية هي سيادة هذا الحزب ووزيره على شؤون وزارته التي تصبح شؤون حزبيته.

والمسألة كانت تهون لو انحصر الأمر بوزارات "الخدمات"، لكن تركيز الصراع بين المستوزرين وموزّريهم على ما ابتكروا له وصف "الوزارات السيادية" هو الطامة الكبرى اذ يؤدّي الى تقسيم ما يفترض فيه أن يكون عنوان وحدة الحكم والوطن... والطامة الكبرى تكون إذا "نال" هذا الحزب او ذاك، او طوّفت هذه الطائفة أو تلك وزارة الدفاع الوطني، ماذا اذذاك؟ يصير لبنان وأمنه وسلامته في مهب رياح العواصف الحزبية والطائفية الهوجاء، وتولد من كل حرب "أهلية" حروب وحروب، بل من كل حادثة محلية تولد حرب تهدّد وحدة الجيش وسلامته وصدقيته العسكرية".

ماذا ننتظر؟

ننتظر من الرئيس المكلف ان يعلن وقف التهافت على الحقائب وكأنها مغانم وأسلاب الحروب التي وقعت والتي قد تقع إذا استمرّت الحال هكذا.

ومن رئيس الجمهورية، انسجاماً منه مع قسمه بالمحافظة على الدستور ووحدة الوطن واستقلاله وسيادته، أن يدعو رئيس الحكومة المكلّف إلى أن يقفل البازار ويعلن أنه ينوي تأليف حكومة تحكم لا حكومة حرب داخلية سرعان ما تشعل نزاعاتها حروباً في الشارع.

ترى هل تسمح الاحزاب بذلك؟ اذا كان الجواب ايجاباً تكون تعمل لمصلحة البلد ولضمان عمل مؤسساته، واذا كان الجواب نافياً فان احزاب لبنان تؤكد مجدداً انها تنطلق وتعمل لمصالح ضيقة بعضها داخلي واكثرها خارجي، وان لا نية لدى القيّمين عليها ببناء وطن، بل باستمرار المزرعة التي تحقق مصالحهم وتضمن وراثة ابنائهم.

[email protected] - Twitter: @ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم