الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رفاق المئة

سمير عطاالله
Bookmark
رفاق المئة
رفاق المئة
A+ A-
منذ عقود تُصدر "الميدل ايست" مجلة شهرية باسم "أجنحة الأرز" على غرار جميع شركات الطيران في العالم. تحتوي "الأجنحة" دائماً على ريبورتاجات فنية أو سياحية من لبنان والعالم، ويكتب افتتاحيتها رئيس مجلس الادارة الاستاذ عبد الرحمن محمد الحوت، عن آخر اعمال الشركة. افتتاحية العدد الأخير كانت شيئاً لا يُتوقّع في أي بلد: محمد الحوت يكتب، في ذكرى مائة عام على ولادة ادمون نعيم، رجل لم يكن له أي علاقة بالطيران.علاقته العضوية كانت بالقانون والعلم والنزاهة والضمير. ومحمد الحوت يروي، كيف ساهم ادمون نعيم، حاكم البنك المركزي، في إنقاذ "الميدل ايست" وحمايتها من الانياب الكاسرة. ولو شاء ان يتعدى نطاق منصبه، لروى كيف قام الحقوقي الكبير بحراسة البنك المركزي بنفسه. وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، أو المصرف، أو أي مصرف في العالم، اتخذ الحاكم لنفسه شقة من غرفتين ينام فيها ويتناول الطعام الذي يطهوه بنفسه. خاف نعيم على الخزنة من رجال الكاوبوي الفالتين في الاحياء والازقة، وقرر ان يحميها بصدره لأن في قلبها امانة لبنان واللبنانيين، فقراء واغنياء: الليرة.رجل آخر كاد ينقل مسكنه الى البنك المركزي، كان سليم الحص، الذي كرَّم الاسبوع الماضي في تسميته "المركز العربي لتطوير القانون والنزاهة". هو أيضاً قام على حراسة الذهب على رغم كل التهديدات. ولقد تعلم وعلّم في الجامعة الاميركية أن الدول الهزيلة الاقتصاد هزيلة الاستقلال أيضاً. ونَحَتَ سليم الحص حياته بيديه نصباً تذكارياً نادراً للإرادة الأخلاقية والترفع عن جميع مغريات السياسة. لا دور ولا قصور، بل شقة صغيرة في حي عائشة بكار. وترف وحيد هو الكتب، وكل ما عداها لا جديد فيه. وسكينة نفسية مثل حصن عالٍ لا يستطيع أحد الوصول إليه، في الحرب وفي السلم وفي الصراع وفي تهافت المتهافتين على الحقائب والشنط والأكياس، وظل سليم الحص صامداً كأنه في بلد غير هذا. لم يخرج لحظة عن أدبه الجمّ. ولم ينزل مرة الى حقارة الثأر....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم