السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم... محمد بطل في السباحة

المصدر: "النهار"
مروة فتحي
لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم... محمد بطل في السباحة
لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم... محمد بطل في السباحة
A+ A-

الإعاقة ليست في الحواس لكن في الإرادة. هذا ما أثبته الطفل المعجزة محمد حسن "١٢ عاما". رغم تعدد اسباب إعاقته، تمكن من حصد عديد من البطولات والميداليات الذهبية في السباحة، لم يتمكن الأسوياء من تحقيقها، معتمداً على حاسة اللمس التي عوضه الله بها، واستطاعت أسرته ومدربه تنميتها لدرجة جعلته يتفوق على أقرانه.

"النهار" التقت بوالدة الفتى، السيدة هند محمود لتتعرف إلى قصته، وطريقة تعامل أسرته معه وكيفية ممارسته السباحة وتفوقه بها.


تقول السيدة هند محمود والدة محمد لـ"النهار": "ولد محمد في شهره السابع مع شقيق توأم كان طبيعياً، لكن محمد دخل حضّانة ظلّ فيها ٣٩ يوماً، ولأن جرعة الأوكسجين التي أخذها على جهاز التنفس الاصطناعي كانت زائدة عن اللازم، كان لذلك تأثير سلبي، إذ فقد البصر بسبب حدوث تليف وانفصال في الشبكية، واكتشفنا فقده السمع في الشهر السادس، وبعد أن أتم عامه الأول تم إجراء مقياس للسمع وكانت نسبته في أذن واحدة ٢٠٪ وفي الأخرى كانت معدومة تماماً، وبالتالي أصبح محمد "كفيفاً وأصم وأبكم"، وتعاملنا معه في البيت من خلال حاستي اللمس والشم، وعندما أتم عامين ونصف العام أحضرت له اختصاصياً لتنمية مهاراته بعد أن نصحني الأطباء بذلك لأن حالته نادرة ولن يستطيع أحد التعامل معها سواء فى مصر أو بالخارج، وكان الاختصاصي يتعامل معه على أنه طفل عادي واستمر معه حتى عامه الثامن، حيث تعلم محمد معه تركيب البازل وبعض المهارات اليدوية كتركيب الإكسسوارات، ولأن أشقاء محمد كانوا يذهبون للنادي فكان الاختصاصي يأخذه ويذهب معه إلى هناك، وكان يفاجئني بأشياء مختلفة يعلمها لابني، فذات مرة أحضر له دراجة هوائية كي يعلمه كيفية قيادتها، ومن خلاله اكتسب محمد مهارات ممتازة".

"عندما أتم محمد الخمس سنوات أجريت له عملية زرع قوقعة وتم تركيب سماعة له، ولكن جاءت كل هذه المحاولات دون جدوى، كما ذهبت معه لأحد المنتجعات اللبنانية التي تحتضن الحالات الشبيهة لكن عندما وصلت اكتشفنا أن هناك حالتين فقط بالمنتجع وحالة ابني أفضل منهما لأنني أتعامل معه على أنه طفل طبيعي، وعندما أتم محمد عامه الثامن، وذات مرة وهو في النادي ومعه اختصاصي المهارات الخاص به أحبّ حمام السباحة بمجرد أن لمس الماء، وعاد وبنطاله مبتل وعلمت أنه كان يريد أن يظل به وألا يذهب للبيت، ووقتها كان هناك فريق لذوي الاحتياجات الخاصة يتدرب على سباحة في النادي بقيادة كابتن طه خضر وعندما سأله اختصاصي المهارات حول إمكانية تدريب محمد وافق، وكان محمد يعتبر هو الوحيد المتعدد الإعاقة بين أقرانه في التدريب".

"بعد ثلاثة أشهر من التدريب بدأ محمد يستجيب لمدربه عن طريق شقيقته عهد "١٤ عاما" فبدأت تنزل معه حمام السباحة لكن الاتحاد العام للسباحة قال إنه لا بدّ أن ينزل بمفرده، وبدأ الكابتن يعطيه إشارات باللمس والشم وتمكن محمد من تعلم أربعة أنواع من السباحة هي "باك، كرول، برست، حرة" معتمداً على يديه بدلا من عينيه، وفي البداية كان يشترك في البطولات الخاصة بالمعوقين ذهنياً وحصد ذهبية المركز الأول في كل بطولة جمهورية، ومع إقامة قسم للمكفوفين منذ عامين بدأ يشارك في بطولات للسباحة مع المكفوفين وحصد عديداً من الميداليات الذهبية، بالإضافة إلى الفضية، كما شارك محمد في بطولة المياه المفتوحة في الإسكندرية مسافة ٢٥٠ متراً وحصد المركز الأول كذلك".

"بسبب الإعاقات المتعددة لمحمد لم يتمكن من دخول المدرسة لأنه لن يتمكن أحد من التعامل معه، ولكن هناك اتجاهاً من قبل وزارة التربية والتعليم المصرية لإنشاء فصول لمتعددي الإعاقة، لكن الموضوع قيد الدراسة ولكنني سجلت اسم محمد في الوزارة، وحرصت منذ البداية على تعليمه، من خلال مدربة خاصة، المهارات المتعلقة بالأكل والشراب والتواليت ليطلبها مني دون شعور بالحاجة إليها، وكان ذلك أهم شيء بالنسبة لي، ويتسم محمد بأنه صبور للغاية، وهذا يساعده في القيام ببعض الأشغال اليدوية وعمل عقد جميل بالخرز، كما أستعين به في المطبخ كثيرا، فأعطيه الملوخية لتجهيزها أو الخبز ليقطّعه عندما أعد الفتّة، كما أنه منظم ويعتمد على نفسه في ترتيب احتياجاته اليومية".

 وتضيف: "أتمنى أن يتعلم محمد ويستطيع أحد أن يتواصل معه تعليمياً، ومن المقرر أن يتم تصنيف محمد خلال أذار القادم للمشاركة في الأولمبياد الخاص في طوكيو ٢٠٢٠، وأتمنى أن يحصد مركزاً متقدماً ويمثل مصر في السباحة للمكفوفين".


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم