الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سحر نجا محفوظ لـ"النهار": علينا الارتقاء للوصول إلى الطفل ومحاكاة فكره

المصدر: "النهار"
الشارقة- شربل أبي منصور
سحر نجا محفوظ لـ"النهار": علينا الارتقاء للوصول إلى الطفل ومحاكاة فكره
سحر نجا محفوظ لـ"النهار": علينا الارتقاء للوصول إلى الطفل ومحاكاة فكره
A+ A-

إن الحديث عن الأطفال والغوص في عوالمهم والتعامل معهم قد تكون من أكثر الأمور تعقيداً  للكبار، وذلك لأسباب عدة. فـ"الراشدون يحبّون الأرقام، هم غريبو الأطوار، يرون بعيونهم لا بقلوبهم..."، كما يقول أنطوان دو سانت إكزوبري في كتابه الشهير "الأمير الصغير". لكن، هذا لا يعفي الراشد، لا سيما الأهل، من مسؤولياتهم حيال الأطفال، خصوصاً أنّ الطفل يكون كالورقة البيضاء خاماً، أي شيء يخدشها ويلوّثها.

منطلق كلامنا هو تمهيد للحديث عن أدب الأطفال ودوره وأهميته وصعوبة كتابته وحساسيته ومكانته اليوم في عالمنا العربي مع الكاتبة اللبنانية المقيمة في #الإمارات سحر نجا محفوظ، التي كان لنا لقاء معها على هامش #معرض_الشارقة_الدولي_للكتاب 2018، والتي في جعبتها كتبٌ عدة مثل: "أمي شنطة سفر"، "أحمر حلو"، "خمس حواس"، "صانعة الحكايات"، حبات المطر غزل البنات"، "ليتني أقول لا"... إلخ.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/BrKt7bKHsVZ/?utm_source=ig_twitter_share&igshid=1w8e8o9i4dk80]]

- نستهلّ حوارنا بسؤال عن دور الأمومة في كتابتها القصة، وعما أضفته من أفكار ومفاهيم جديدة.

إن الدخول في عالم كتابة القصة لم يكن يوماً من أولوياتي أو حتى يستهويني، لا سيما أني آتي من خلفية مختلفة تماماً. لكن بعدما أصبحت أمّاً بدأت أقرأ القصص لأولادي، وكنت كذلك أكتب لهم بعضها وأتلوها على مسامعهم نظراً لعدم توافر القصص وانتشارها كما هو حاصل اليوم. لكن مصادفة جميلة حدثت معي حضّتني على الكتابة وساعدني توافر دور نشر تبنّت قصصي في بداياتي. لا شك في أن مادة قصصي الأولى استوحيتها من تجارب مع أولادي، لكن ليس شرطاً أن تكون الكاتبة أماً، إذ إن المهم هو امتلاكها تجربة.

- وعن الغزارة في نتاجك وعدم وقوعك في التكرار؟

ثمة أمران أساسيان: الغزارة تجلت في آخر أربع سنوات حيث تفرغت للكتابة، وبتُّ أراقب أكثر. الأمر الثاني، للكاتب أفكار كثيرة لكن أحاول اختيار الأفضل والأكثر دلالة والاطلاع دائماً على كل جديد.

- تشدّدين في قصصك على إشكاليات من نوع تقبّل الآخر، التسامح والمحبة، برأيك هل القصص هي وسيلة أخرى للتعليم، بعيداً من الوعظ الذي غالباً ما ينفر منه الولد؟

أحاول دائماً في قصصي أن أجد الفكرة التي سأوصل بها رسالتي، أو القالب الذي سيحتضن أفكاري. لدي اقتناع تام بأن لدى كل واحد منا ما يميّزه، لذا من المهم تعريف الطفل بأن ثمة طفلاً آخر شبيهاً به. مثلاً، قصة "حروفي ترقص" استوحيتها من حالة ابني الذي كان يعاني قصراً في النظر ويخجل من وضع النظارة، فكتبت له قصة عن بطل يعاني حالته وفي اليوم التالي وجدته ينظف نظارته بحماسة ويضعها بطيبة خاطر. وقد استرعى انتباهي في أحد المعارض إحدى العبارات اللافتة: علينا أن نرتقي لنصل إلى الطفل وفكره. وهذه العبارة تستدعي منا التفكّر بها جيداً ولا سيما في الناحية التربوية، والتعاطي مع أطفالنا بمسؤولية كبيرة.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/BqhB9urnj04]]

- إدخال عنصر الخيال في كتاباتك، هل تأتّى بعدما قلتِ كل شي عن الواقع أو بحثاً عن زاوية جديدة في المقاربة والطرح؟

في البدايات لا بدّ من بعض التعثّر للتعلّم قبل أن تختمر التجربة؛ وإدخالي عنصر الخيال في قصصي هو نتيجة نضوج في التعبير والمقاربة. نقاطعها بالسؤال: وهل التركيز على الخيال يُحيدك عن تقديم عبرة ما؟ ليس لزاماً أن تضمّ كل قصة عبرة، فالقراءة هي متعة أولاً. كل طفل لديه طريقة مقاربة، ويجب منحه تالياً فرصة إيجاد نفسه وتنمية حرية التفكير لديه والاستنتاج والابتكار. لا بأس أحياناً بالنهايات المفتوحة مع الابتعاد عن التلقين.

- تعتبرين أن الكتابة للطفل كالسير في حقل ألغام، وهل وجود خطوط حُمر يتنافى مع مضمون القصة؟

إن المجتمعات العربية هي مجتمعات محافظة عموماً، ولا بدّ من احترام تقاليد كل مجتمع وخصوصياته. أحاول في كتاباتي أن أحافظ على هذا الخيط الرفيع، وهو طبعاً لا يتنافى مع فكرة القصة ومضمونها ومتعتها، لا بل قد يشكّل عاملاً إيجابياً لناحية الابتكار والأسلوب المتبّع.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/BpBWCiXHduV]]

- إن جيل اليوم هو ابن الآيباد والأيفون، إلى أي مدى ما زلت تتلمسين تقبّلاً للقصص المكتوبة وكيف يمكننا تعزيز علاقة الولد بالكتاب؟

لا نستطيع اليوم التغاضي عن الثورة التكنولوجية ودفن رؤوسنا في الرمال، وثمة في كل وافد جديد الإيجابي والسلبي. فالـ "آيباد" كما يستعمل للألعاب، يمكن استخدامه للقراءة والمطالعة. وليس صحيحاً أن أطفال اليوم لا يستميلُهم الكتاب، واهتمامهم هو الخليوي والآيباد. فالولد إذا اعتاد منذ صغره القراءة والقصص، فلن يفقد هذه الميزة. وقد روت لي إحدى الصديقات أنها قدّمت إحدى قصصي لابنها، لتُفاجأ به يحتفظ بها بجانبه في السرير يقرأ فيها. حتى إنه أخبرها في اليوم التالي أنه يريد التعرف بكاتبة القصة. واستطراداً نسألها: هل من نصائح للأهل لتشجيع الأولاد على القراءة؟ لا شك في أن للمدارس دوراً في زرع حبّ القراءة في نفوس الأولاد، وفي تنظيم اجتماعات للأهالي للتبيان لهم عن أهمية المطالعة والقصة ومدى حماسة الولد وغبطته في سماع القصص وقراءتها.

[[embed source=instagram id=https://www.instagram.com/p/Bo9S6O2n3ML]]

- هل للقصة دور توعوي مواكب لقضايا المجتمع عدا عما تقدّمه من متعة؟

إلى جانب المتعة والمعرفة تضطلع القصة بالتأكيد بدور توعوي هادف يواكب قضايا المجتمع. فاليوم، مثلاً، يعاني العالم العربي مشكلات وقضايا عدة كالحروب والهجرة القسرية والقتل والتشرّد، والتي تنعكس سلباً على الأطفال وتترك ندوباً حسية ومعنوية. وهنا ثمة مسؤولية ملقاة على عاتق الكاتب في المساعدة، وخصوصاً في عالمنا العربي في ظل تقصير كبير من الحكومات في أداء دورها. وفي هذا السياق، صدر لي أخيراً قصة "زجاجات الشمس" التي تتحدث عن الأطفال اللاجئين، كما زرتُ مع مجموعة عدداً من المخيمات حيث أقمنا ورشاً للقراءة ووزعنا القصص.

- برأيك، ما معيار الكاتب الناجح؟

على الكاتب الناجح أن يمتلك عفوية في التعبير وانسيابية وقدرة على تبسيط أفكار قد تكون معقدة وصعبة. برأيي، من المهم عدم الإطالة في المقدمة لعدم تشتيت اهتمام الولد الذي يملّ سريعاً، وتضمين النص بالتشويق والإثارة والحشرية اللذيذة.

- نصيحتك للأهل؟

من المهم أولاً وثانياً وثالثاً الاستماع إلى الولد والإصغاء إلى ما يريد قوله، والبحث عن المواضيع الغريبة والجديدة التي تستثير اهتمامه وتحاكي مخيلته.

- هل أنت راضية اليوم عن أدب الأطفال؟ وإلى أي مدى لا تزال دور النشر تؤمن بهذه القصص وتدعم نشرها؟

شهدنا منذ نحو 10 سنين نقلة نوعية في كتابة قصص الأطفال وتقدماً ملحوظاً، بعدما كنا نجترّ الكتب المترجمة والقديمة. اليوم ثمة كتاب قصة متميزون، كما ثمة تميّز إنتاجاً وإخراجاً ورسوماً.

- ما الذي يمنحك الحافز للاستمرار في الكتابة؟

أعتقد أن شغفي في الكتابة هو ما يحضّني على الاستمرار، وأن أرى أنني استطعت إحداث فارق وتغيير، حتى ولو كان صغيراً. وفي آخر النهار علينا أن لا نرفع من سقف التوقعات.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم