الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المأزوميّة الراسخة ومكر التاريخ

كمال بكداش
Bookmark
A+ A-
الحلقة الثانية والأخيرة من مقال كمال بكداش أمس الأول الخميس 6-12-2018: مستقبل الصيغة اللبنانية - "العائلات الروحية" كاسم مستعار".-5-لا يتعارض ما تقدّم حول توقّع استمرارية الصيغة، في المستقبل المنظور على الأقل، مع الإقرار الذي يجمع عليه الناس والسياسيون على السواء بتأزّم تطبيقها منذ ما بعد الطائف وتفاقم هذا التأزّم منذ اغتيال رفيق الحريري وما أعقبه من تحولات.لقد أُرسيَ في ما بعد الطائف وبرعاية سورية توازنٌ غير متوازن في مؤسسات الحكم تغلُب فيه القوى السياسية الممثّلة للطوائف الإسلامية (المستقبل، أمل، جنبلاط، حزب الله) فيما تتهمّش فيه الطوائف المسيحية التي لم تعد تملك أصلاً "قوى" سياسية نافذة وفاعلة (عون في المنفى، وجعجع في السجن)، وبات ينطق بإسمها "شخصيات" يسهل إستتباعها إلى هذه القوة الإسلامية أم تلك، أو إلى الوصي السوري مباشرة. وأُرسيَ كذلك، وبالرعاية السورية نفسها، "تقسيم وظيفي" يتولى فيه حزب الله مهام مقاومة الإحتلال الإسرائيلي ومسؤولية الأمن في المناطق التي يتواجد فيها، فيما تتولى القوى الإسلامية الثلاث الأخرى (المستقبل، أمل، جنبلاط) و"حلفاؤهم" المسيحيون مهام إدارة "الدولة"، ولاسيما تقرير كيفية تخصيص مواردها المالية – التي تعاظمت بالديون والقروض والهبات والمساعدات... – على مشاريع الإعمار والإنماء في المناطق، وكذلك كيفية "ملء الشواغر" في الوظائف بالمحازبين (الذي أفضى في نهاية المطاف إلى الإخلال بـ"التوازن الطائفي" في الإدارة).لقد انهار هذا التوازن اللامتوازن وهذا التقسيم الوظيفي باغتيال رفيق الحريري وإنسحاب القوات السورية من لبنان. ولوهلة حاولت القوى السياسية الإسلامية في انتخابات 2005 أن تحافظ على هذا التوازن في خشية جماعية من عواقب تنامي الصوت المطالب بـ"الحقوق المسيحية"، وذلك باتحاد هذه القوى في تحالف رباعي أظهرها بمظهر قرابة عائلية مع قبيلة حاشد. وبالرغم من قانون انتخابي جائر بحق المسيحيين حقَّقت قواهم السياسية التي استعادت نشاطها العام (التيار العوني، القوات اللبنانية، الكتائب...) نتائج طيبة سوف يؤرَّخ بها، على ما يُعتقد، كبداية لانفكاكها التدريجي عن الاستتباع للقوى السياسية الإسلامية، ولسعيها إلى إرساء توازن سياسي جديد في مؤسسات الحكم.وبالإضافة، أطلقت المطالبة بـ"الحقيقة والعدالة" في قضية اغتيال الحريري، ومن ثم عواقب حرب تموز عام 2006 وصولاً إلى "غزوة المدينة" عام 2008، انشقاقاً لا سابق له ولا أعمق...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم