الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رزم من الأوراق النقديّة كُوِّمَت في الشارع! مليارات اختُلِست، وفيديو للتّنبيه!

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
رزم من الأوراق النقديّة كُوِّمَت في الشارع! مليارات اختُلِست، وفيديو للتّنبيه!
رزم من الأوراق النقديّة كُوِّمَت في الشارع! مليارات اختُلِست، وفيديو للتّنبيه!
A+ A-

"جبل" من الاوراق النقدية بعلو "نحو 4 أقدام"، رزم تكوّمت فوق بعضها البعض، جنبا الى جنب، في مشهد استوقف كثيرين، ودفع العديدين الى تصويره. "مليارا دولار" عُرِضا في الشارع، مجموع اختلاسات مالية قام بها سياسيّون ومتنفذون في مواقع القرار، "وتمّ استرجاعها"، وفقا للزعم. فيديو يصوّر أكواما من الاموال المضبوطة "في البرازيل"، وقد تفاعل معه لبنانيّون بكثافة على وسائل التواصل الاجتماعي، آملين في أن يشاهدوا أمرا مماثلا في بيروت يوماً ما. ولكن ما القصة وراء هذا الفيديو؟ وما حقيقة هذه الاوراق النقدية؟ وهل عُرِض "مليارا دولار" في احد الشوارع في البرازيل؟ ولماذا؟

"النهار" دقّقت من أجلكم.

الوقائع: "بالفيديو- البرازيل تعرض اكثر من بليوني دولار في الشارع استُرجِعَت من سياسيّين اختلسوها!" وأُضيف في بوستات أخرى: "هل يأتي يوم ونشاهد مشهدا مماثلا في ساحة ببيروت؟" في المشاهد المصوّرة، تظهر رِزَمٌ كبيرة لما يبدو انها اوراق نقدية كُوِّمت فوق بعضها البعض. وقد غُلِّفت بالنايلون، ووضعت جنبا الى جنب، مع لافتات سوداء صغيرة بالبرتغالية عند كل رزمة للشرح. دقيقة و55 ثانية مدة الفيديو، ويظهر فيه ايضا اشخاص يصورون رزم النقود، بينما تقوم الكاميرا بجولة حولها، من دون تعليق.

التّدقيق:

-بحث على الانترنت يبيّن ان الفيديو يعود إلى 29 آب 2017 على الاقل. المكان الذي التقط فيه: الوسط التجاري لكوريتيبا، عاصمة ولاية بارانا في جنوب البرازيل.

-في التفاصيل، "من مرّوا في الوسط التجاري لكوريتيبا الاثنين 28 آب 2017، امكنهم رؤية جبل من الاوراق النقدية في الشارع XV دي نوفامبرو"، على ما يكتب موقع "G1 Globo".

-ما يجب معرفته عن جبل النقود هذا ان "الاوراق النقدية زائفة"، على ما يؤكد الموقع. وقد وُضِعت في هذا الشكل "السينوغرافي"، بتعبير موقع "noticias uol " البرازيلي، للفت انتباه المارة الى الـ"4 مليارات ريـال برازيلي"، وهي القيمة المقدّرة للاموال المختلسة، في إطار عملية "لافا جاتو" التي أُطلِقَت في 17 آذار 2014 في البرازيل"، وايضا للتسويق للعرض الاول لفيلم سينمائي برازيلي يتناول هذه العملية.

-عنوان الفيلم الذي صُنِع من أجله "جبل النقود" هذا، هو:

"Polícia Federal – A Lei É Para Todos" (الشرطة الاتحادية- القانون للجميع). ويمكن ايجاد صور رزم الاوراق النقدية الظاهرة في الفيديو المتناقل، في صفحة الفيلم في "الفايسبوك". تاريخ العرض الأول: 7 أيلول 2017.

-في التوصيف، انه فيلم "اثارة، بوليسي" مستوحى من كتاب وضعه كارلوس غرايب وآنا ماريا سانتوس عن عملية "لافا جاتو" التي تعتبر من "أكبر التحقيقات القضائية حول الفساد وغسل الأموال في البرازيل". الفيلم من اخراج مارسيلو انتونيز، وانتاج توميسلاف بلازيك. مدته 107 دقائق، وكلفته نحو 16 مليون ريـال برازيلي، وفقا للمعلومات عنه. وقد ادى ادوار البطولة فيه: انطونيو كاللوني، فلافيا اليساندرو، بروس غوملفسكي، جواو بالداسيريني، راينر كاديت، وآري فانتورا.

-ما هي عملية "لافا جاتو" التي استوحيت منها وقائع كتاب الفيلم؟

انها تحقيق باشرته الشرطة الفيدرالية البرازيلية في آذار 2014، حول قضية فساد وغسل اموال توّرط خصوصا شركة النفط الوطنية "بتروبراس". والتحقيق الذي حمل اسم "الغسل السريع" قاده القاضي سيرجيو مورو، وكشف نظاما واسعا للفساد أقامته مجموعات برازيلية للبناء والأشغال العامة، بينها "اوديبريشت"، لإبرام صفقات مربحة للعقود الثانوية لمجموعة "بتروبراس"، وتوزيع رشاوى على السياسيين، بحيث استغل سياسيون ورجال اعمال كبار عقود بناء مضخمة الكلفة لاختلاس مليارات الدولارات.

وهنا بعض اهم التواريخ المتعلقة بتطوّر التحقيقات في فضيحة "بتروبراس":

19 حزيران 2015: الشرطة البرازيلية توقف رئيسي مجلس ادارتي "اوديبريشت" مارسيلو اوديبريشت، و"اندرادي غوتييريز" اوتافيو ماركيز دي ازيفيدو وغيرهما، بأمر من القاضي مورو.

26 تموز 2015: نقل عدد من المسؤولين التنفيذيين لـ"بتروبراس" من حجز داخل احد اقسام الشرطة إلى مجمع للسجون في منطقة كوريتيبا، لاستكمال التحقيقات معهم (اورونيوز).

في 4 آذار 2016، دهمت الشرطة منزل الرئيس البرازيلي السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا في ساو باولو، واقتادته الى الاستجواب (أ ف ب).

23 ايار 2016: اهتزت الحكومة الموقتة بعد اتهام أحد الوزراء الأساسيين فيها، وهو وزير التخطيط روميرو جوكا، القريب من الرئيس الموقت ميشال تامر، بالسعي إلى إقالة الرئيسة ديلما روسيف لوقف التحقيق في الفضيحة (أ ف ب).

31 ايار 2016: استقالة وزير الشفافية... وتفاعل فضيحة "بتروبراس" (أ ف ب).

15 ايلول 2016: اعلنت النيابة العامة ان الرئيس السابق دا سيلفا كان "القائد الاعلى" لشبكة الفساد في "بتروبراس". واحالت ملف اتهامه بالفساد وتبييض الاموال على قاض (أ ف ب).

26 ايلول 2016: الشرطة اعتقلت أنطونيو بالوتشي، وزير المال السابق وكبير موظفي حكومتي الرئيسين السابقين دا سيلفا وديلما روسيف.

في 21 شباط 2017، أعلن فلاديمير اراس، المدعي المكلف بالشق الدولي من" بتروبراس" أن التحقيق سيتجاوز حدود البرازيل (أ ف ب) الى نحو 10 دول في اميركا اللاتينية وافريقيا تطاولها الفضيحة.

في 15 آذار 2017، وجه النائب العام طلبا إلى المحكمة العليا لفتح 83 تحقيقا ضد سياسيين. ولم تكشف رسميا أسماء الأشخاص الذين وردوا على "لائحة جانو"، لكن وسائل إعلام محلية قالت إن بينهم خمسة من وزراء الرئيس ميشال تامر ورئيسي مجلسي البرلمان. وبين هؤلاء، وزير الخارجية الويسو نونيس المعيّن بدلا من خوسيه سيرا الذي ورد اسمه أيضاً. وذكرت ايضا صحف اسمي دا سيلفا وروسيف. وأرسل طلب النائب العام إلى المحكمة العليا، استناداً إلى اعترافات خطيرة لـ77 من كوادر مجموعة الأشغال العامة العملاقة "اوديبريشت"، بعدما أبرموا اتفاقات مع القضاء لخفض عقوباتهم (أ ف ب).

في 13 تموز 2017، أصدرت محكمة حكماً بسجن دا سيلفا 9 سنوات ونصف السنة (بي بي سي). واعلن انه سيستأنف الحكم.

23 آب 2017: توجيه الاتهام رسميا الى رئيس البرازيل السابق السيناتور فرناندو كولور في فضيحة "بتروبراس" للاشتباه في تلقيه نحو 9 ملايين دولار. وهو ثالث سيناتور يتهم رسميا في هذه الفضيحة المدوية، بعد السيناتورين غليزي هوفمان وفالدير راوب.

في 8 آذار 2018، حكمت محكمة على آلديمير بندين، الرئيس السابق لـ"بتروبراس" ومصرف "بنكو دو برازيل" الحكومي، بالسجن 11 سنة، بعدما دانته بجرم "الفساد السلبي وتبييض الاموال" (أ ف ب).

في 27 ايلول 2018، وافقت "بتروبراس" على دفع غرامة مالية قيمتها 853 مليون دولار، لإنهاء تحقيق فساد ضدها. وقالت في بيان إنها اتفقت على دفع الغرامة مع هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ووزارة العدل الأمريكية. وبدفع الغرامة، ستتجنب ملاحقتها قضائيا في قضايا فساد على الأراضي الأميركية. ومن المقرر أن تتسلم السلطات البرازيلية نحو 682.6 مليون دولار، أي نحو 80 بالمئة من هذه الغرامة، وسيقسم باقي المبلغ بين هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية ووزارة العدل (وكالة شينخوا).

النتيجة: نعم، الفيديو صُوّر في البرازيل، في كوريتيبا بالتحديد. لكن الزعم ان "البرازيل تعرض اكثر من بليوني دولار في الشارع استُرجِعَت من سياسيّين اختلسوها!"، ليس صحيحاً.

اولا، الدافع الى عرض هذه الرزم من الاوراق النقدية في الشارع هو التسويق لفيلم سينمائي برازيلي عن عملية "لافا جاتو" الشهيرة، ولفت الانتباه الى الـ4 مليارات ريـال برازيلي، القيمة المقدرة للاموال المختلسة في هذه الفضيحة، وفقا لتقارير محلية. وبالتالي من يقف وراء هذا العرض هم منتجو الفيلم.

ثانيا، الاوراق النقدية المعروضة ليست حقيقية، بل رمزية.

ثالثا، الزعم ان مجموعها يبلغ ملياري دولار ليس صحيحا ايضا، اذ تمثّل، وفقا لتقارير محلية، 4 مليارات ريـال برازيلي، اي نحو 1,664,391,055.62 مليار دولار، وهي قيمة الأموال المختلسة في اطار عملية "لافا جاتو"، وفقا للتقديرات.

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم