الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تجارب سريرية هي الأولى من نوعها... شركة لبنانية تحارب مرض السكري "بالخلايا المغلفة"!

المصدر: "النهار"
ليلي جرجس
ليلي جرجس
تجارب سريرية هي الأولى من نوعها... شركة لبنانية تحارب مرض السكري "بالخلايا المغلفة"!
تجارب سريرية هي الأولى من نوعها... شركة لبنانية تحارب مرض السكري "بالخلايا المغلفة"!
A+ A-

مشوار الألف الميل يبدأ بخطوة، خطوة اعتزم باحثون لبنانيون على المضي بها بهدف القضاء على مرض السكري. كان التحدي كبيراً، ليس سهلاً ان تخوض غمار التجارب والبحوث على الحيوانات لتحويل النظرية الى حقيقة علمية. باحثون يسهرون، يعملون بدقة وصبر وسرية تامة، ما يختبرونه في مختبرات شركة "بنتا" اللبنانية للصناعات الدوائية لا يعرف به سوى القيّمون على هذه التجارب. يزرعون خلايا مغلفة في انتظار ان تُحدث نتائج واعدة تجعلهم ينتقلون الى خطوة أكبر وحلم قد يصبح ثورة طبية... علاج نهائي للنوع الأول من السكري.

سنتان من التعب والسهر والجهد، لم يكن لدينا فكرة عما يدور داخل تلك الغرف المبردة، بقيت الأبحاث والتجارب سرّية الى حين التوصل الى نتائج مذهلة أجريت على الحيوانات واليوم يستعدون لإطلاق مرحلة التجارب السريرية على البشر.

هذه التجارب التي يتولى إجراؤها قسم التكنولوجيا الحيوية في شركة "بنتا"، هي الأولى من نوعها في لبنان والمنطقة العربية، وتتمّ بالتعاون مع مجموعة باحثين في مجالات الغدد الصمّاء والسكّري والتكنولوجيا الحيويّة والفيزياء التطبيقيّة، ومع شركة Encapsulife في الولايات المتحدة.

من الحيوانات الى البشر 


وفي هذا الصدد، ولمعرفة تفاصيل أكثر حول التجارب السريرية على البشر، أكد مدير قسم التكنولوجيا الحيوية في شركة "بنتا" لصناعة الأدوية الدكتور مارسيل باسيل في حديثه لـ"النهار" ان "اختيار حيوانات يعانون النوع الاول من السكري (الجرذان والكلاب والقرود) كتجارب أولية يعود الى تشابه خلاياها بخلايا البشر وتالياً يعطي نتائج قريبة جداً على الانسان. بدأنا تجربتنا الأولى مع الجرذان ومن ثم الكلاب التي تعاني من السكري ايضاً (الكلب حساس على السكر ويصاب بسرعة بمرض السكري- نوع اول).

كما أجرينا اختبارات على 12 قرداً حيث أخذت خلايا البنكرياس لتغليفها ومن ثم زرعها في اجسام القرود. وقد كشفت هذه التجارب، التي استغرقت حوالى السنة، تقليص كمية الأنسولين الخارجية وزيادة الأنسولين الداخلي وانخفاض مخزون السكري عند القرود دون الحاجة الى اعطائهم أدوية المثبطة للمناعة ودون حدوث اي إلتهابات او رفض نتيجة الزرع. علما ان القرد يحتاج الى 6 مرات أنسولين أكثر من الانسان اي يحتاج الى 6 حقن انسولين في حين لا يحتاج الإنسان سوى الى حقنة واحدة في اليوم".

كيف تتم العملية؟


ولكن ما هذه الخلايا المغلفة؟ يشرح باسيل ان "الخطوة الأولى في هذه التجارب تتمثل بتأمين بنكرياس من متبرع متوفٍ في غضون 3 ساعات لتفتيت البنكرياس الى خلايا صغيرة ومن ثم نغلّفها (حيث تستغرق عملية تصنيع تغليف الخلايا مدة اسبوع) قبل زرعها في جسم الإنسان".

وفي هذا السياق، بدأنا العمل مع مرضى تراوح أعمارهم بين 18 و64 عاماً يستوفون الشروط المطلوبة للمضي في هذه التجارب السريرية. تستغرق هذه الدراسة بين 6 أشهر الى السنة، حيث ستتابع شركة "بنتا" تحليل النتائج وتفاعل هذه الخلايا في جسم المريض. لم نضع هذه المدة عشوائياً وانما نحن نعلم جيدا ان مخزون السكري يحتاج من 2 الى 3 أشهر للإنخفاض في الجسم، بالإضافة الى مراقبة حالة المريض والتأكد من عدم رفض الجسم لهذه الخلايا المزروعة او حدوث اي التهابات. لذلك بعد مرور 6 أشهر على التجارب السريرية للمرضى يمكننا اعلان نتائج هذه التجربة واثبات النظرية المتبناة. انخفاض الأنسولين الخارجي ومخزون السكري وعدم حدوث اي رفض او التهاب. عندما ننجح في تخطي المرحلة الأولى، ننتقل الى المرحلة الثانية التي تتمثل بالمدة التي تتطلب متابعة المزيد من مرضى السكري من كل الفئات وباختلاف انماط عيشهم لإعداد دراسة متكاملة وشاملة حول تفاعل هذه التقنية على مرضى السكري".

زرع خلايا مغلفة


وفق مدير قسم التكنولوجيا الحيوية في شركة "بنتا" لصناعة الأدوية "أظهرت الدراسات التجريبية على الحيوانات ان هذه الخلايا المغلفة عاشت في اجسادهم قرابة السنة، اذا وفق تقدير الباحثين ستكون مدة عيشها في جسم الإنسان تراوح بين السنتين والثلاث سنوات. وحدها التجارب السريرية ستحسم حقيقة المدة الزمنية لبقاء هذه الخلايا في المرضى، علما ان المدة قد تتفاوت من مريض لآخر. ما ينتظرنا ليس سهلاً، التحدي الأكبر يكمن في البحث عن المكان الأنسب لزرع هذه الخلايا لتفرز الأنسولين في جسم المريض.

إذاً، نحن مقبلون على اطلاق تجارب سريرية على البشر بناء عليها ستحسم نتيجة اعلان علاج نهائي للقضاء على النوع الأول من السكري. التحدي اليوم يكمن في ثقافة الوهب من خلال التبرع بالبنكرياس الذي سيسمح لنا بتحويله الى خلايا مغلفة لزرعها ومراقبة تفاعلها في جسم المريض. لذلك تشرف على التبرّع بالبنكرياس البشري لهذه التجارب الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية (NOD-LB) والتي بفضلها سنتمكن من اطلاق هذه التجارب على ارض الواقع واثبات النظرية في إمكان القضاء على السكري كما حصل مع الحيوانات.

الابتكار الثوري


كذلك تسعى شركة "بنتا" الى التنسيق والتعاون مع شركات عالمية بهدف تأمين خلايا مغلفة من البنكرياس من واهبين وارسالها الى لبنان حتى ننجح في تأمين مصدر دائم هو اساس في نجاح علاج السكري. لكن هذه التجارب ما كانت لترى النور لولا قسم التكنولوجيا الحيوية في الشركة، بالتعاون مع مجموعة باحثين في مجالات الغدد الصمّاء والسكّري والتكنولوجيا الحيويّة والفيزياء التطبيقيّة، جميعهم تعاونوا لإطلاق هذه التجارب حيث تمتزج التكنولوجيا مع الطب لإيجاد علاج نهائي للسكري.

اذاً، نحن في انتظار الإتصال من الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية الذي على أساسه سنبني تجاربنا السريرية ونمضي بها في رحلة العلاج والإبتكار الثوري في القضاء على مرض مزمن يرزح تحته آلاف الأشخاص.

تحقيق ما عجز عنه الآخرون


من جهته، أشار رئيس مجلس إدارة "بنتا" برنار تنّوري الى ان "ما نُشر عبر الإعلام ليس سوى عينة صغيرة من أبحاث وتجارب كثيرة تعمل الشركة عليها، لكن الفرق ان التجارب المتعلقة بالسكري أفضت الى نتائج واعدة ووصلنا في هذه الدراسات الى مراحل متقدمة في الدراسات تسمح لنا بتسليط الضوء عليها وإخراجها الى العلن. إذا لا تقتصر دراساتنا وتجاربنا على مرض السكري فقط، بل نعمل على دراسات اخرى متعلقة بمرض الهيموفيليا وإكتشاف السرطان إلا ان تلك الأبحاث ما زالت في طور التطوير والإختبار. والخبر السار انه في حال نجحت اختبارات الهيموفيليا لن يكون على المريض ان يخضع لحقنة كل يومين وانما سيكتفي في اجراء حقنة واحدة كل شهر".

ويشرح تنوري "في الماضي كنا نعلن عن الدواء وإصداره الى العلن، اما اليوم ولأن المسالة اتخذت منحى عالمياً وقد نجحنا في الإختبارات على الحيوانات التي كانت بمثابة اطلاق انجاز هو الأول من نوعه يتخطى مرحلة التجارب على الحيوانات لينتقل الى مرحلة التجارب السريرية على البشر. لقد أثبتنا حقيقة مدى قدرتنا على تحقيق ما عجز عنه الآخرون في هذا المجال، وهذا انجاز بحد ذاته".

علينا أن نثق بأنفسنا

وأشار رئيس ادراة شركة "بنتا" الى اننا "اجتزنا شوطاً كبيراً في رحلة التجارب وحصلنا على موافقة وزارة الصحة والهيئة الوطنية لوهب الأعضاء، ونحن ملتزمون بكل المعايير المهنية والعالمية والأخلاقية. نجحنا اليوم في تطوير هذه التقنية وهدفنا الوصول الى علاج نهائي يقضي على النوع الأول من السكري، ونأمل ان نحقق نتائج مثمرة وإيجابية في هذا الصدد.

نحن نفتخر بفريقنا البحثي وبكفاءات اللبنانيين العلمية، ونؤمن بأن لدينا في لبنان القدرات والمؤهلات التي تتيح لنا تحقيق الإنجازات الطبية على صعيد محلي وعالمي متى توافرت لها الإمكانات التكنولوجية والدعم اللازم".

وفق تنوري لن تقف شركة "بنتا" عند هذا الحد، فهي تعمل على عدد من المشاريع والأبحاث الصحية بتطوير التكنولوجيا لخدمة الطب وتحسين حياة الملايين من الناس حول العالم. لا يحتاج الإبداع الى الدين او اللغة او السياسة بل الى الإنفتاح والإيمان بالمؤهلات والقدرات ضمن الأطر القانونية المرعية. علينا ان نؤمن كلبنانيين بأنفسنا، لا نحتاج سوى للإرادة والجرأة لإطلاق المساريع الإبتكارية في لبنان الى الخارج".


مضيفاً "نحن اليوم ننافس أكبر الشركات والجامعات العالمية في مشروعنا العلمي، لدينا كل المؤهلات والقدرات التي تراعي المعايير العالمية وبالجودة نفسها. ولكن للأسف المؤسسات اللبنانية الحكومية ليس لها ثقة بما نملكه، لدينا امكانات مخيفة وما نعمل عليه سيكون ثورة علاجية في الطب. وبفضل مجهود الباحثين اللبنانيين نجحنا اليوم في اجتياز شوط كبير في الاختبارات والدراسات في حين فشلت أكبر الجامعات والشركات العالمية في تحقيق ذلك".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم