الدول النفطيَّة تتّجه إلى "استراتيجيّات جديدة" لمعالجة الفائض في الأسواق العالميّة

طالب كبار منتجي النفط باعتماد "استراتيجيّات جديدة" قائمة على تعديلات في الإنتاج للتعامل مع اختلال توازن السوق بين العرض المرتفع حالياً والطلب المتدنّي.

في ختام اجتماع في أبو ظبي عقده ممثلو الدول الأعضاء في منظّمة البلدان المصدرة للنفط "اوبيك" ودول أخرى نفطية من خارجها، صدر بيان مشترك وقت كان انخفاض سعر الذهب الأسود يثير مخاوف من حصول انهيار في الأسعار مشابه لما حصل عام 2014. وصرح وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحافيين قبيل بدء الاجتماع بأنّ "المملكة ستخفّض صادراتها في كانون الاول 500 ألف برميل مقارنة بتشرين الثاني".

وقالت الدول المنتجة في بيانها إنّها، إذ لاحظت أنّه بحلول سنة 2019 سيكون نموّ الإنتاج أكبر من الطلب العالمي، سوف تدرس "خيارات لتعديل الإنتاج قد تتطلّب استراتيجيّات جديدة لتحقيق التوازن في السوق". وأكّدت روسيا من جهتها أنّها ستلتزم أيّ اتفاق جديدة للحدّ من الإنتاج.

وأوضح وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي أنّ هدف الدول المنتجة هو إيجاد التوازن المناسب للسوق. وقال: "هناك حاجة إلى استراتيجية جديدة... سواء أكانت خفض الإنتاج أم أي شيء آخر، لكنّها لن تكون زيادة في الإنتاج".

ولكن لم يتخذ قرار مشترك في نهاية الاجتماع. وقال وزراء عدة إنّه ينبغي إصدار التوصيات قبل الجلسة العامة لـ"أوبيك" المقرّرة في 5 كانون الاول في فيينا.

وقد تراجعت أسعار النفط بنسبة نحو 20 في المئة خلال شهر واحد بعدما كانت بلغت مطلع تشرين الاول أعلى مستوياتها منذ أربع سنوات. وقبيل بدء اجتماع أبو ظبي، أكّد الفالح أن لا "توافق" بين الدول المنتجة الرئيسية على خفض إنتاج الخام. وأشار إلى أنّ المملكة تنتج منذ تشرين الاول الماضي 10,7 ملايين برميل من النفط يومياً، تستخدم نحو ثلاثة ملايين منها في الداخل وتصدّر البقية.

وقال نظيره الروسي ألكسندر نوفاك إنّ موسكو ملتزمة تنفيذ الاتفاقات المبرمة في كانون الاول 2016 في فيينا وفي حزيران 2018. وأضاف: "اذا كانت هناك قرارات متخّذة تبعاً لحركة الأسواق، عندئذ ستعمل روسيا بالطبع بالتنسيق مع الدول الأخرى بحيث يكون السوق متوازنًا ومستقراً".

وانخفض سعر برميل نفط برنت الجمعة إلى ما دون 70 دولاراً للمرة الأولى منذ نيسان، بينما تراجع سعر برميل النفط الخفيف إلى ما دون 60 دولاراً، مسجّلا بذلك أكبر انخفاض في تسعة أشهر.

وعلى رغم مؤشّرات لتباطؤ الطلب، زادت السعودية وروسيا والكويت والعراق إنتاجها من الخام، وكذلك الولايات المتحدة مع إنتاجها من النفط الصخري.

ورأت المحلّلة في مجموعة "ايكونوميست اينتليجنس يونيت" كايلين بيرش أنّ التراجع الأخير لأسعار النفط ناجم خصوصاً عن انخفاض الطلب في الصين كبرى الدول المستوردة للذهب الأسود نتيجة تباطؤ النموّ الذي تشهده.

من جهة أخرى، بدا أن العقوبات الأميركية على إيران، والتي كانت تهدّد بخفض العرض العالمي وزيادة الأسعار، أتت أقلّ قسوة مما كان متوقعاً.

وتحسّباً للعقوبات الأميركية، عدّلت روسيا والسعودية، وهما اثنتان من كبرى ثلاث دول منتجة للنفط في العالم، الاتّفاق الخاص بالحدّ من الإنتاج لتتمكّنا من استخراج كميات أكبر وتعويض خفض الصادرات النفطية الإيرانية. ومنذ كانون الأول 2016، تطبّق دول "أوبيك" وكبراها السعودية، ودول أخرى منتجة للنفط من خارج المنظمة، اتّفاقاً لخفض الإنتاج.

وكانت الرياض زادت إنتاجها من 9,9 ملايين برميل من النفط يومياً في أيار، إلى 10,7 ملايين برميل في تشرين الأول، استناداً إلى وزير الطاقة السعودي.

واعتبر المحلّل في "فوريكس.كوم" فؤاد رزاق أن ثمة "ضرورة للعودة إلى احترام الاتفاق بنسبة مئة في المئة"، بعد قرار واشنطن إعفاء ثماني دول مستوردة للنفط الإيراني من تبعات العقوبات. وقال إن "الأسعار في تراجع بينما إنتاج كبار المنتجين مثل السعودية وروسيا والولايات المتّحدة يواصل ارتفاعه، متجاوزاً كميات البراميل الإيرانية" التي خسرتها السوق.

وحذّر المحللون في "كوميرتس بنك" من أنّه إذا "فشل المنتجون في إثبات نياتهم أن يعكسوا مسار الارتفاع الأخير في الإنتاج، فإن أسعار النفط يمكن أن تسجّل مزيداً من التراجع".

وفي موسكو، أعلن الكرملين أنه لا خطط لترتيب مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للبحث في تقلبات سوق النفط، لكن في الإمكان ترتيبها خلال فترة وجيزة إذا اقتضت الضرورة. وجاء هذا الاعلان على لسان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف رداً على سؤال عما إذا كان تقلب أسواق النفط يستدعي ترتيب مكالمة كهذه.