الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في 31 تشرين الأول وقع الشيطان في فخّ جاك السكّير!

المصدر: "النهار"
باريس - كاتيا الطويل
في 31 تشرين الأول وقع الشيطان في فخّ جاك السكّير!
في 31 تشرين الأول وقع الشيطان في فخّ جاك السكّير!
A+ A-

كان يا ما كان، في قديم الزمان، منذ ما يربو على الألفي عام، بردٌ وموتى وظلام.

ففي بلاد الشمال، في أراضي غرب أوروبّا الشماليّة، أو ما يُعرف اليوم بالجزر الإنكليزيّة، وفي زمن غابر بعيد، كان ثمة احتفالٌ مخيف، له تقاليده وأصوله وقصصه المرعبة.

إنه عيد الموتى.

دأب أهالي إيرلندا القدماء على إقامة احتفال مميّز يوم 31 تشرين الأوّل من كلّ عام لمناسبة نهاية موسم الحصاد.

لكن هذا الموسم لم يكن لينتهي بسلام.

لم يكن هذا اليوم ليمرّ مرور الكرام.

فيوم 31 تشرين الأوّل هو يوم نهاية موسم الحصاد وبداية فصل البرد والظلمة، الموسم الأكثر طولاً في السنة، إنّما هو أيضًا اليوم الأكثر رعبًا في السنة.  

ففي هذا اليوم، يمتزج عالما الأحياء والأموات ويصبح الخيط الفاصل بينهما شديد الدقّة.

تزعم القصص أنّ الموتى كانوا يخرجون من مخابئهم في ليلة 31 ليخيفوا الأحياء وليهيموا على وجوههم في هذه الأرض، فتمضي الأرواح التائهة ليلتها على وجه هذه السطيحة منتشيةً مختالة حتّى طلوع الصباح.

حمل المهاجرون تقاليدهم وعاداتهم، مع توجّه الإيرلنديّين والإنكليز إلى أميركا الشماليّة وسائر دول أوروبّا، كما حملوا معهم أعيادهم، ومنها عيد نهاية موسم الحصاد. ليتحوّل احتفال نهاية موسم الحصاد إلى احتفال عالميّ يُعرَف باسم "هالوين" في مختلف أقطار العالم. ويُعتبر هذا العيد لناحية نسبة المبيعات التي يحقّقها عالميًّا، الأهمّ من بعد عيد الميلاد.

وتحتفل باريس كذلك بـ"هالوين". فالمحالّ مزيّنة، والمطاعم مشرقة بالبالونات، والبارات تتحضّر لنهاية أسبوع حافلة تبدأ فيها السهرات مساء الأربعاء ولا تنتهي إلاّ فجر الأحد. مدينة العشق والأنوار والفنّ نفسها تحفر وجهًا على اليقطينة، وتعلّق خيوط العناكب في الزوايا، وترتدي قناعًا مخيفًا تحاول عبره إبعاد الموتى.

أمّا اليقطينة التي نرسم عليها وجهًا ثمّ نخبّئ داخلها شمعةً صغيرة، فلها قصّتها الخاصّة التي يجهلها كثر.

اليقطينة التي تحتلّ المساحة الكبرى من زينة "هالوين"، لها اسم وقصّة وهويّة. هذه اليقطينة هي Jack of the Lantern. فمن الأموات العائدين إلينا نحن الأحياء في هذا اليوم المخيف، هناك جاك، الذي تمثّله هذه اليقطينة.

فدعوني أطلعكم على قصّة جاك.

كان يا ما كان في قديم الزمان، في بلاد باردة بعيدة، رجل ماكر حكيم يُدعى جاك.

كان جاك أكثر أهالي قريته حنكة ودهاءً، وعُرف عنه ميله إلى الشرب والسهر والاحتيال والسرقة. ذات مساء، بينما كان جاك عائدًا إلى منزله مترنّحًا من كمّيّة الكحول التي شربها في حانة قريته، التقى الشيطان.

كان الشيطان قد جاء في ذلك المساء بحثًا عن جاك خصّيصًا ليطالب بروحه ويزهقها. لكنّ جاك كان حذقًا شديد المكر، فتمكّن من الاحتيال على الشيطان عبر إحدى مكائده. فقد طلب جاك من الشيطان أن يتسلّق شجرة تفّاح قريبة من حيث كان الاثنان واقفين ليأتيه بتفّاحة. ووعد جاك الشيطان بأنّه إن تمكّن من إحضار التفّاحة له فسيخضع له وسينقاد إليه وسيرافقه إلى عالم الأموات.

تسلّق الشيطان المسكين شجرة التفّاح وهو يمنّي نفسه بالاستيلاء على روح جاك، إلاّ أنّ جاك رسم إشارة الصليب حول الشجرة ما إن اطمأنّ إلى أنّ الشيطان تسلّقها. فعلق الشيطان على الشجرة. فلا هو قادر على النزول عنها ولا هو قادر على إخضاع جاك.

بذلك، أجبر جاك الشيطان على أن يعده بأنّه لن يطالبه يومًا بروحه ولن يأخذها منه في يوم من الأيّام مهما طالت الأبديّة.

وعد الشيطان جاك بأنّه لن يأخذ روحه، ثمّ نزل عن الشجرة غاضبًا حانقًا وغادر إلى مملكته.

مع مرور الأيّام توفّي جاك كجميع البشر وانتقلت روحه إلى عالم الأموات.

ولمّا كان جاك كاذبًا محتالاً خاطئًا لم يُسمَح له بدخول الجنّة. فذهب إلى الشيطان ليسمح له بدخول الجحيم، إلاّ أنّ هذا الأخير لم يسمح لجاك بالدخول بسبب الوعد الذي قطعه لجاك منذ سنوات بعيدة.

فظلّت روح جاك تائهة بين عالم الأحياء وعالم الأموات، لا هي في الجنّة ولا هي في الجحيم، ولا هي قادرة على الاستقرار. ولمّا كان عالم الأموات معتمًا طلب جاك من الشيطان أن يضيء له طريقه، فمنحه الشيطان شعلة لا تنطفئ يبقيها جاك معه لتنير دربه.

صار جاك يُعرف بشعلته وسُمّي Jack o’ Lantern، أي جاك صاحب الشعلة. وصار جاك يأتي في كلّ عام في الحادي والثلاثين من شهر تشرين الأول ليحتال على الأحياء ويسرق منهم أشياءهم ويمارس عليهم حيله ومكائده وألاعيبه كعادته في ذلك عندما كان حيًّا.

هذه هي قصّة جاك، اليقطينة التي لا تجد ملاذًا ولا مرقدًا. هذه هي قصّة جاك السكّير المحتال، فاحترسوا منه جيّدًا هذا المساء. ارتدوا أقنعتكم، وإن التقيتم غريبًا هائمًا على وجهه في الطريق يحمل شعلة بيده فلا تنسوا أن تمنحوه السكاكر من دون أن تسمحوا لحيله بأن تنطلي عليكم.


الشيطان نفسه وقع في فخّ جاك، فحذارِ!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم