مَن أنتَ يا محمد شامل ومن أين أتيت؟!

مضى على نعاس محمد شامل (1909-1999) قرابة عشرين عاماً ولا يزال حاضراً ناضراً متفرداً. فقد كان علماً بارزاً من أعلام النهضة الأدبية في لبنان. فهو الكاتب والمسرحي والممثل والأديب والشاعر والفنان واللغوي والمربي والحكواتي والمختار ومكتشف المواهب والرائد المؤسس الذي كان له دور في كل حركة او انطلاقة فنية في لبنان. على مدى ستة عقود من تاريخ لبنان أعطى محمد شامل من جذوة روحه وقلبه وكتب مئات النصوص. عمل ليكون لدينا فن في لبنان يشبهنا وله هويتنا وأصالتنا. بل صاغ من تراثنا أدباً راقياً وفناً يضيف ابداً ولا يزول.كان محمد شامل ظاهرة عافية وإبداع في المجتمع اللبناني، وشاهد غنى وريادة على زمن صنعه الكبار بتعب وصدق وتجرد. ولكن من انت يا محمد شامل؟ ومن أين اتيت؟ وكيف أصبحت الفنان – المؤسسة صاحب العين الفنية اللاقطة، والذاكرة الحافظة، والثقافة العميقة، والوجدان الاصيل؟ أسمعه يقول: "أنا واحد من أبناء بيروت الخيرين البسطاء الذين تركوا بصماتهم في تفكير من عداهم. أنا ابن البيئة البيروتية. غرسة الفن زرعها في نفسي حكواتي الحي والفرق المصرية التي كانت تزور بيروت". كانت لديه نقطة إلهام مبكرة اكتشفها وهو طفل، اذ رأى جدته تبكي فسألها لماذا؟ قالت: "خالك مات يا صغيري". تأملها قليلاً وقال: "خالي ما مات واليوم بيرجع". وبالفعل عاد خاله في اليوم نفسه وكان هارباً مطارَداً من الأتراك.عمل في مطلع حياته في دكان عطّار وعرف سرّ الخلطة التي تنشر العطر. درس في المقاصد وكان يستعد للسفر مع الشيخ عبدالله العلايلي الى أزهر القاهرة ليتابع تعليمه لكن الرحلة تعثرت. تقاضى التعليم وعمل في المدرسة الأزهرية ثم مدرسة الشيخ عباس فالمدرسة...