صراع الجبارين ومعاناة الآخرين

اعتبرت رئيسة صندوق النقد الدولي في تصريح منذ اسبوعين ان معدل النمو الاقتصادي عالميًا سينخفض السنة المقبلة من 3.9 في المئة هذه السنة الى 3.7 في المئة، وأن التراجع سيكون في معدلات نمو البلدان النامية وبلدان الاتحاد الاوروبي.يعود التراجع الى سياسات الرئيس الاميركي على مستوى العلاقات مع الدول انطلاقًا من حسابه لنتائج التعامل التجاري والاستثماري مع كل بلد. وهو يرى، كما سنبيّن في هذا المقال، أن أي عجز في حساب مبادلات الولايات المتحدة مع اي بلد ما هو إلاّ خسارة يجب تعويضها سواء بفرض رسوم على الاستيراد من الدول المعنية، أم بتحميلها نسبة أكبر من تكاليف الدفاع في مواجهة روسيا. واليوم أضاف ترامب الى روسيا الصين، لانه يعتقد ان نجاح الصين ارتبط باقتباس التكنولوجيا الاميركية واستقطابها استثمارات ضخمة من الولايات المتحدة، شرط ان تترافق مع تأمين تكنولوجيات صناعية أميركية لها. القضية المهمة اليوم هي المواجهة بين الولايات المتحدة والصين على المستوى الاقتصادي كما بالنسبة الى السيطرة في المحيط الهادي وبعض المناطق الحساسة ولوجود القوات الاميركية في كوريا الجنوبية، وتايوان، واليابان. الامر المستغرب ان هذا الوضع لم يكن الشغل الشاغل للعالم حتى نهاية 2017، وكانت تلك السنة سنة بداية علاقة حميمة بين الرئيس ترامب ورئيس وزراء الصين، وكان التحول في السنة الثانية من ولاية ترامب اي هذه السنة.نفسية الرئيس الاميركي هي المدخل لفهم هذا الوضع الخطير الذي ينذر بأبعد من التراجع الاقتصادي والمالي عالميًا، ولعل تفهّم نفسية دونالد ترامب من أفضل السبل لادراك أسباب ما نعانيه وامكانات تجاوز المرحلة بسلام واستعادة النمو.استنادًا الى المقال الرئيس لعدد مجلة "الايكونوميست" الصادر في تاريخ 2018/10/20، برزت مؤشرات المشكلة من تفاصيل البرنامج الذي يسمّيه الصينيون "صنع في الصين" منذ سنة 2025. فالصينيون يعتبرون انهم قادرون على تطويع كل وسائل الانتاج الالكتروني، سواء في تصنيع الصلب أو السيارات، أو منتجات التواصل والتسلية، أو الروبوتات، أو الادوية. وفي رأي نائب رئيس الولايات المتحدة، أن "هذه التوجهات مرتبطة باشتراط الصين على الشركات التي ترغب في دخولها...