الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

موطن ماذا؟

سمير عطاالله
Bookmark
A+ A-
رسم ميشال شيحا صورة للبنان اشبه بالصورة التي رسمها دو سانت ايكزوبيري لـ"للأمير الصغير"، أشهر كتب فرنسا. متفائل وباسم وممتلئ حيوية. لكن كليهما، صاحب "الأمير الصغير" وصاحب لبنان الكبير، لم ينتبه إلى أنه رسم لوحته على الرمال.الرمل ضعيف ومخادع. أيَّ هبة ريح تحمله معها إلى وجهة أخرى. غالباً معاكسة. مثل لغة دو سانت ايكزوبيري كانت لغة ميشال شيحا: قمة الشقاء وذروة الانتقاء وكامل الأناقة. المشاعر وقد صفَّاها العقل، والعقل وقد ضبطه الوجدان.بحث ميشال شيحا عن وطن لنفسه أولاً. أقلي خائف، عارف مدى ميعان الأرض في الشرق، فحلمَ ببلد بلا هواجس ولا كوابيس. مجرد قطعة أرض صغيرة، تعيش من جمالها وتبسط أمام ابنائها البحر، كما فعلت منذ أيام الأرجوان. ولما كانت القطعة صغيرة والتكاسر عليها محتمل، استبدل شيحا صغر الحجم بكبر الحلم. وتخيّل اللبنانيين طبقة صافية من الناس، يحصّنها ضد الإغراء الغريب، حاجة الناس بعضهم إلى البعض، وخوفهم على سلامة بلدهم من غوايات الشيطان المتحدث دائماً لغة الملائكة.لذلك، بدا لبنان السياسي جميلاً وممكناً أيضاً. وعلى الورق بدت الدولة مقنعة، والنظام نموذجياً: تآلف طائفي وثقافي، وحرية مبهجة في السياسة والصحافة والفنون. وفي تلك اللغة السامقة التي كتب بها شيحا واتبعها المريدون والمفكرون، اصبح للبناني معالم "الأمير الصغير" وملامحه الطيبة. وقضت الاطروحة بتساوي الرعية أمام قانون واحد، فلا تابع ولا متبوع، ولا سفيه ولا مغرور. ففي لبنانه كان الخطاب بين السلطة والأهالي، أو بين الناس والناس، مستوى تقي الدين الصلح وفيليب تقلا وبشارة الخوري وحميد فرنجية...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم