الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة"

"88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة"
"88 في المئة من اللاجئين السوريين يريدون العودة"
A+ A-

"توفير بيئة جيّدة للنازحين: بين التمكين والتوطين"، عنوان حلقة حوارية نظّمتها جمعيّة "إدراك"، مركز البحوث وتطوير العلاج التطبيقي، في إطار المؤتمر السنوي الـ 23 لمستشفى القديس جاورجيوس الجامعي – الأشرفيّة.

وكشفت خلالها ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان ميراي جيرار، أن 88 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يريدون العودة إلى بلدهم، ومخاوفهم تتعلق بالممتلكات والأوراق الثبوتية ووثائف الأحوال الشخصية ووضعهم القانوني في بلدهم، ولا تتعلق بصورة أساسية بمسألة الحل السياسيّ او إعادة الإعمار، بل بإزالة عدد من "العوائق العملية".

وشارك في اللقاء مدير برنامج هارفرد لصدمات اللاجئين في مستشفى ماساتشوستس وكليّة الطبّ في جامعة هارفرد البروفسور ريتشارد مولّيكا، وهو أحد أبرز الباحثين في مجال رعاية الصحّة النفسية للناجين من العنف والصدمة في العالم. وتولى إدارة النقاش رئيس "إدراك" الدكتور إيلي كرم.

كرم

وسأل الدكتور ايلي كرم في مداخلته: "إلى أي مدى يجب أن يشعر اللاجئون داخل البلد الذي لجأوا إليه بأنهم مرتاحون؟ والأسوأ إذا كان عدد كبير منهم يمثّل أعداءً سابقين، أو إذا كانوا مضطرين إلى البقاء إلى ما لا نهاية ومن دون فرصة للعودة إلى بلدهم الأم، أو إذا كانوا يأتون من دولة مجاورة باتوا يرون في سلطتها الحالية عدوّاً لهم".

واضاف: "لسنا متأكدين من أنّ ثمة أجوبة ترضينا (...) وخصوصاً أن النازحين ينتقلون إلى أوروبا أو الولايات المتّحدة ويرون في الدول التي يقصدونها مقر استيطان دائم لهم حيث يخطّطون للاندماج والنمو والازدهار على الرغم من الاختلافات الثقافيّة الضخمة".

"تجربة اللبنانيين مع اللاجئين الأرمن شكّلت نجاحاً كبيراً أغنى لبنان في نظر الجميع، والطائفة الأرمنيّة كانت ولا تزال عنصراً أساسيياً في تنوّع لبنان وغناه، ولكن هذا لا ينطبق على الفلسطينيّين الذين ارتبط اسمهم ليس فقط بانهيار سلطة الدولة إنّما باندلاع الحرب اللبنانيّة التي دمّرت البلد". "هذه الصورة لا تزال محفورة في أذهان معظم اللبنانيّين، ومن هذا المنطلق نحن مدعوون إلى درس مواقفنا تجاه المساعدة التي نقدّمها للعدد الهائل من النازحين السوريّين".

جيرار

وقالت ميراي جيرار: "هذه السنة يواجه العالم رقماً غير مسبوقا للطوارئ الإنسانيّة الناتجة من النزاعات المسلّحة والكوارث الطبيعيّة. إذ لم يكن يوما عدد اللاجئين والنازحين الداخليين منذ الحرب العالميّة الثانية بهذا المستوى. فقد وصل عددهم إلى 68.5 مليون نازح داخل بلادهم أو لاجئين في دول أخرى".

ولفتت إلى أنّ "تجربة النزوح بسبب النزاعات المسلّحة والاضطهاد والكوارث تضع على الأفراد والعائلات والمجتمعات ضغطاً نفسياً واجتماعياً كبيراً، وما يتعرض له اللاجئون (...) يمكن أن يؤثّر، بطرق مختلفة، على صحّتهم النفسيّة وحياتهم النفسيّة الاجتماعيّة".

ولاحظت أن "البالغين والأطفال الذين طالتهم الحرب واضطروا إلى النزوح في سوريا والعراق، يختبرون ٍسلسلة واسعة من الأمراض النفسيّة والمشاكل العصبيّة"، ومنها اضطرابات ما بعد الصدمة. ورأت أن "البيئة التي يعيش فيها اللاجئون تساهم في تراجع أكبر في صحّتهم النفسيّة بسبب التشرّد وضعف إمكانيّة ولوجهم إلى الخدمات الصحّية".

وتابعت: "على الرغم من البرامج النفسيّة الكثيرة (10 منظمات غير حكوميّة و4 منظّمات تابعة للأمم المتّحدة) والجهود الأخيرة لتحسين العلاج النفسي للاجئين في لبنان، فإن لديهم إمكانيّة محدودة لولوج خدمات الصحة النفسّية الأساسية. فمثلاً عام 2017 بلغ عدد الإستشارات النفسية المغطّاة كلفتها 43 ألف استشارة، في حين بلغ معدّل الاستشارات النفسيّة 4,300 شهرياً عام 2018".

وتابعت: "وفق إحصاء أجري عام 2017 تبيّن أنّ 2.5% أبلغوا عن وجود شخص أو أكثر في العائلة بحاجة إلى علاج. ومن بين هذه المجموعات 38% تمّ الإبلاغ عن أنّهم حصلوا على العلاج المطلوب، في حين أنّ 62% لم يحصلوا عليه".

وقالت: "يُنظر أحياناً إلى الخدمات الصحّية والأنواع الأخرى من المساعدات، في السياق الحالي، على أنّها تُبقي اللاجئين في لبنان وتحدّ من رغبتهم في العودة إلى بلادهم. هذا الأمر يقود إلى نقاش حول ما إذا كان ينبغي مواجهة الثغر القائمة في الصحّة النفسية والقطاعات الأخرى، في لبنان، أو أنّه يجب مواجهتها في الدولة التي يأتي منها اللاجئون".

واعتبرت أن "الرعاية الصحّية ليست حافزاً للاجئين كي يبقوا في لبنان أو كي يعودوا إلى بلدهم باكراً. فثمّة اعتبارات أخرى أهم لاتّخاذ قرارات من هذا النوع". ورأت أن "عدم الوصول إلى الصحّة النفسيّة يمكن أن يشكّل، على العكس، عاملاً يؤخّر الحلول. فالأشخاص المصابون بمرض نفسي وعائلاتهم قد لا يشعرون أنّهم يتحكّمون بمستقبلهم ويعتمدون كثيراً على المساعدة". وقالت: "إنّ ثلاثة أرباع اللاجئين السوريين يعيشون تحت خط الفقر أي لا يتعدى مدخولهم اربعة دولارات في اليوم، ونحو نصفهم يعيش تحت خط الفقر المدقع أي أن مدخولهم لا يتعدّى ثلاثة دولارات في اليوم، ولكن لديهم أمل في مستقبلهم، و88 في المئة منهم يريدون العودة (...) ودورنا هو جعل ذلك ممكناً قدر الإمكان".

مولّيكا

أما ريتشارد مولّيكا، فذكّر بأن "ملايين اللاجئين في الشرق الأوسط وفي مناطق عدّة من العالم ينتظرون العودة إلى وطنهم".

ورأى أن "المطلوب مقاربة جديدة في شأن اللاجئين". وأوضح قائلاً: "علينا الابتعاد من مقاربة توفير المأكل والمشرب والمأوى لهم إلى مقاربة تتعلق بإعادة تأهيلهم لاستعادة حياتهم الطبيعية بعد أن يكون العنف قد حطمهم". "إنها مقاربة إعادة تأهيل أو ترميم، لا تقتصر على تأمين الحاجات الضرورية".

واشار إلى أن الإحصاءات والدراسات المتعلقة بالاضطرابات النفسية لدى اللاجئين عموماً، دلّت على أن 66 في المئة يعانون حالات اكتئاب و33 في المئة يعانون اضطراب ما بعد الصدمة، في أي مجتمع للاجئين في العالم.

وعرض دراسات أجريت على النازحين في تركيا والأردن ولبنان، ودراسات أخرى على الفلسطينيين، واشار إلى أن "الدراسات كلها أظهرت شيوع حالات الصدمات وصدمات الحرب واضطرابات ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، بنسب عالية في صفوف اللاجئين". ولاحظ أن "ثمة ترابطاً بين الصدمات وصدمات الحرب والعنف، وبين الأمراض المزمنة والدرجة العالية من الوفيات، إذ أن أن هذه الصدمات تسبّب على المدى الطويل أمراضاً كالسكّري والذبحات القلبية والجلطات الدماغية ومتلازمة التمثيل الغذائي.

ونبّه إلى قلّة عدد الدراسات النفسية عن عودة اللاجئين إلى بلدانهم، كشف أن بعض الدراسات التي أجريت أظهر أن "الحالة النفسية للاجئين تسوء بعد عودتهم، ويسجّل تزايد في الاضطرابات"، بسبب الظروف والصعوبات التي تواجههم عند العودة، كعدم توافر العمل أو المسكن اللائق. وتظهر هذه الاضطرابات خصوصاً عند الذين مكثوا وقتاً طويلاً في بلد اللجوء، أو عند من أرغِموا على العودة. وفي المقابل، تُظهِر دراسات أخرى تراجع نسب الاضطرابات النفسية لدى العائدين، بالمقارنة مع ما كانت عليه خلال فترة اللجوء.


وشدّد على أن النموذج الجديد المطلوب هو العمل منذ اليوم الأول للجوء، وليس بعد مضي سنوات طويلة على اللجوء، على ابقاء التصميم لدى اللاجئين على العودة إلى ديارهم وإيجاد عمل واكتساب مهارة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم