الربط بين الطاقة والمياه والأمن الغذائي ضمن الإطار المؤسسي اللبناني الراهن

يتسبّب سوء التخطيط أو انعدامه، مقروناً بالنمو المديني والسكاني الفوضوي وغير المضبوط، بتلويث الموارد التي تُعتبَر أساسية من أجل التنمية الإيجابية في لبنان، واستنفادها بوتيرة تهدّد الأجيال القادمة في أرزاقها ومعيشتها. الغابات والأراضي الزراعية تتعرض لتدميرٍ ممنهج. أما المجاري المائية – السطحية والجوفية – فهي عرضةً للاستغلال الجائر، فضلاً عن تعرّضها للتلوَّث. يتسبّب النمو السكاني وما ينجم عنه من نموٍّ مديني بتوليد النفايات – السائلة والصلبة – التي يتم التخلص منها اعتباطياً بطريقة غير آمنة وغير مستدامة. ليس الإنسان المسبِّب الوحيد للتأثيرات السلبية على البيئة في لبنان، بل إن التغييرات المناخية تؤدّي أيضاً إلى تفاقم التبعات الناجمة عن الممارسات البشرية. في ضوء كل ما تقدّم، ينبغي للبنان قطع أشواط نحو الأمام على جبهات عدة، عبر اعتماد إطار تنموي متكامل حيث تتم معالجة المسائل الأساسية ضمن رزمة واحدة بدلاً من التعامل مع كل مسألة على حدة وفق ما درجت عليه العادة في المقاربة التي تطبع السياسات الإنمائية المعتمدة في لبنان وبلدان أخرى. إحدى المقاربات المتكاملة على صعيدَي التخطيط والإدارة تتمثل في ما يُعرَف بـ"محور الترابط بين المياه والطاقة والغذاء" (WEF)، التي تُراعي التكافل بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء، وتهدف إلى الحد من التأثير السلبي للمقايضات المحتملة التي تُشكّل جزءاً لا يتجزأ من هذه العلاقة المتداخِلة. يركّز "محور الترابط بين المياه والطاقة والغذاء" على التخطيط العابِر للقطاعات الذي يساهم في نهاية المطاف في تحسين إنماء البلاد (أو المجتمع المحلي) عبر الحدّ من التكاليف غير الضرورية والحفاظ على الموارد من أجل استخدامات أكثر فاعلية، ومستدامة في نهاية المطاف.تقتضي المقاربة القائمة على محور الترابط بين المياه والطاقة والغذاء، حوكمةً ومؤسساتٍ متكاملة، وتخطيطاً متكاملاً للسياسات. في لبنان، تمتلك الأجهزة التنفيذية والتشغيلية التابعة للدولة منظومةً متكاملة نسبياً وفقاً للتفويضات الموكَلة إليها. فالوزارات تضم هيئات للتخطيط والتنسيق، الهدف منها التواصل مع الوزارات ذات الصلة وسائر الجهات المعنية عموماً في إطار عملية صنع السياسات. يُبيّن الجدول أدناه هذه الوزارات والجهات المعنية مع وظائفها.إنما هناك عوائق تحول دون تحقيق تنسيق أفضل داخل المؤسسات وبينها. ومن...