نحو استراتيجيا رقمية وطنية انسيابية

أطلقت خدمات الإنترنت والتكنولوجيات الرقمية ما يُعرَف على نطاق واسع بـ"الثورة الرقمية". وهي -تُكَوِّنُ مجتمعةً، وبصورة سريعة، محرّك التغيير في مختلف قطاعات الاقتصاد العالمي عبر إعادة تصميم (reinvent) التعليم ومعاملات الأعمال، وتبديل مواقع الإنتاج، وتقليص حجم سلاسل التموين، وتغيير عملية تأمين الخدمات، وربما الحد من أهمية الإنتاج المكثّف ومنصّات التصنيع التي توظّف يداً عاملة رخيصة، وكذلك الحد من أهمية الوسطاء. لا تزال الثورة الرقمية تخبّئ مفاجآت وتحدّيات كثيرة، إنما لا شك في أنها تحمل في طياتها وعوداً فريدة بخلق مجتمع أكثر شفافية وشمولاً وابتكاراً ومرونةً في مختلف أرجاء العالم.مع استمرار التأثير الذي تمارسه الثورة الرقمية، ثمة حاجة متزايدة إلى نموذج للحوكمة الرقمية عابِر للحدود يتّسم بالتوازن والشمول والمساءلة، وتُكمّله نماذج وطنية متوازنة وشاملة وخاضعة للمساءلة،ضمن أطر عمل تكيّفية ناظمة للقطاع الرقمي. تُشكّل الحوكمة والوصول الركيزتَين الأساسيتين لوضع استراتيجيات رقمية وطنية الهدف منها تأمين الوصول إلى شبكة إنترنت مفتوحة وآمنة وجديرة بالثقة، وإنشاء بيئة حاضنة رقمية سليمة ومستدامة.يواجه لبنان طيفاً واسعاً من التحدّيات في مجالَي الحوكمة الرقمية والوصول إلى الخدمات الرقمية:▪ يعاني الوصول إلى الإنترنت من المحدوديات بسبب المشكلات في البنى التحتية الأساسية، ما يطرح عراقيل أمام القدرات والتوافر والترابط والأمن وجودة الخدمات؛▪ الافتقار إلى استراتيجيا رقمية وطنية شفّافة وشاملة وجاِمعة؛▪ غياب القيادة السياسية، ما يحول دون تطوير استراتيجيات رقمية وأطر ناظِمة ومبادرات مناسبة وتطبيقها؛▪ الافتقار إلى الهيكليات الحكومية الملائمة لإدارة التحوّل الرقمي؛▪ غياب الشراكة الفاعلة بين القطاعَين العام والخاص، ما يحول دون استنباط حلول تكيّفية للحوكمة واستراتيجيا شاملة للتطوير الرقمي؛▪ نقص المواءمة بين الكفاءات المطلوبة في الاقتصاد الرقمي من جهة والنظام التعليمي من جهة ثانية.يرتدي تطوير استراتيجيا رقمية...