السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

لبنان يشرّع الحشيشة قريباً: تعزيز موازنة لبنان أم "حزب الله"؟

احمد عياش
لبنان يشرّع الحشيشة قريباً: تعزيز موازنة لبنان أم "حزب الله"؟
لبنان يشرّع الحشيشة قريباً: تعزيز موازنة لبنان أم "حزب الله"؟
A+ A-

قيل الكثير في الاسابيع الماضية حول موضوع تشريع زراعة الحشيشة في لبنان والذي سيأخذ مساره في مجلس النواب ليصبح قانوناً نافذاً. وكان يكفي ان ترد توصية في تقرير وضعته شركة "ماكينزي" للاستشارات الاقتصادية التي كلّفتها الحكومة دراسة الوضع الاقتصادي في لبنان، وسلّمته في حزيران الماضي، حتى نال الأمر صدقية تلقّفها رئيس مجلس النواب نبيه بري وأخذها في الاتجاه البرلماني، في موازاة قيام المجلس هذا الشهر بدور مماثل في ما يتعلق بمشاريع مؤتمر "سيدر" بدلا من الحكومة التي ما زال موعد ولادتها في ضمير الغيب.

وهكذا، فإن الحجة الرئيسية وراء تشريع الحشيشة هي إسناد الموازنة العامة في ظل عجز مالي يتعاظم. وفي هذا الصدد يقول وزير الاقتصاد والتجارة، وعرّاب دراسة "ماكينزي"، رائد خوري إن "أرض لبنان تنتج نوعية جيدة جداً من الحشيشة يُمكن أن تُستخدم في تصنيع زيت القنّب الذي هو زيت طبي مطلوب وغالي الثمن. وبالتالي يمكن أن يدرّ ذلك مئات الملايين من الدولارات على الدولة".

في مقابل هذا التبرير المالي، تشكك اوساط سياسية في البقاع، أي المنطقة التي ستكون مكاناً لإنتاج النبتة، في دوافع هذه الخطوة. فهي ترى فيها محاولة لاستيعاب الغضب الشعبي الذي تصاعد في الآونة الاخيرة خلال موسم الانتخابات النيابية في أيار الماضي، بأن يتم تشريع ما هو قائم فعلاً، الأمر الذي يريح المزارعين من عبء الملاحقة القانونية.

في تحقيق لقناة "البي بي سي" البريطانية انه "على رغم كل الإيجابيات التي قُدمت بشأن تشريع الحشيشة لغايات طبية، يبدي كثيرون مخاوفهم من عواقب خطوة مشابهة، ترتبط بالدرجة الأولى بانعدام الثقة بقدرة الدولة على فرض الضوابط اللازمة لحصر التشريع بالغايات الطبية، ووضع الأطر الضرورية لنُظم مثل هذا القرار".

أين "حزب الله" من هذا الموضوع؟ في ظاهر الامر، يتجنب الحزب الظهور علانية في تأييد زراعة الحشيشة في منطقة تعتبر أحد معاقله الاساسية في لبنان. ففي تحقيق أورده موقع "العهد" الالكتروني التابع للحزب في العام 2012 لمناسبة "الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها اليمونة على خلفية زراعة الحشيشة"، جرى عرض الحلول عبر الزراعات البديلة أيام وزير الحزب حسين الحاج حسن في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. لكن التحقيق انتهى الى القول: "إصلاح زراعي بدأ يشقّ طريقه الى البقاع، فهل يجد حظوظه بالنجاح أم أن في مكان ما مَن يصرّ على عدم الامتثال للحلول "المستقيمة"، خصوصاً أن حشيشة الكيف "البلدية" لا تزال خياراً مغرياً لعدد كبير من المنتفعين والتجار الكبار؟".

في نهاية عام 2017، نشرت صحيفة "التايمس" البريطانية تقريراً من واشنطن يفيد بان إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، "عرقلت تحقيقاً" بشأن مزاعم عن ضلوع "حزب الله" في تهريب المخدرات والسلاح، وفوّتت فرصة اعتقال مشتبه فيهم، من أجل "تسهيل التوصل إلى اتفاق مع إيران" بشأن مشروعها النووي. ونقل التقرير عن موقع "بوليتيكو" الإلكتروني أن وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية قادت عملية لتتبع خطوات "حزب الله" ونشاطاته في الخارج، وتوصلت إلى أحد عملاء الحزب واسمه "الشبح"، والذي يعد من أكبر مهرّبي الكوكايين في العالم، وهو متهم أيضا بتهريب السلاح إلى سوريا.

تحت عنوان "هكذا يسيطر حزب الله قريباً على سوق المخدّرات في لبنان"، أورد موقع "المصدر" الالكتروني ما نشرته صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية التي أوردت "لمحة عن وضع سوق المخدّرات في لبنان، وعن نشاطات حزب الله في هذا المجال". ومما جاء في تحقيق الصحيفة الاسرائيلية: "يعتقد حزب الله أن تشريع القنب الهندي، أي الحشيشة، يشكل اعترافاً شرعياً بنشاطاته في هذا المجال، ومشاركته في الأسواق العالمية. إضافة إلى ذلك فإن المداخيل الكبيرة ضرورية لإعادة تأهيله بعد تورطه الدامي في الحرب الأهلية السورية وتقليص المساعدات المالية التي كان يحصل عليها من إيران بسبب الأزمة الإيرانية... ووفق مصادر استخبارية في الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن نصف ميزانية حزب الله تقريباً يحصل عليها من نشاطاته الإجرامية الدولية، وأهمها الإتجار بالمخدرات...". وخلصت الصحيفة الى القول: "إذا نجح المشروع (تشريع زراعة الحشيشة) حقاً، فقد يربح الاقتصاد اللبناني قليلاً، وذلك بموجب ما يسمح به حزب الله. ولكن سيصبح هذا الحزب منظمة إرهابية لبنانية صاحبة دولة، ومنظمة عالمية، تعمل بموجب القانون، للوهلة الأولى، هذه المرة".

من البديهي القول انه من الواجب ممارسة الشكوك في هذه المادة الاعلامية الاسرائيلية. غير ان سمعة "حزب الله" التي أوردتها معطيات داخلية في الاعوام الماضية بشأن تصنيع المخدرات والاتجار بها وملف الكبتاغون الذي لم يقفل حتى اليوم،لا تدعو الى الاطمئنان. وما يرفع منسوب التساؤل، الكلام عن إسناد حقيبة وزارة الصحة في الحكومة المقبلة الى وزير من الحزب. وقد ترافق هذا الكلام مع ما اوردته وسائل إعلام الحزب عن استعداد طهران لدعم لبنان في مجال الدواء. ورداً على سؤال عن إمكان مواجهة أميركا في سوق الدواء في لبنان، نقلت عن مسؤول إيراني قوله: "كما نجحنا في سوق السلاح سننجح إن شاء الله في سوق الدواء".

إذاً، السؤال المطروح: هل سيكون تشريع زراعة الحشيشة لدعم موازنة لبنان أم لدعم مالية "حزب الله"؟

[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم