الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الصين انتخبته رئيساً" ... لماذا يستمرّ ترامب في مهاجمتها؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
A+ A-

بالتوازي مع الحرب التجاريّة بين البلدين، هاجم الرئيس الأميركي دونالد #ترامب الصين مجدّداً اليوم من خلال تغريدة صباحيّة متّهماً إيّاها بالتسلّل إلى البريد الإلكترونيّ الخاص بمنافسته السابقة هيلاري #كلينتون. وحين ألغى رحلة وزير خارجيّته مايك #بومبيو إلى كوريا الشماليّة الأسبوع الماضي، اتّهم الصين بأنّ لها مسؤوليّة في عدم تحقيق تقدّم جدّي بشأن نزع الأسلحة النوويّة في شبه الجزيرة الكوريّة.

من جهتها، وصفت #بيجينغ تحميلها مسؤوليّة عرقلة تخلّي جارتها عن السلاح النوويّ بأنّه "غير مسؤول" و "مناقض للوقائع الأساسيّة". أمّا عن اتّهامها بخرق البريد الإلكترونيّ لكلينتون، فأشارت إلى أنّها "ليست المرّة الأولى" التي تسمع فيها "هذا النوع من المزاعم". وشدّدت بيجينغ في ردّها على أنّها "مدافع قويّ عن أمن الإنترنت" مضيفة على لسان المتحدّثة باسم وزارة خارجيّتها: "نعارض بقوّة ونشنّ حملة على أيّ شكل من أشكال هجمات الإنترنت وسرقة الأسرار". وكان ترامب قد لفت نظر مكتب التحقيقات الفيديراليّ "أف بي آي" ووزارة العدل في تغريدته إلى أن "يكون تحرّكهما المقبل أفضل بعد كلّ زلّاتهما وإلّا تلاشت صدقيّتهما إلى الأبد".


"أكبر حرب تجارية في تاريخ الاقتصاد"

تخوض #الصين والولايات المتّحدة حرباً تجاريّة ضخمة تفرضان من خلالها رسوماً جمركيّة متبادلة. يوم الخميس الماضي، فرضت واشنطن رسوماً بقيمة 25% على صاردات صينيّة من 279 منتجاً بقيمة 16 مليار دولار فردّت بيجينغ بالمثل على صادرات أميركيّة من بينها النفط والصلب والسيّارات والتجهيزات الطبّيّة.



وفي تمّوز، فرضت الإدارة الأميركيّة رسوماً بنسبة 25% على صادرات صينيّة سنويّة بقيمة 34 مليار دولار ممّا دفع الصين إلى الردّ بالمثل. وقالت وزارة الخارجيّة الصينيّة إنّ بيجينغ رفضت "أن تطلق الرصاصة الأولى" لكنّها أجبِرت على التحرّك بعدما أطلقت الولايات المتّحدة "أكبر حرب تجاريّة في تاريخ الاقتصاد". ووصفت سلوك #واشنطن بأنّه "تنمّر تجاريّ نمطيّ" يتسبّب ب "فوضى أسواق عالميّة" ويؤثّر على "شركات بريئة متعدّدة الجنسيّات".

ونقلت وكالة "رويترز" في الأوّل من هذا الشهر عن أحد المصادر المطّلعة على الخطّة قوله إنّ إجمالي قيمة الصادرات الصينيّة التي ستخضع للرسوم قد تصل إلى 200 مليار دولار. إذا صحّت هذه الأرقام فهذا يعني أنّ الحرب لا تزال في بداياتها عمليّاً.


"لماذا تحبّ الصين ترامب؟"

من الصعب فصل المسارين السياسيّ والاقتصاديّ في العلاقات الشائكة بين البلدين، ففي معظم الأوقات، كانت ترامب مشكّكاً بالدور الصينيّ الاقتصاديّ بشكل عام منذ حملته الانتخابيّة. بعد انتخابه رئيساً للولايات المتّحدة وقبل تولّيه رسميّاً منصبه، تلقّى اتصال تهنئة من رئيسة تايوان تساي إنغ وين حيث لم يسبق لأي رئيس أميركيّ أن تحدّث إلى زعيم تايوانيّ منذ أن وافقت واشنطن على سياسة "الصين الواحدة" أواخر سبعينات القرن الماضي. ودفع الجدل الذي أثير حول الموضوع نائب الرئيس مايك بنس إلى توضيح ما حصل حينها مشيراً إلى أنّه "لا يعدو كونه تلقّي مكالمة هاتفيّة من قبيل المجاملة". وبالرغم من ذلك، شهد كلام ترامب ليونة تجاه الصين بعدما زارها في تشرين الثاني 2017 رافضاً أن يلومها على غياب التوازن في العلاقة التجاريّة كما قال خلال زيارته. كذلك، استقبل ترامب الرئيس الصينيّ #شي جينبينغ في فلوريدا، شهر نيسان الماضي.



ذكر كارلسون في تقريره ضمن "الأطلانتيك" تحت عنوان "لماذا تحبّ الصين ترامب؟" كيف كان ينضمّ إلى مجموعة من المراسلين في وزارة الخارجيّة الصينيّة، خلال الفترة التي كان فيها ترامب يخوض حملته الانتخابيّة. وأشار إلى أنّ المراسلين كانوا يسألون المسؤولين الصينيّين عن شعارات ترامب القاسية بحقّ بيجينغ من دون أن يبدي هؤلاء ردوداً قويّة على كلام المرشّح. حتى ردود الفعل الصينيّة على حديث ترامب مع تساي كانت مضبوطة. وكتب معدّ التقرير أنّ المسؤولين في الصين كانوا يرون في شعارات ترامب مجرّد استعراض انتخابيّ. من هنا، رأى دينغلي أنّ ترامب "هو رئيس سهل بشكل خاصّ للصين كي تتعامل معه".

لكن بين ربيع وصيف 2018، هنالك الكثير ممّا تغيّر. قد يكون للأمر علاقة بالتحقيقات التي يجريها المحقّق الخاصّ روبرت مولر باحتمال وجود "تواطؤ" بين حملة ترامب والروس. لكن قد يكون هنالك دافع آخر أيضاً وراء ذلك.


"سياسات افتراسيّة"

تحت عنوان "الصين – لا روسيا – انتخبت ترامب" كتب جايمس ووكر، شريك في "جايديان كابيتال" للاستثمار في قطاع العقارات، أنّ بيجينغ اتّبعت "سياسات افتراسيّة" تضمّنت تلاعباً بقيمة العملة وممارسات تجاريّة غير منصفة وسرقة الملكية الفكرية. وأشار في مقاله ضمن مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" أنّ مزيج هذه السياسات ضرب عمّال التصنيع بشكل بالغ فواجهوا بطالة وعقوداً من الرواتب المتآكلة وخسارة في كرامتهم بينما لم يفعل الديموقراطيّون الكثير لإزالة إحباطهم. "أتى ترامب، اعترف بمحنتهم وقرّر أن يتحرّك إزاءها. لذلك صوّتوا له في الولايات الزرقاء (الديموقراطيّة) تقليديّاً".

يمكن أن يكون بعض المراقبين الصينيّين قد أخطأ في توقّعاته بشأن ترامب. في هذا الوقت، قد يكون سلوك الرئيس الأميركيّ مجرّد عودة إلى تنفيذ وعوده التي أطلقها خلال حملته الانتخابيّة، بغضّ النظر عن الاعتبارات الأخرى ومن بينها مسار التحقيقات. في نهاية المطاف، لم يتوقّف ترامب عن مخاطبة معظم هواجس قاعدته الشعبيّة خلال وجوده في البيت الأبيض. ومع اقتراب الانتخابات النصفيّة، يمكن للحرب التجاريّة – وحتى الإعلاميّة – مع الصين أن تعيد تحصين وضع حزبه على الساحة الداخليّة ... أقلّه وفقاً لحساباته الخاصّة.




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم