الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في شارع السفارات.. الموت تأشيرة

علي منتش
A+ A-

قضى الملحق الثقافي في السفارة الايرانية في احد انفجاري السفارة الايرانية، لا بل اصيب بجروح خطرة، هذا كان الخبر لساعات. تناسى، او -لتخفيف الكلمة- اهمل كثر 22 شهيداً سقطوا قطعت اجسادهم وتناثرت اشلاءها على الاسفلت.


عند الساعة التاسعة والخمسين دقيقة، وقع الانفجار الاول في منطقة تعد الاكثر امنا في لبنان، منطقة السفارات ومنازل السياسيين والامنيين، ووسائل الاعلام، في الجناح-بئر حسن. هناك، قرب السفارة الايرانية قرر احدهم ان ينهي حياته، وقرر إنهاء مسيرة آخرين في الحياة، ومنعهم من رؤية احبائهم مجدداً. حاول، وفق الرواية الأكثر دقة، اقتحام البوابة الاولى للسفارة الايرانية، وهنا برز طيلة النهار مساران للرواية، الاول يتحدث عن فشل الانتحاري الاول في مهمته، ففجر نفسه مما اربك الانتحاري الثاني الذي كان من المفترض ان يقتحم بسيارته حرم السفارة. اما المسار الثاني فيشير الى نجاح الانفجار الاول بقتل حراس السفارة فاتحاً الطريق امام الانتحاري الذي يقود سيارة رباعية الدفع لاقتحامها، الا ان وجود صهريج للمياه في الطريق بالصدفة اعاق تقدم السيارة المفخخة، "ويا ليته لم يعقها"، يقول بعض ساكني الشارع.
يتحدث هؤلاء بألم، بعضهم فقدوا الاقارب، يقولون، "ليس مهما في نظرنا، ان نجح القتلة في تحقيق اهدافهم (اقتحام السفارة) ام لم ينجحوا، المهم لدينا اننا فقدنا من نحب. ان الموت وصل الينا".
دخلت الجناح منذ الصباح في دوامة الرعب، هنا لا مباني قديمة قابلة للانهيار لتقتل ساكنيها، ولا احزمة بؤس يمرّ بقربها مجرى نهر قد يفيض بعد غضب الطبيعة ليأخذ معه اطفال حفاة، في الجناح كل شيء مثالي للعيش الهانىء، لكن الموت حلّ على تلك المنطقة، طبيعة الناس هناك أكثر هشاشة، او هذه هي النظرة النمطية لسكان المناطق المصنّفة ارستقراطية. ما ان تصل المكان، يشدك وسط الضجيج والفوضى، صوت امرأة مفجوعة بخبر مقتل احد اقاربها، وحده صوتها تفوق على صوت سيارات الاسعاف، وصراخ المسعفين، وضجيج الموجودين. وقعت ارضاً وبدأت تصرخ. للحظات صارت هي الحدث، كان وقع بكائها يوازي وقع الانفجار على الحاضرين، تجمع كثر حولها، ليتبيّن لاحقا ان ما سمعته لم يكن صحيحا.


طبعا، لم يصل الانتحاري الثاني الى السفارة الايرانية لسبب ما، وقد يكون ارتبك او تردد، انتظر دقائق، ثم فجّر نفسه بعد تجمع عدد كبير من المدنيين لمساعدة ضحايا الانفجار الاول، "وهذا ما ادى الى ارتفاع عدد الضحايا في منطقة غير مكتظة عادة"، كما يؤكد اهالي المنطقة.
لم يكن الانفجار عاديا، كان كبيرا الى حدّ ما، خلاصة ليس من الصعب استنتاجها بعد رؤية المباني المتضررة على بعد اكثر من مئة وخمسين متراً من موقع الانفجار.


شهيد آخر صودف مروره من المكان على دراجته النارية، كان قريبا جدا من السيارة المفخخة. هو ربما لم يتألم، مات على الفور، لكن صورته وهو ملقى تحت دراجته النارية يحترق، ستكون طبعا الاقسى على عائلته. سيصبح خبر موته مخففا امام هول المشهد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم