السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تركيا تحت نيران العقوبات... قطر تهبّ للمساعدة وأوروبا لن تخذل ترامب!

المصدر: "النهار"
م.م
تركيا تحت نيران العقوبات... قطر تهبّ للمساعدة وأوروبا لن تخذل ترامب!
تركيا تحت نيران العقوبات... قطر تهبّ للمساعدة وأوروبا لن تخذل ترامب!
A+ A-

ضاعف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم المفروضة على منتجات الصلب التركية إلى 50% وعلى منتجات الألومنيوم إلى 20% في ظل تزايد التوتر بين أنقرة وواشنطن على خلفية احتجاز القس الاميركي أندرو برانسون في تركيا لاتهامه بالتورط في أنشطة إرهابية. ورفعت الازمة المستجدة بين الولايات المتحدة وتركيا من الضغوط على الوضع النقدي والمالي والاقتصادي في الداخل التركي والذي كان وما زال يعاني من تبعات الحرب السورية، بالاضافة الى شعور المستثمرين بقلق من تأثير الرئيس رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية التي أتت بعد تعديلات دستورية أعطت أردوغان صلاحيات مطلقة بما فيها التدخل في قرار البنك المركزي التركي. أمام كل هذه العوامل، انهارت الليرة التركية خلال الاشهر الماضية مع ارتفاع قياسي للفوائد في الداخل التركي، حتى بعد بدء حلفاء الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي التدخل للتخفيف من وطأة الازمة. 

أوروبا قد تدفع الثمن

ولكن، يبدو ان هذه الازمة المستمرة قد تطال بتداعياتها أكبر الاقتصادات العالمية ومنها أكبر اقتصاد اوروبي، المانيا وهي ثاني أكبر مستثمر أجنبي في تركيا، التي يعد الاتحاد الأوروبي أكبر شركائها التجاريين. فقد حذرت وزارة المال الألمانية أن أزمة العملة التركية تشكل خطراً إضافياً على الاقتصاد الألماني، إلى جانب الخلافات التجارية مع الولايات المتحدة واحتمال ترك بريطانيا الاتحاد الأوروبي من دون التوصل إلى اتفاق. بدوره، يؤكد وزير الخارجية الألماني السابق زيغمار غابربيل أن تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة قد تحدث في حال قطع بلاده والاتحاد الأوروبي علاقتهما مع تركيا وعلى الجميع بذل ما في وسعهم للإبقاء على علاقة أنقرة بالغرب، وإلا فإن عزل تركيا يمكن أن يدفعها لتسليح نفسها نوويا على المدى البعيد، واعتبر ان الشعب التركي بحاجة ماسة الآن إلى إشارة واضحة بعدم مشاركة ألمانيا والاتحاد الأوروبي بمحاولات الرئيس الأميركي دونالد ترامب لزعزعة الاستقرار الاقتصادي لبلادهم. ورغم ذلك، خرجت الأمينة العامة لحزب الاتحاد الديموقراطي أنيجريت كرامب كارينبور لتؤكد أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أبلغت الحزب المحافظ الذي تتزعمه في اجتماع بأنها لا ترى حاجة ملحة لتقديم دعم مالي لتركيا لتخفيف أزمة عملتها، وهو الموقف ذاته الذي أكد عليه الناطق باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت معتبرا ان الأمر يعود إلى تركيا ما إذا كانت تريد طلب مساعدة صندوق النقد الدولي. ولكن، تؤكد المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مرارا أن عدم استقرار الاقتصاد في تركيا لن يكون من مصلحة أحد، وإن ألمانيا ترغب في رؤية الاقتصاد التركي في ازدهار. وبحسب الارقام الرسمية، هناك 22 الف شركة أجنبية تعمل في تركيا، 70% منها من دول الاتحاد الأوروبي، ومن بينها 6000 شركة ألمانية.

هروب الاموال

أما الارقام التذي تظهرها وكالة دي. بي. آر. إس للتصنيفات، فتؤكد ان التأثير الواقع على رؤوس أموال المصارف الأوروبية الأكثر انكشافا على أزمة الليرة التركية هو تأثير محكوم تسهل مواجهته، وذكرت الوكالة أن المصارف الأكثر انكشافا على تركيا، من خلال وحدات تابعة أو استثمارات مباشرة، هي بي. بي. في. إيه وأوني كريديت وبي. إن. بي باريبا وآي. إن. جي وإتش. إس. بي. سي، على ان يأتي التأثير السلبي على الربحية وتدهور جودة اصول بعض البنوك. وبحسب بيانات البنك المركزي التركي، باع مستثمرو المحافظ الاستثمارية الأجانب أسهما وسندات سيادية وسندات شركات تركية وصلت قيمتها الصافية إلى 3.4 مليارات دولار خلال الفترة الممتدة بين شباط ومطلع آب. وخفضت صناديق أسهم الأسواق الناشئة من متوسط الوزن النسبي لتعاملاتها في تركيا إلى 1.42% في تموز استنادا إلى تحليلات 180 صندوقا ذات أصول يبلغ مجموع قيمتها 355 مليار دولار يجري تعقبها من قبل صندوق كوبلي للبحوث، وهو أدنى مستوى لها منذ العام 2011.

أوروبا ترفض تقديم المساعدة

إنقسم الموقف الاوروبي حيال الاسراع في تقديم مساعدات مالية لتركيا لوقف نزيف عملتها وهروب الرساميل منها، بين معارض ومؤيد لتقديم المساعدة. فقد أعرب مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الموازنة جونتر أوتينجر عن رفضه لمنح مساعدات مالية مباشرة من ميزانية الاتحاد الأوروبي لتركيا التي تعاني حاليا من أزمة انهيار الليرة. وقال أوتينجر في تصريحات لصحف مجموعة "فونكه" الألمانية الإعلامية الصادرة إنه لا يرى أيضا تقديم ألمانيا لمساعدات مالية لتركيا أمرا مناسبا. وحث أوتينجر الحكومة التركية على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي في حالة الضرورة، موضحا أن الصندوق تم تأسيسه للتعامل مع مثل هذه التطورات الجذرية. وأوضح أوتينجر أن حل الأزمة الاقتصادية في تركيا يتطلب في المقام الأول "سياسة سليمة من الحكومة التركية"، خاصة في ما يتعلق باستقلال البنك المركزي وتغيير سياسة الفائدة واتخاذ الحكومة إجراءات بانية للثقة في الدعم الاقتصادي على سبيل المثال.

سارعت بعض الدول الحليف لتركيا لمساعدتها من خلال تعهدات وإستثمارات، فيما ردت أنقرة على إجراءات واشنطن بالمثل من خلال فرض سلسلة عقوبات على مسؤولين أميركيين وبعض الاجراءات التجارية. ورغم إستمرار الازمة، تمكنت الليرة التركية في الساعات الماضية من تعويض بعض خسائرها، حيث ارتفعت قليلا مقابل الدولار متجاهلة تعليقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي استبعد فيها الموافقة على أي مطالب لتركيا، مقابل الإفراج عن قس أميركي محتجز. وفي مقابلة مع رويترز قال ترامب إنه غير مهتم بأن يلحق موقفه الصارم أضرارا بالاقتصاد الأوروبي واقتصادات الأسواق الناشئة في نهاية المطاف. وبلغت العملة التركية 6.0700 ليرة للدولار لترتفع بالمقارنة مع مستوى إغلاق عند 6.0865 الاثنين الفائت، حين دخلت الأسواق التركية في عطلة عيد الأضحى التي تستمر بقية الأسبوع.

وكانت رفضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب محاولة تركيا ربط الإفراج عن القس أندرو برانسون بوقف التحقيق مع مصرف تركي كبير سيواجه غرامات أميركية بمليارات الدولارات، لمخالفته العقوبات على طهران، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال". ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي حديثه عن قضايا أخرى "خارج الطاولة" طرحت ضمن العرض التركي لم يحددها. ويأتي رفض صفقة الإفراج محرجا جدا لتركيا، باعتباره مقدمة تمهد الطريق أمام الولايات المتحدة لفرض جولة أخرى من العقوبات ضد أنقرة في هذا الأسبوع. وتقدر الغرامات المحتملة على البنك التركي بأكثر من 37 مليار دولار.

دعم الحلفاء

أما قطر، الحليف الاستراتيجي لتركيا، فقد سارعت لتقديم العون، حيث باشرت الدوحة تنفيذ حزمة استثمارات لتركيا بقيمة 15 مليار دولار كان وعد بها أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، خلال زيارته الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان منتصف الشهر الجاري، باتفاق مبادلة بالعملة الوطنية تصل قيمته إلى 3 مليارات دولار، ويأتي كمرحلة أولى من تنفيذ هذه الحزمة الاستثمارية.ووقّع مصرف قطر المركزي والبنك المركزي التركي اتفاقية مبادلة العملات (Swap Agreement)، بهدف تعزيز وتطوير التعاون الثنائي بين المصرفين المركزين من خلال إنشاء خط ثنائي الاتجاه لمبادلة العملة. وتمت مراسم توقيع الاتفاقية في مقر مصرف قطر المركزي، حيث مثّل دولة قطر محافظ مصرف قطر المركزي عبدالله بن سعود آل ثاني، وتركيا محافظ مصرفها المركزي مراد جتين قايا. وفي التفاصيل، من شأن هذا الاتفاق الذي يؤسس لخط المبادلة هذا أن يسهل ويعزز التبادل التجاري بين البلدين مع توفير السيولة والدعم اللازم للاستقرار المالي، على ان يكون سقف المبادلات عند 3 مليارات دولار . ويتوقع المسؤولون الأتراك أن يصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى خمسة مليارات دولار في المستقبل القريب، هذا وتشير بعض التقديرات الى أن التجارة بين قطر وتركيا زادت بقوة في العام 2017 لتصل إلى 1.3 مليار دولار، مقابل 834 مليون دولار في العام 2016.

الرد الاميركي على هذا الاتفاق جاء على لسان مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون الذي اعتبر أن اتفاق مبادلة العملة مع البنك المركزي القطري "غير كافٍ" لمساعدة الاقتصاد التركي. وفيما أشار بولتون إلى أن الحكومة التركية ارتكبت "خطأ كبيراً" بعدم إطلاق سراح القس برانسون، شدد على أن الأزمة مع تركيا يمكن أن تنتهي فوراً إذا فعلت الصواب وأطلقت سراح القس الأميركي بدون شروط.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم