الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل يحل "ختم النسر الأزرق" أزمة الطلاق بمصر؟

المصدر: "النهار"
القاهرة- ياسرخليل
هل يحل "ختم النسر الأزرق" أزمة  الطلاق بمصر؟
هل يحل "ختم النسر الأزرق" أزمة الطلاق بمصر؟
A+ A-

وقال الجندي خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون"، الخميس، على قناة "dmc" التلفزيونية، وهي قناة محسوبة على السلطة الحاكمة في مصر: "مفيش زواج أو طلاق بدون ختم النسر الأزرق المدور اللي مكتوب عليه وزارة العدل، وأي نوع زواج ثاني حرام"، مضيفا: "كل الأحكام الفقهية التي قالها الفقهاء والعلماء راعاها المشرع عند وضع وثيقتي الزواج والطلاق".  

وكان الرئيس المصري طالب، العام الماضي، بإلغاء الطلاق الشفوي وعدم الاعتراف به إلا بعد توثيقه، لكن الأزهر أصدر "بيانا للأمة" أكد خلاله أن الطلاق الشفوي أمر شرعي مستقر منذ عهد النبوة. وفي مؤتمر الشباب الأخير، كرر السيسي حديثه عن أزمة الطلاق وضرورة التصدي لها. وتطرح هذه الأزمة التي ربطتها بعض وسائل الإعلام المصري بالطلاق الشفوي، وإصرار المؤسسة الدينية على شرعيته، أسئلة منطقية مثل: هل الطلاق الشفوي هو السبب الرئيسي في الأزمة الراهنة؟ وهل يمكن للتوثيق الرسمي (بختم النسر الأزرق) أن يحلها؟

الطلاق يقع بكلمة

يقول الدكتور محمد وهدان، الأستاذ بجامعة الأزهر لـ"النهار": "الطلاق الشفوي يقع بكلمة، فالرجل يتزوج المرأة بكلمة، ويطلقها بكلمة، والتوثيق هو لحفظ الحقوق فقط، وهذا ليس رأيي أنا، ولكنه رأي مشيخة الأزهر، ودار الإفتاء. ومسألة التوثيق مهمة ومطلوبة، ويمكن أن نقوم بتوعية الناس من أجل القيام بها".

وبشأن اتهامات بعض وسائل الإعلام المصرية للمؤسسة الدينية، واعتبارها السبب في ارتفاع معدلات الطلاق، بسبب رفضها لاعتبار الطلاق الشفوي غير جائز شرعا، يقول الأستاذ بجامعة الأزهر: "المؤسسة الدينية تأخذ أحكامها من كتاب الله، وسنة رسول الله، وتراعي مصالح المجتمع، واعتقد أن هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وهي أكبر هيئة دينية في العالم الإسلامي كله، أجمعت واتخذت قرارا في هذه المسألة، وهذا قرار ملزم لكل الجهات، وحين يقول خالد الجندي كلاما، والأزهر يقول رأيه، من منهما يجب أن نلتفت إليه ونأخذ برأيه؟".

"الطلاق (في مصر) يعود لمشاكل اجتماعية، ومشاكل اقتصادية، والتوثيق لن يحل الأزمة، وإلغاء الطلاق الشفوي لن يحلها أيضا" يقول وهدان، معتبرا أن الواجب هو "البحث في الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ارتفاع معدلات الطلاق، وحلها، حتى تنتهي المشكلة، بدلا من شغل الناس في أمور لا علاقة لها بالأزمة، ولا طائل منها".

"الطلاق" يفقد قدسيته

رفضت الكابتة والروائية المصرية عفاف السيد، فكرة إلغاء الطلاق الشفوي في بداية الأمر، لكن حين أعادت التفكير بهدوء وجدت أن توثيق الطلاق ضرورة ملحة. وتشرح الكاتبة لـ"النهار" "إن كلمة الطلاق فقدت قدسيتها واحترامها في مجتمعنا المصري، وباتت تستخدم باستخفاف من قبل بعض الرجال، فيقول أحدهم (على الطلاق لا بد أن تأكل)، أو (على الطلاق هذا الأمر كذا)، وهذا جعل الطلاق عرضة لأن يقع في أي لحظة وباستخفاف شديد، وبات بعض الرجال يطلقون زوجاتهم ويعيشون معهن غصبا واقتدارا، ويقول لها (طلقتك؟ أثبتي أنني فعلت ذلك.)، ولهذا أنا مع فكرة التوثيق".


ن ثم من المنطقي أن يكون الطلاق كذلك. هناك شق شرعي، وهناك شق مدني، ونحن في دولة، ولسنا في قبيلة أو في الصحراء. الشق الشرعي هو أن ينطق بالطلاق، والشق المدني هو حق الدولة، وليس له علاقة بالشرع، ومن ثم يجب أن يتم التوثيق".

وقالت الدكتور سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في تصريحات إعلامية، مؤخرا إن ما حدث هو أن الطلاق الشفوي تسبب بزيادة نسب الطلاق، وأصبح الكثير من الرجال يقومون بتطليق زوجاتهم وهذا أمر غير مقبول"، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن "جمهور الفقهاء يرون أن الطلاق غير الموثق أو الطلاق الشفوي يقع".

"العيشة في الحرام"

ويرفض الدكتور طه أبو حسين، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأميركية بالقاهرة، التعليق على الحكم الشرعي في هذه المسألة، ويقول لـ"النهار" إن "الحكم واضح تمام الوضوح في هذه المسألة، ولكن يمكني أن أضع هذا الكلام (فتوى الداعية خالد الجندي) في سياقه، بغض النظر عن اسم قائله، إنه كلام يأتي في إطار التلون مع المزاج السلطوي في مصر، حين نحاول لي عنق النصوص الدينية، حتى تتوافق مع مزاج السلطة ولتتماشي مع الخطاب السياسي، فإن هذا أمر مرفوض تماما".

"ما يهمني هنا نقطة خطرة جدا تسببها هذه الفتوى، وهو أن الزوجة التي يطلقها زوجها شفويا، يكون الطلاق قد وقع وفقا للحكم الشرعي، ووفق النصوص الدينية"، ويضيف عالم الاجتماع "لكنها تعيش مع زوجها بغير غطاء شرعي، في ظل عدم اعتراف الدولة بهذا الطلاق إلا بوجود ختم النسر على وثيقة طلاق رسمية".

وأشار أبو حسين إلى أن هذا الوضع "يطرح سؤالا، ماذا لو طلق رجل زوجته ثلاث مرات، ولم يوثق ما قام به بختم النسر، فهل معيشتهم الفعلية مع بعضهم تكون حلال أم حرام؟ إنها حرام بالتأكيد، وهنا الوضع الرسمي الذي يدعون إليه، يؤسس لوجود علاقات محرمة، وعلاقات سفاح تحت ظل القانون، وبحماية سيفه، وهذا له تأثير مدمر على الحياة الاجتماعية في مصر، بسبب هذه العلاقات المحرمة. وهذا كلام مرفوض بغض النظر عن من قاله، وفي أي دولة يحدث".

وحول ارتفاع معدلات الطلاق إلى نسب مرتفعة في السنوات الأخيرة، يقول الأستاذ بالجامعة الأميركية: "لدي دراسة صدرت سنة 2011 تقول بأن نسبة الطلاق في مصر لم تكن تزيد على 9%، وكانت أسباب الطلاق مرتبطة بعد موجود الكفاءة الاجتماعية، أو الثقافية، أو الذاتية بين الأزواج، وكانت الأسباب الاقتصادية، متراجعة تماما وفق هذه الدراسة. لكن في هذه الأيام، ومع وصول المعدلات إلى هذه النسب المرتفعة، اعتبر أن الأسباب الاقتصادية لها دور مؤثر للغاية في حالات الطلاق".




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم