الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رسالة السفير اللبناني في اليابان وصلت: "البزورات" وسمّ "الأفلاتوكسين"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
رسالة السفير اللبناني في اليابان وصلت: "البزورات" وسمّ "الأفلاتوكسين"
رسالة السفير اللبناني في اليابان وصلت: "البزورات" وسمّ "الأفلاتوكسين"
A+ A-

رسالة تحمل توقيع "#سفير_لبنان_لدى_اليابان" استحوذت اهتمام اللبنانيين وادارات رسمية اخيرا، بعدما انتشرت على الواتساب ومواقع التواصل الاجتماعي. والموضوع "#المكسرات_المحمصة ونظرية #اليابان حول تسببها بـ#السرطان"، او بتعابير اخرى المكسرات المحمصة اللبنانية وتلوثها بعفنة تتسبب بالسرطان.


الرسالة رسمية، وفقا لما تبدو عليه. يظهر أعلاها اسم "سفارة لبنان لدى اليابان" مع الأرزة في الوسط. رقمها 228/أ.ع/9 الى اليمين، وتحته تاريخ الارسال: 19/4/2018، اي قبل نحو ثلاثة اشهر. وهي موجهة الى "وزير الخارجية والمغتربين، باطلاع الامين العام- مديرية الشؤون الاقتصادية"، مع تمني "احالتها على وزير الصحة ووزير الصناعة، والافادة عن اي توجيهات" بهذا الخصوص.  


في التدقيق، يتبيّن ان "الرسالة صحيحة"، وفقا لما تؤكد مصادر مطلعة في وزارة الخارجية لـ"النهار". "السفير اللبناني في اليابان هو الذي وجهها بالفعل. وقد تسلمها وزير الخارجية، واطّلع عليها، وأحالها بدوره على الادارات الرسمية المختصة".   


الرسالة 

ماذا يقول السفير في رسالته؟ "اثناء تناولي الحديث قبل فترة مع عميد الجالية اللبنانية المحامي فؤاد حداد (49 عاما اقامة)، لماذا لا توجد المكسرات اللبنانية في الاسواق والسوبرماكات اليابانية وامكان ايجاد سوق ضخم لها، أجابني واطلعني على الامر البالغ الخطورة التالي: جرت ابحاث طبية في اليابان قبل عشرات السنوات، على الفستق الحلبي المحمص واكتشفوا انه يحوي نوعا من "العطنة" تنمو وتعشعش داخل غلاف الفستق الحلبي وتتسبب بأمراض سرطانية عند تناولها داخل جسم الانسان. وتم تحريم استيرادها. وعندما قلت له: والفستق الحلبي الموجود في السوق، اجابني انه يُستورد من الولايات المتحدة وفقا لاعلى مواصفات التحميص والتبخير والعناية، وهو مراقب وفقا لشروط وزارة الصحة اليابانية.

اعرض هذا المعطى الخطير على جانب كبار المسؤولين، لانه في العادات المتأصلة لدى كافة سكان لبنان الفقراء والطبقة المتوسطة والاثرياء انهم يدمنون تناول كافة انواع المكسرات المحمصة، وتحديدا الفستق الحلبي (والقلوبات) اسبوعيا وشهريا. وعن مدى تفشي او انتشار كافة انواع المرض الخبيث السرطان في شعب لبنان، وقد اظهرت الاحصائيات انها الاعلى في المنطقة العربية والبحر الابييض المتوسط، هل يكون الفستق الحلبي وطريقة تحميصه وتخزينه وتهوئته احد المسببات الرئيسية، بعد ان يتناولها شعب لبنان، للاصابة بشتى انواع مرض السرطان؟!

اناشد كبار المسؤولين العناية بهذا التقرير، واجراء كافة البحوث الطبية، والاتصال بالجانب الطبي الياباني لتبيان الحقيقة المرّة، رأفة بأبناء الشعب اللبناني. وسيسفر الامر، من جهة اخرى، عن اتباع المواصفات الصناعية المطلوبة لايجاد اسواق لهذه المكسرات. لكن العناية الطبية هي الاهم بكثير لصحة الانسان اللبناني. وقد يكون هذا سر تفشي المرض الخبيث الفتاك، وتحطم معنويات معظم فئات الشعب، في لبنان".    

 
حدارة: الأفلاتوكسين مؤذية جدا 

بتأكيد صحة هذه الرسالة، وانها رسمية من السفير اللبناني في اليابان، وان وزير الخارجية تسلمها بالفعل، يبقى السؤال عن حقيقة هذه "العطنة"، او العفنة التي يتكلم عليها السفير، وتقف وراء حظر اليابان استيراد المكسرات المحمصة اللبنانية اليها، وفقا للرسالة.


في الكلام العلمي، هذه العفنة معروفة جيدا، واسمها "أفلاتوكسين" (Aflatoxin). وتشرح الدكتورة أميرة حدارة، الباحثة في تكنولوجيا وصناعة الغذاء الاستاذة المحاضرة في الجامعة اللبنانية، "انها من المركبات الذيفانية المؤذية جدا. وتقول الدراسات والابحاث التي أُجريت حتى اليوم ان اكبر نسبة افلاتوكسين موجودة في المكسرات، لا سيما الفستق الحلبي والفول السوداني".  

وتنبه الى ان "الخطر في الحالتين ان يكونا ملوّثين بـ"الافلاتوكسين بي 1" الأخطر، اذ من شأن هذه المادة التعريض للإصابة بالسرطان، من خلال تدميرها الحمض النووي للانسان وتحويله، الى جانب تسببها بأمراض في القلب والاوعية الدموية ونقص المناعة والجهاز الهضمي ونقص النمو عند الاطفال".


طريقة حفظ المكسرات وحبوب اخرى، لا سيما القمح، من أهم المسائل التي تشدد عليها حدارة، "بحيث يتوجب التنبه الى حمايتها من الرطوبة"، وتأمين البيئة المناسبة المانعة لـ"الأفلاتوكسين" وتكاثرها. وتحذّر من ان "بيع المكسرات مكشوفة على الطريق من شأنه ان يؤمن البيئة الملائمة لتكاثر هذه العفنة، لتوفر الدفء لها بسبب اشعة الشمس، وايضا الرطوبة. فكيف اذا كانت الرطوبة مضاعفة؟" تخفيف تكاثر هذه العفنة يستوجب، على قولها، "بيئة جافة، مع قليل من البرودة".  

وتلفت الى أبحاث عدة أجريت في لبنان بهذا الشأن، وتنبه الى أخطار "الأفلاتوكسين" في بعض المكسرات وحبوب أخرى. وتقول: "ثمة حبوب تتأثر اكثر بهذه العفنة. لكن العفنة التي تصيب الفستق الحلبي والفول السوداني تبقى الأخطر، وفقا لما تبيّنه الدراسات. ويجب التنبه ايضا الى ان الفستق المقشور عرضة اكبر لهذه العفنة مما هو الفستق غير المقشور". 


نقطة اخرى. تحميص الفستق على النار "ليس من شأنه التخلص من العفنة، اذ ان سمّها يبقى في الاطعمة بعد التحميص"، على قول حدارة. كذلك، يجب ان نعرف ان "العفنة تبدأ بالتكاثر قبل التحميص، اي عند الحفظ، لا سيما في ظل حرارة ورطوبة مساهمتين لتكاثرها. لذلك، تبقى طريقة الحفظ من الشروط الاساسية لمكافحة هذه العفنة".   


لدى اجراء بحث عن "الأفلاتوكسين" على "غوغل"، يبرز اولا تحذير المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة. كيف يتعرض الناس لسموم الأفلاتوكسين؟ يجيب: "يمكن ذلك عن طريق تناول المنتجات النباتية الملوثة (مثل الفول السوداني) أو عن طريق استهلاك اللحوم أو منتجات الألبان من الحيوانات التي تتناول طعامًا ملوثًا. قد يتعرض لها المزارعون والعمال الزراعيون عن طريق استنشاق الغبار المتولد أثناء معالجة المحاصيل والأعلاف الملوثة". 

 سؤال آخر: كيف يمكن تقليل التعرض للأفلاتوكسين؟ "يمكن ذلك عن طريق شراء الماركات التجارية الكبرى فقط من المكسرات وزبدة الفستق، وعن طريق التخلص من المكسرات التي تبدو متعفّنة أو حائلة اللون أو الذابلة".  


ويتدارك: "للمساعدة في تقليل مخاطر الأفلاتوكسين، تجري إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) اختبارات على الأطعمة التي قد تحتوي عليها، مثل الفول السوداني وزبدة الفول السوداني. حتى الآن، لم يتم الإبلاغ عن تفشي أمراض ناجمة عن الأفلاتوكسين في الولايات المتحدة، غير ان مثل هذا التفشي سُجِّل في بعض البلدان النامية". 

وزارة الصناعة توضح 

تعليقا على ما يتم "تداوله عن المكسرات المحمصة"، أصدرت وزارة الصناعة البيان الآتي: "أثير في الفترة الأخيرة موضوع المكسرات المحمصة ومنع اليابان استيرادها من لبنان. لذلك، يهم الوزارة أن تفيد أنها تعمد، وفقا لدورها ومهماتها ومسؤولياتها الرقابية، الى أخذ عينات عشوائية من المحامص العاملة في لبنان في شكل دوري. ومنذ عامين حتى اليوم، جاءت نتيجة الفحوص على العينات العشوائية مطابقة للمواصفات، أي أنها خالية من المواد المسرطنة. وستعمل الوزارة على توسيع شريحة أخذ العينات من المنتجين والمصدرين، وتودعها مختبرات معهد البحوث الصناعية لإخضاعها للفحوص اللازمة. وستعلن النتائج لدى صدورها.

أما بالنسبة الى منع المكسرات اللبنانية إلى اليابان، فقد يكون مرتبطا بإحدى الشحنات القديمة غير المطابقة، علما أن اليابان تتحدث عن الفستق الحلبي عموما، وليس عن المكسرات اللبنانية تحديدا. وعما ذكر نقلا عن أحد اللبنانيين المقيمين في اليابان بهذا الخصوص، فلا يمكن الاستناد إليه لكون المعلومة ليست صادرة عن مرجع ياباني رسمي".

واكدت أن "المصانع اللبنانية في قطاع التصنيع الغذائي، خصوصا التحميص والمكسرات، تعمل وفقا لأعلى المواصفات الاوروبية والأميركية. ويطور المنتجون خطوط انتاجهم. وجهزوا مصانعهم بمختبرات خاصة للرقابة الداخلية. وعملوا جاهدين لنيل الأيزو والهاسب. ويتجاوبون مع الوزارة على صعيد متابعة الدورات التدريبية المتخصصة التي تنظمها دوريا، بإشراف خبراء لبنانيين وأجانب يعملون في اوروبا وأميركا لاطلاع المصنعين اللبنانيين على الشروط المطلوب توفرها لتصدير المنتجات الغذائية إلى هذه البلدان. ونتيجة هذه الجهود والمثابرة والتطوير، يصدر الصناعيون اللبنانيون هذه المنتجات إلى الولايات المتحدة وكندا والصين ودول الاتحاد الاوروبي والدول العربية والافريقية. ومعلوم أن التصنيع الغذائي شكل قرابة 20 في المئة من مجمل الصادرات الصناعية اللبنانية عام 2017".

[email protected]


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم