الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الناريّون" هل يشوون "الديوك" للعشاء الأخير؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
"الناريّون" هل يشوون "الديوك" للعشاء الأخير؟
"الناريّون" هل يشوون "الديوك" للعشاء الأخير؟
A+ A-

إنها اللعبة الأخيرة في المونديال. 

والموعد هو هذا اليوم. هذا اليوم الأحد بالذات.

وفي السادسة من هذا المساء.

وفي موسكو.

على أرض ملعب لوزنيكي – موسكو.

***

أما "الديوك" فتعرفونهم جيّداً. وهم يصيحون جيّداً.

وكما تعلمون، وكما يقول المَثَل، كلّ ديكٍ فوق "مزبلته" صيّاحٌ. وأحياناً هو يتجاسر، ويجرؤ، وينفش ريشه، ويطير، ويفرفر، ويراوغ، ويباغت، ويهاجم، وينقر، ويقفز من على سطح "المزبلة"، "مزبلته"، وينزل إلى ضواحيها، ويتباعد، ويوغل، ويسدّد، ثمّ يمشي مختالاً متبختراً، ليصيح في النهاية، خارج حدود "المزبلة"، صيحة الفوز الأخيرة.

لكنّ "الديوك" اليوم، لن يكونوا فوق "مزابلهم"، ولا في ملاعبهم، بل سيخرجون إلى مواجهة الخصوم في مكانٍ محايد.

وربّما – مَن يدري – أيّ هواءٍ ينقل الخصوم إلى هذا المكان المحايد ليزرعوه بالألغام والفخاخ والمفاجآت.

وأيّ خصومٍ!

وأيّ ألغامٍ وفخاخٍ ومفاجآت!

"الديوك" هم أسياد "القنّ"، لكنْ حيث هناك دجاجٌ، وحيث هناك ديوكٌ آخرون.

سبق لهؤلاء "الديوك" أن أذلّوا كثيرين، وأن لقّنوا كثيرين آخرين، دروساً قاسية في فنّ الصياح وفي فنّ "النقر"، ومن الممكن – إذا تمكّنوا أو إذا أسعفتهم الظروف - أن يجتازوا امتحان اليوم، ويواصلوا تلقين الدروس.

والله أعلم.

خصومهم في اللعبة، كانوا حتى الأمس القريب خصوماً ثانويين، مجهولين، غير مرئيين تحت شموس الكرة المشتعلة. ولم يكن أحدٌ يحسب لهم كبير حساب.

هؤلاء الخصوم يأتون من بلادٍ صغيرة، أربعة ملايين نسمة، بخمسين ألف كيلومتر مربّع، وهي بلادٌ كانت في ما مضى من أحوالٍ وأهوالٍ وحروب وانقسامات وتقسيمات، جزءاً من كيانٍ تعدديّ وجمهوريّ كبير.

ليس لهؤلاء الخصوم ماضٍ عريقٌ في اللعبة. لكنهم – يا للعجب – سرعان ما كسروا المعايير والمقاييس والأصول. فخرجوا من العتمة، مثلما تشرقط الشهب والنجوم في الظلمة المستتبة.

يسمّونهم "الناريّون" (الناريين).

لا أعرف سبب التسمية.

يمكن الرجوع الى "غوغل" لمَن يريد أن يعرف السبب.

لكن التسمية مثيرة. لأنها تجعلهم مولودين تحت أبراج النار.

مَن في مقدوره أن يواجه مولوداً تحت أبراج النار، إذا لم يكن يعرف أسرار النار، وكيمياءها، وتفاعلاتها و... مفاعيلها؟!

يسمّونهم "الناريّون" (الناريين)، ربّما لأنهم مكافحون. مشتعلون. ومتأجّجون.

وربّما، ربّما، لأنهم يأكلون الجمر، ويأكلون الرماد، ولا يستسلمون للبرد الذي يعرف كيف يتسلّل رويداً رويداً إلى جمرهم بقصد إطفائه، أو بقصد إدخال الوهن إلى روحه، وإضعاف وهجه، قبل الأوان.

يسمّونهم "الناريّون" (الناريين).

إنّما لأن نيرانهم حارقة، ومن أسرارها أنها تلسعهم أولاً، من أجل أن يشتعلوا، ويشتعل بهم الملعب، بمَن فيه. وبما فيه. 

ولأنهم كذلك، كلّما هبّ نسيمٌ خفيفٌ، أو غير خفيف، تطايرتْ حممهم في فضاء اللعبة، ولمّعت العيون، وألهبت الأجساد والرؤوس، ومنحت أقدامهم القدرة على فذلكة البراعات الجسورة. وما أكثرها.

اليوم، بلا طول شروح، يلتقي "الديوك" و"الناريّون".

لا بدّ أن تكون المنازلة حامية الوطيس.

وعليه،

ليس أمام "الديوك" سوى أن يهجموا على النار ليطفئوها.

فهل يستطيعون؟ وكيف؟

ترى، هل يكفي "الديوك" أن يصيحوا؟

هل يتجاسرون ويتوغلون في أرض "الناريّون" (الناريين)، لينقروا جمر المرمى ويطفئوه، و... يطيحوه؟

وعليه،

ليس أمام "الناريّون" (الناريين) ىسوى أن يشعلوا النار في أرض "الديوك"، ويغلقوا أمامهم المنافذ، ويمنعوهم من الفرار.

في اللعبة، ليس عندي أيّ اعتبارٍ إلاّ للعبة نفسها.

فبعيداً عن كلّ اعتبارٍ ثقافيّ، أو لغويّ، أو "عاطفي"، هل سيُصلي "الناريّون" "الديوكَ" نيراناً حامية، فتأتي عليهم، و"تشويهم"، فـ... يكونوا وليمة العشاء الأخير؟!

احضروا الماتش الأخير!

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم