الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نعيش عصر التجسس

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
A+ A-

لا اعتراض على ما ذهبت اليه لجنة الاعلام والاتصالات في مجلس النواب بمناقشة خروق الابراج الاسرائيلية على الحدود لاجهزة الاتصال اللبنانية والتنصت على اللبنانيين، لان كل تحصين للبنان من الاعداء يفيد، على الاقل، في تمديد أمد هذا الوطن الذي يتآكل بهمّة المسؤولين انفسهم، مع ما تمعن فيه احزابهم من افساد وضرب لمقومات الدولة. لكن موضوع التنصت ليس جديداً، بل تنامى الى حد بعيد مع تطور وسائل الاتصال الحديثة والهواتف الذكية التي تربط الواحد منا بالعالم، وتجعله فريسة اجهزة التجسس والتنصت المحلية بامكاناتها الضعيفة غالبا، وتلك العالمية الاكثر تطورا.
فمع انتشار البرامج المجانية على الهواتف الذكية، مثل "فايبر"، و"واتس آب"، و"تانغو" و"سكايب"، أصبحت الأمور أكثر سهولة في ما يتعلق بالحصول على بيانات المستخدمين، خصوصا أن تلك البرامج تنبّه مستخدميها إلى أنها تتيح مشاركة البيانات ومعلومات المستخدمين بعضهم مع بعض. وتشير دراسات الى ان شركة "فايبر"، التي يأمن لها كثيرون ولا يتحدثون الا عبرها لانها تحمي البيانات، هي شركة اسرائيلية تعمل من قبرص، وبالتالي فهي قادرة على مراقبة كل البيانات التي تحجب عن الاجهزة المحلية فقط.
اما الاقمار الاصطناعية فحدث ولا حرج، ومراقبتها لحركة الناس اصبحت فاضحة مع برنامج"غوغل ماب" الذي ينقل الحركة في الشوارع بصورة مباشرة، ويمكنه عبر كاميرات متطورة ان يراقب ما يجري في المكاتب، وصولا الى غرف النوم.
وماذا عن الطائرات الاسرائيلية التي تخرق اجواءنا صبح مساء، أليست وسائل مراقبة وتجسس، تعمل منذ ما قبل الحرب في العام 1975؟ وماذا عن محطة التنصت في قبرص التي تغطي المنطقة كلها؟
ماذا بعد؟ نعيش في عالم تنصت ومراقبة لم تعد تنفع معه المقاومة، الا اذا اخترنا ان نعزل انفسنا عن عالم الانترنت، والهواتف الذكية، وربما ايضا عن الشبكة الارضية للهاتف، اذ ان الامكانات المتخلفة المتوافرة لبعض اجهزتنا تركز على هذا الجانب. ورغم كل ما يقال عن تنظيم لحركة التنصت على الهواتف في لبنان، الا ان الغرفة المشتركة التي تقررت لتنظيم هذا العمل الامني، ظلت معطلة، لا للاسباب التقنية كما يبرر مسؤولون رسميون، وانما لخلاف على ادارتها، وعلى تحديد الجهاز الذي له حق الاطلاع على الداتا لتقدير مدى اهميتها، قبل ان يتخذ القرار في شأنها. وبما انه يعمل في هذه الغرفة ضباط من مختلف الاجهزة فالسؤال لمن تكون الامرة، ومن يضمن ان لا يسرب كل ضابط كل الداتا الى الجهاز الذي يعمل فيه، وربما الى آخرين في اجهزة امن الاحزاب الفاعلة، ومن يقف وراءهم من اجهزة اقليمية؟
بالمختصر، نعيش كلنا تحت الرقابة، وفي البال عدم اعتذار الادارة الاميركية عن تجسسها على ملايين البشر، بل تبريرها الامر بانه عادي وتقوم به كل الدول، بعد هذا من يحاسب من؟ وهل نأمل بمجلس الامن؟.


[email protected] / Twitter: @ghassanhajjar

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم