الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مراوحة التأليف لا تُسقط العُقد على وقع تفجّر مزيد من ملفات الفساد

المصدر: "النهار"
مراوحة التأليف لا تُسقط العُقد على وقع تفجّر مزيد من ملفات الفساد
مراوحة التأليف لا تُسقط العُقد على وقع تفجّر مزيد من ملفات الفساد
A+ A-

مع قضاء رئيس الحكومة المكلّف سعد #الحريري إجازة عائلية خارج البلاد، في مقابل استمرار سفر رئيس المجلس، ورئيس تكتل "لبنان القوي" الوزير جبران باسيل، تراوح اتصالات التأليف مكانها، فيما تغرق البلاد في تفجّر عدد من ملفات الفساد، التي تفاقمت حالاً خلال موسم الصيف، حيث الترويج الرسمي لموسم سياحي ناجح بامتياز. فيما مثّل الملف التربوي محور الاهتمام اليوم، بعد البيان الصادر عن اتحاد لجان الأهل للمدارس الكاثوليكية، الذي يؤيد ما طُرح في اجتماع بكركي، حيال المرسوم القاضي بتحديد مساهمة الدولة في تخفيف أعباء التعليم عن كاهل ذوي التلامذة في المدارس الخاصة. 

فمن فضيحة تلوّث مياه البحر، التي تأكدت بفعل صدور نتائج كارثية للتحاليل، التي أُجريت على عينات مستخرجة من مختلف الشواطئ اللبنانية، إلى فضيحة مكبّات النفايات، التي تتفاقم حالها مع ارتفاع درجات الحرارة، الى فضيحة اللحوم الفاسدة، التي صودرت في منطقة البداوي، إلى المداهمة التي نفّذتها دورية من أمن الدولة، لمستودع في عرسال يبيع أدوية فاسدة، يصبح الاستحقاق الحكومي في آخر سلم أولويات المواطنين، الذين يشعرون بحجم الإهمال الرسمي المتمادي لصحتهم ولسلامتهم.

في الموازاة، يستمر الانشغال السياسي بالعُقد الحكومية، التي بات واضحاً أنها لا تقف عند حدود مطالب وزارية، بل تتعداها لتُقارب جوهر الأزمة السياسية القائمة في البلاد، على خليفة حسابات تتصل بميزان القوى، وبفتح مبكّر للاستحقاق الرئاسي. 

فبعد مساعي التهدئة التي أفرزها لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع، ما أعاد تنشيط حركة الاتصالات بين الجانبين، جاء كلام رئيس التيار الوطني الحر، الوزير جبران باسيل، في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، ليعيد الأمور الى مربعها الأول، بعدما تناول تفاهم معراب، وحصة القوات اللبنانية الحكومية، وأداء وزرائها، وغادر الى إيطاليا، تاركاً كلامه يتفاعل في الوسط السياسي الداخلي. وهو كان قد قال إن القوات تتعاطى مع تفاهم معراب كأنه "لائحة طعام"، ملمّحاً الى أنها لم تدعم العهد كما يجب، وأن حصتها الوزارية يجب أن تكون 3 حقائب. ولم يلق هذا الكلام ترحيباً في الأوساط القواتية، التي رأت أن باسيل ينسف الهدنة ويطيح المساعي الجارية من أجل احتواء أجواء التشنج الأخيرة. وجاء الرد على لسان نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني، الذي ردّ على تصويب باسيل على أداء وزراء القوات بقوله: "لا أدري في أي كوكب موجود الوزير جبران باسيل، لكي لا يرى عملنا، ولن نخبره كل يوم بما نقوم به". وأضاف: "كفانا تضييعاً للرأي العام، وتهويلاً عليه، إذ علينا العمل بطريقة علمية، والقول بصراحة أين هي الإنجازات التي أنجزتها الوزارات الأخرى، التي كان يجب أن تنجز بالأثر البيئي والنفايات والاقتصاد، وبالعمل الجدي على مكافحة الفساد، وغير ذلك".

وفيما كان باسيل يصوّب على القوات، كان رئيسها يتناول الوضع الحكومي والاقتصاديّ، في عشاء أقامته دائرة المصارف في مصلحة النقابات في "القوات" في معراب، حيث قال "إن الناس منحونا ثقتهم لأنهم يشعرون بأنه "صار بدّا"، وعلى هذا الأساس سنتصرّف "لأنو صار بدّا، ولازم نكون قدّا، ورح نكون قدّا". فبالنسبة إلينا، وبخلاف ما يظنه الكثيرون، فإنّ مشاركتنا في الحكومة مرتبطة بفعالية وجودنا فيها، وقدرتنا على التغيير، والدليل أننا لم نتنطّح يوماً أو نقاتل من اجل الدخول إلى أي حكومة، منذ 13 عاماً حتى اليوم، لا بل بالعكس تماماً، حيث كان يُطلَب منا المشاركة، وكنا نرفض ذلك، فنحن إذا وجدنا أننا لن نكون فاعلين، أو قادرين على التغيير في الحكومة العتيدة، فلا فائدة من مشاركتنا، وما نصارع من أجله اليوم ليس حجم الحصة الوزارية، التي سنحصل عليها، وإنما من أجل أن نستطيع أن نكون "قدّا".

واذا كانت العقدة على المقلب المسيحي لا تزال تراوح مكانها، فإن الوضع لم يكن أفضل على المقلب السني، حيث أكد اللقاء التشاوري للنواب السنّة، بعد اجتماع له، "الحق بأن يتمثل النواب السنّة المستقلون في حكومة الوحدة الوطنية، تكريساً لفكرة الوحدة الوطنية أولاً، ثم لضرورة التوازن النسبي ضمن الطوائف، وفق نتائج الانتخابات". وكشف النائب فيصل كرامي "إننا اليوم 6 نواب نجتمع في إطار لقاء دوري وتشاوري، ونحن موجودون، ونطالب بالتمثّل بوزيرين، يمثلان النواب الـ10 خارج تيار المستقبل".

وعُلم أنّ اجتماعاً آخر سيعقده اللقاء ظهر الثلثاء المقبل في مجلس النواب، من أجل مواكبة ملف تأليف الحكومة، في ظل تمسك اللقاء بأن يتمثّل فيها بوزير.

في المقابل، تفاعل الوسط السني مع الطروح التي تمس بصلاحيات رئيس الحكومة. وقد برز في هذا السياق اجتماع مجلس المفتين في دار الفتوى، برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي اكد أن تأخير تأليف الحكومة مردّه الى إيجاد أعراف مصطنعة، تتناقض مع وثيقة الوفاق الوطني، التي أضحت دستوراً أجمع عليه اللبنانيون. وأكد ضرورة التزام كل الأفرقاء اتفاق الطائف، وعدم إيجاد أعراف تعوق تأليف الحكومة، والنهوض بمؤسسات الدولة، التي ينتظرها اللبنانيون لإيجاد حلول سريعة للأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية. وطالب المجلس بالحفاظ على صلاحيات السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتأكيد مداورة الوزارات والفئات الأولى، من خلال مجلس الوزراء، وبرعاية رئيس الجمهورية، الذي هو حَكَم بتوازن السلطات، والمؤتمن على حسن تطبيق الدستور. ونبّه الى خطورة المس بصلاحيات رئيس مجلس الوزراء، المخوّل دستورياً تأليف الحكومة، بالتشاور مع رئيس الجمهورية، بعد استشارات غير ملزمة، يجريها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم