الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الأمير وليم في زيارة تاريخية للمنطقة...هل انتهت علاقة "العشيقة السرّية"؟

الأمير وليم في زيارة تاريخية للمنطقة...هل انتهت علاقة "العشيقة السرّية"؟
الأمير وليم في زيارة تاريخية للمنطقة...هل انتهت علاقة "العشيقة السرّية"؟
A+ A-


حتى وقت قريب كانت فكرة زيارة مسؤول كبير من الاسرة المالكة في بريطانيا لاسرائيل غير واردة. وعندما كان مسؤولون اسرائيليون يدعون أفراداً من قصر كنسينغتون، لزيارة الدولة العبرية، كانوا يلقون رداً مهذباً بالرفض. ومع ذلك، سيصير الامير وليم، وهو الرجل الثاني في ترتيب وراثة العرش في بريطانيا، أول شخص من العائلة يخرق المقاطعة غير المعلنة، بزيارته التي تستمر خمسة ايام للاردن واسرائيل والمناطق الفلسطينية أيضاً. 

يأتي الأمير وليم من دون زوجته كايت الى المنطقة في وقت حساس جداً بعد اعتراف الادارة الاميركية بالقدس عاصمة لاسرائيل ونقلها سفارتها اليها، الامر الذي أثار سخطاً عربياً واحتجاجات في غزة تطورت الى مواجهات مع اسرائيل. وينشط حالياً كبير مستشاري الرئيس الاميركي صهره جاريد كوشنير لتسويق ما سمي "صفقة القرن". ووسط التوتر، سيحاول كل من الفلسطينيين والاسرائليين انتزاع دعم من دوق كايمبريدج على رغم حرص الجانب البريطاني على تأكيد الطابع "غير السياسي" لزيارته.

لهذا يتوقع أن يكون الامير الشاب حذراً جداً في تحركاته. فحتى قبل وصوله، أثار برنامجه الذي أعلنه قصر كنسينغتون، عاصفة انتقادات في الصحافة الاسرائيلية، اذ ورد فيه أن برنامج زيارة "المناطق الفلسطينية المحتلة" سيبدأ بالاطلاع على تاريخ وجغرافيا البلدة القديمة في القدس.

وعلق وزير شؤون القدس الإسرائيلي زئيف الكين: "من المؤسف أن تكون بريطانيا سعت إلى تسييس الزيارة... فالقدس هي العاصمة الموحدة لإسرائيل منذ أكثر من 3000 سنة، ولا يؤدي أي تشويه في صفحات برنامج الجولة إلى تغيير الواقع، وأتوقع من مساعدي الأمير تصحيح هذا الخطأ".

واعتبرت المعلقة اليمينية كارولين غليك الاشارة الى القدس على أنها "جزء من المناطق الفلسطينية" استمراراً للتعامل "الغريب والعدائي حيال الدولة اليهودية" من بريطانيا والعائلة المالكة. وكتبت: "عوض موقف بريطاني حازم في القضية الاكثر تفجراً في النزاع العربي مع اسرائيل، قررت بريطانيا استخدام زيارة الامير وليم للقيام بما عجزت عنه كل الدول في ما عدا باكستان، وهو الادعاء رسمياً أن تلك الاجزاء من القدس تعود الى العرب، لا الى اليهود".

ولم يكشف القصر الملكي في بريطانيا الأماكن التي سيزورها الامير وليم، لكن صحيفة "يديعوت أحرونوت" أوردت أنها أربعة: المسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، كنيسة يوحنا المعمدان، وحائط البراق.

وفي المناطق الفلسطينية واسرائيل، يلتقي الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وبموجب سياسة غير معلنة، حرصت العائلة المالكة دائماً على عدم التقرب كثيراً، من اسرائيل، أقله علناً، تجنباً لاغضاب العرب، وارتأت البقاء بعيدة من ذلك المستنقع الديبلوماسي ما لم يحلّ النزاع الفلسطيني - الاسرائيلي. ويذكر أن بريطانيا حكمت المنطقة طوال ثلاثة عقود الى حين تأسيس اسرائيل قبل 70 سنة، ولا يزال فريقا النزاع يلومانها على زرع بذور نزاع لا تزال المنطقة تعانيه حتى الان. وطوال تلك الفترة، كانت ثمة تقارير متفرقة في الاعلام عن محاولات يائسة لاسرائيل لاستضافة الملكة أو أحد أفراد أسرتها. وفي رسالة مسربة عن مبادلات بين اثنين من أفراد الحاشية الملكية عام 2007، كتب أحدهما: "من الآمن الافتراض أن لا فرصة لحصول هذه الزيارة. الموافقة ستصعب تجنب الطرق الكثيرة التي تريد من خلالها اسرائيل استغلال الامير تشارلز لمساعدتها في تحسين صورتها".

وعندما زارت مارغريت تاتشر عام 1986 اسرائيل للمرة الاولى بصفتها رئيسة للوزراء، سئلت في مؤتمر صحافي متى ستأتي الملكة، فردت بتعال: "لكنني هنا".

ولاحظت صحيفة "التايمس" البريطانية أنه حتى "المرأة الحديد" لم تكن بديلاً من زيارة ملكية، وواصل الاسرائيليون توجيه الدعوات، الا أن العائلة المالكة لم تلب أياً منها منذ سبعين سنة.

وفي الفترة السابقة، كان أفراد كبار من العائلة المالكة يزورون اسرائيل في مناسبات محددة. فولي العهد الامير تشارلز حضر الجنازة الرسمية لرئيسي الوزراء الراحلين شمعون بيريس واسحق رابين. وقام والده الامير فيليب بزيارة حج الى ضريح الاميرة أليس باتنبرغ على جبل الزيتون في القدس، الا أن هذه الزيارات اعتبرت "خاصة".

وتدعي اسرائيل أن التحفظ البريطاني ليس الا سياسة علنية، إذ أنه "خلف الكواليس لدينا علاقات قوية جداً مع بريطانيا... نتشاطر وإياهم معلومات استخبارية. ولكن في العلن يعاملوننا كعشيقة سرية".

بين تلك "المعاملة" والزيارة المعلنة للأمير وليم مسافة كبيرة توحي بتغير حقيقي في السياسة البريطانية حيال اسرائيل. وأفاد الاعلام البريطاني أن الزيارة قيد الاعداد منذ أربع سنوات، وأن الامير هاري كان سيقوم بها، الا ان زواجه دفع الى تغيير الخطة. لكن المضي بالزيارة مع فرد من العائلة المالكة هو أرفع مستوى من الامير هاري في ترتيب العرش، يوحي بتبدل في سياسة العائلة حيال اسرائيل، وقت يبدو النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني أبعد من أي وقت عن الحل.

 الواضح أن العلاقات بين بريطانيا واسرائيل تتحسن باطراد، تجاريا وعسكريا. وفي تطور جديد، بدأت سفن بريطانية ترسو دورياً في المرافئ الاسرائيلية، ويزور جنرالات بريطانيون الدولة العبرية ويشاركون في مناورات مشتركة، وهذه كلها أمور لم تكن تحصل قبل سنوات. كذلك، تشهد المبادلات التجارية تحسناً كبيراً.

ترى اسرائيل ان علاقاتها صارت أكثر ندية مع بريطانيا، بعدما كانت رعائية. وأحد اسباب هذا التحول، في رأي مسؤول اسرائيلي، أن بريطانيا التي تستعد للخروج من الاتحاد الاوروبي السنة المقبلة وتريد ضمان اتفاق للتجارة الحرة مع أميركا، تشعر بالحاجة الى ارضاء ادارة ترامب القريبة جداً من اسرائيل. ومع ذلك، يبدو الفلسطينيون راضين عن الزيارة. وتأمل عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي التي ستلتقي دوق كايمبريدج، أن تؤدي الزيارة الى "فهم أكبر للواقع الفلسطيني وطبيعة القمع الذي يمارسه الاحتلال والحاجة الى انهاء هذا الوضع القاسي وغير العادل". وتقول: "هدف الزيارة اصلاً التوصل الى تفاهم أكبر وعلاقات أكثر انسانية وتاريخية وثقافية".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم