الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

العرب في المونديال: خيبة تحت عنوان "المشاركة المشرّفة"

المصدر: "النهار"
أحمد محيي الدين
العرب في المونديال: خيبة تحت عنوان "المشاركة المشرّفة"
العرب في المونديال: خيبة تحت عنوان "المشاركة المشرّفة"
A+ A-

لم يترك ممثلو العرب الأربعة بصمة ايجابية في كأس العالم لكرة القدم، والذي تستضيفه روسيا حتى 15 تموز المقبل، إذ خيّب الناطقون بلغة "الضاد" آمال شعوبهم، وودعوا المنافسات على نحو مبكر، على الرغم من الامكانات الضخمة المتوافرة لديهم، سواء ماديا أو بشرياً أو فنياً.

مصر والسعودية والمغرب فتونس، سقطت تباعاً بعد خوضها مجتمعة 8 مباريات بواقع اثنتين لكل منها، حيث فشلت في احراز ولو نقطة واحدة، مغ تفاوت في المستويات فنياً. لسبر أغوار الفشل العربي في المونديال، نذهب مباشرة الى الهدف من المشاركة والتمعن في طبيعة لعبة كرة القدم لدى البلدان العربية، إذ ينظر الغرب الى اللعبة الشعبية على انها قضية خاصة لرفع شأن البلاد رياضياً والتباري لإظهار القدرات، ولهذا تصر الحكومات الغربية والمؤسسات الخاصة في البلاد الكبرى على القطاع الرياضي، لا سيما كرة القدم، حيث يستفيد منها المجتمع وتتحول الى ثقافة وتربية وتقليد وأسلوب حياة، وتصبح بالتالي جزءاً من الهوية الوطنية والقيمة الحضارية. إنما تختلف النظرة لدى العرب حيث تشير تقارير عديدة الى ان الأنظمة السياسية العربية تستعين باللعبة الشعبية لإلهاء شعوبها عن قضايا حياتية واجتماعية وحتى سياسية.

فرضية المؤامرة!

أسدل الستار في موسكو على المشاركة العربية بعد 9 أيام فقط من انطلاق البطولة العالمية، المشاركة تعتبر مذلة، إذ لم يقدم اي منتخب المستوى المأمول، وبقي الهدف من المشاركة لأجل المشاركة والاستعانة بمصطلحات عربية المولد "الخسارة بشرف، الخروج برأس مرفوعة، وداع مشرف"، فضلاً عن "فرضية المؤامرة" باتهام حكام المباريات.

عندما يتعرض اي منتخب من الكبار في العالم مثل البرازيل وألمانيا وفرنسا وايطاليا لهزة سلبية في كاس العالم، فإن الحكومات المحلية تبحث عن مكامن الخلل في النظام الكروي، وتعمل على ايجاد الحلول، كما ان الخيبات في المونديال عرضت حكومات الى المساءلة الشعبية والسياسية، وقد يدفع مسؤولون ووزراء الثمن كما حدث في فرنسا بعد مونديالي 2002 و2010، بينما تختلف الامور في البلدان العربية فتكال الاتهامات بالدرجة الأولى الى المدرب فاللاعبين، وللمفارقة، المسؤولون دائما على حق، إذ يقومون بتغييرات شاملة ويبدأون العمل مجددا من دون البحث في الاسباب والاستعانة بالخبرات والتعلم من الأخطاء.

إمكانات تذهب هباء!

يصرف العرب سنويا، ولا سيما في البلدان الثرية والخليجية تحديداً، ما يفوق الملياري دولار على كرة القدم، والنتيجة صفر.

فالسبب الرئيسي لخروج العرب من المونديال الروسي بحسب المحللين يعود الى الفارق الشاسع في المستوى بينهم وبين المنتخبات التي واجهوها، باستثناء المنتخب المغربي الذي قدم أداء مميزا، علماً أنه اعتمد على لاعبين تنشأوا بمعظمهم في أكاديميات فرنسا وبلجيكا وهولندا، واستفاد منهم المدرب الفرنسي أيرفيه رينارد في مشروعه الذي يعدّ نتاج تخطيط الاتحاد المغربي للعبة من اللاعبين المهاجرين. في المقابل لا يبدو اي بلد عربي يمتلك مشروعاً للمستقبل، أو التخطيط للنهوض بالقطاع الكروي في كل بلد على حدة.

الكأس الذهبية لن يرفعها إلا بطل واحد من أصل 32 منتخباً تخوض النهائيات، وبالتالي فإن كان الهدف بحسب ما يعلن المسؤولون هو التأهل و"المشاركة المشرفة"، فهذا سراب، علماً أنه لحظة بلوغ النهائيات ينتشر مصطلح "لن نكون ضيوف شرف".

حصيلة روسيا

للمرة الأولى يكون في النهائيات 4 منتخبات عربية (رقم قياسي عربي)، وكان العرب يمنون النفس بانجاز نوعي، لكن التمنيات شيء والواقع شيء آخر، خصوصاً ان الحظوظ كبيرة بعد وقوع المنتخبين السعودي والمصري في مجموعة واحدة. وتبدد حلم "الأخضر" سريعاً بعدما مني بخسارة قاسية في المباراة الافتتاحية أمام روسيا المضيفة 0-5، ثم قارع الأوروغوياني قبل ان يخسر أمامه بإصابة يتيمة.

فيما استهل "الفراعنة" المشوار المونديال بعد غياب 28 سنة، بخسارة بشق الأنفس أمام الأوروغواي 0-1، ثم تلقى الهزيمة امام الروسي 1-3 ليفقد آماله، وسيتاح لأحد المنتخبين أو لكليهما حصد نقطة على الأقل في مواجهتهما، وهي ستكون العربية - العربية الثالثة بعد السعودية والمغرب 1994، والسعودية وتونس 2006.

وفي مجموعة صعبة للغاية، عاندت شباك الخصوم المنتخب المغربي الذي قدم مستوى فنيا راقيا لم يقترن بالنتائج الايجابية، فخسر أمام ايران والبرتغال التي يقودها كريستيانو رونالدو، بنتيجة واحدة 0-1، ليودع خالي الوفاض. وأول من أمس فقد العرب الآمال بخروج تونس، إثر خسارة قاسية أمام بلجيكا 2-5 سبقها السقوط في الثواني القاتلة أمام إنكلترا 1-2.

وفي المحصلة خاض العرب في روسيا، في الجولتين الأوليين، 8 مباريات، وخسروها جميعها، وسجلت فيها 3 إصابات فقط وتلقت شباكها 19، بالرغم من الاعتماد على خطط دفاعية عقيمة، في ظل مخاوف من تسجيل المنتخبات المنافِسة "نتائج كارثية".

النتائج العربية في ملاعب روسيا يمكن استخلاص الدورس منها، وسد الثغر في بنية اللعبة الشعبية في كل بلد وبدعم حكومي، لا أن تستمر بشعار "هواية الحاكم وغواية المحكوم".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم