الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الحكومة عالقة على حصة مسيحية أم سيادية؟

المصدر: "النهار"
هدى شديد
الحكومة عالقة على حصة مسيحية أم سيادية؟
الحكومة عالقة على حصة مسيحية أم سيادية؟
A+ A-

اذا صحّ ان عقدتين فقط ما زالتا تتحكمان بالتشكيلة الحكومية، فيمكن للحكومة ان تولد هذا الأحد او هذا الاثنين على ابعد تقدير، وتكون العقبة فعلاً داخلية قابلة للحلّ، بتسوية يلتقي فيها كل القوى المكونة للحكومة في وسط الطريق، بتنازل من كل منهم. 

في زيارته الاخيرة الى بعبدا، حمل الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري تصوراً لحكومته الثلاثينية فيه وزّع عدد المقاعد على كل من الكتل الأساسية، بحيث أعطى لنفسه مع كتلة المستقبل سبعة مقاعد، وللـ"القوات اللبنانية" أربعة مقاعد، مقترحاً إعطاء "اللقاء الديمقراطي" مقعديْن درزييْن على ان يكون المقعد الدرزي الثالث لشخصية في الوسط يقبل بها كل من رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان. وفِي حال موافقتهما على هذا الطرح تكون العقدة الدرزية قد حلّت، فلا يبقى الا العقدة المسيحية التي كانت ما زالت مستعصية على الحلّ. في حين ان توزير سني من خارج "تيار المستقبل" ليس في حسابات الحريري الذي ترك في مسودة التشكيلة مقعداً سنياً واحداً ليكون من حصة رئيس الجمهورية، على ان يأخذ بدله مقعداً مسيحياً للوزير غطاس خوري، اضافة الى مقعد ارمني يبدو انه قد حجزه لجان اوغاسبيان منذ ان اتخذ القرار بفصل النيابة عن الوزارة، ولم يترشح اوغاسبيان.

وفق المعلومات، ان الحريري لم يخض قي توزيع الحقائب، بانتظار موافقة الأطراف المعنيين على هذا التوزيع، واعداً بتكثيف اتصالاته خلال الساعات المقبلة لتسويقه والحصول على موافقة هؤلاء الأطراف المعنيين، لينتقل الى المرحلة الثانية والاخيرة بتوزيع الحقائب وإنزال الأسماء عليها.

اعطاء "القوات" أربع حقائب لم يكن أرضاها وهي التي تطالب بخمس اضافة الى نيابة رئاسة الحكومة. كما لم ترض بعبدا ومعها "تكتل لبنان القوي" بهذه القسمة التي لا تعطيه حتى سبعة مقاعد لتضاف الى الوزارات الثلاث من حصة رئيس الجمهورية. اعتماد هذا المعيار اعتبر في بعبدا غير عادل لأن "القوات"، بنظرها، لا تعدّ 15 نائباً وتعطى أربعة حقائب، فيما "التكتل" الذي يضمّ عدداً مضاعفاً لا يعطى حتى سبعة مقاعد، قيما يحقّ له بثمانية، مع تمسكه بنيابة رئاسة الحكومة التي يرى انها يجب ان تعطى لأكبر تكتل عابر للطوائف كما هي القاعدة بالنسبة إلى نيابة رئاسة المجلس النيابي. هذا التنازع على المقاعد المسيحية الـ١٥، ومع مطالبة "التيار الوطني الحرّ" بثمانية مقاعد تضاف الى المقاعد الأربعة التي يعطيها الحريري للـ"القوات"، لا يبقى معه الا مقعدان لرئيس الجمهورية ومقعد لرئيس الحكومة، الذي يطالب بدوره بمقعد آخر ارمني، كما يحجب عن المردة" أيضاً حصتها بمقعد، فيما يعمل الحريري على حفظه لها.

وفق المصادر ان بعبدا ومعها "تكتل لبنان القوي" يعتبران ان المعيار اذا كان بإعطاء وزير لكل أربعة نواب، فهو لا ينطبق لا على الحصة المعطاة لل"القوات" ولا لـ"لحزب التقدمي الاشتراكي" الذي لا يحق له في هذه الحالة الا بوزيريْن.

وفق المصادر ان إعطاء "القوات" حقيبة سيادية اصبح خارج البحث حتى وان سعى الفريق الرئاسي الى الإيحاء بإمكان تنازله عن وزارة الخارجية او وزارة الدفاع، لأن "الفيتو" الشيعي وتحديداً من حزب الله يقطع الطريق على تحقيق هذا المطلب القواتي، خصوصاً أن الوزارتين بالنسبة له يشكلان خطي دفاع أول عنه، في ظل الهجمة الخارجية عليه، وطالما ان لا بحث بمداورة في الحقائب السيادية، و"حركة أمل" تتمسّك بوزارة المال، و"المستقبل" لن يتخلى عن الداخلية.

وتشير المصادر المواكبة لاتصالات التأليف، الى ان رئيس الجمهورية و"تكتل لبنان القوي" يرغبان بالتسهيل لتسريع ولادة الحكومة، الا إنهما لا يقبلان بأن يأتي ذلك على حساب حضورهما ودورهما فيها، ويتمسكان بالعدالة في التوزيع النسبي في الحصص،مع اصرار على ان المعادلة التي اعتمدت في الحكومة السابقة، انتهت وغير قابلة للتطبيق في الحكومة الجديدة.

هذا النزاع على الحصص يوازيه نزاع آخر خفي، على اعتماد مبدأ فصل النيابة عن الوزارة من كل القوى الحكومية، بعدما التزمه كل من "المستقبل" و"القوات" و"حزب الله"، حتى الآن. فإذا ما تعمّم وسار به الرئيس بري وجنبلاط و"المردة"، فعندئذ لا مفرّ من اعتماده في "التيار الوطني الحر"، وفق ما ألمحت مصادره. وهذا الخيار المفترض ان يحسم نهائياً عند إسقاط الأسماء على المقاعد، ما زال عالقاً.

صحيح ان الرئيس الحريري يؤكد أينما سئل ان ثمة حاضنة دولية للاسراع بتشكيل الحكومة، الا ان الصحيح أيضاً ان كل هذه العقد الداخلية كفيلة بمزيد من التعقيد وفي تأخير ولادة الحكومة، خصوصاً اذا ما تأكدت المعلومات عن ان الحاضنة الدولية تتمسك بأن تعطي هذه الحكومة الخط السيادي المتمثّل بالـ"القوات" و"الاشتراكي" مع "المستقبل" وزناً يُؤْمِن لهم التوازن مع كل الفريق الآخر، ولاسيما حلفاء "حزب الله" الذي يدخل الحكومة للمرة الاولى بحزبيين ملتزمين يحملون البطاقة الحزبية وبحصة كاملة يتقاسمونها مناصفة مع "حركة أمل".

[email protected]

Twitter: @HodaChedid


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم