الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ميقاتي "حارس مرمى" رئاسة الحكومة... أي أسبابٍ غيّبته عن اجتماع "النواب الستة"؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
ميقاتي "حارس مرمى" رئاسة الحكومة... أي أسبابٍ غيّبته عن اجتماع "النواب الستة"؟
ميقاتي "حارس مرمى" رئاسة الحكومة... أي أسبابٍ غيّبته عن اجتماع "النواب الستة"؟
A+ A-

يهوى الرئيس نجيب ميقاتي التموضع على الخطّ الأبيض في منتصف ملعب السياسة اللبنانية. ويقال فيه إنه لاعب خطّ وسط محترف، يحترم موقعه، ويتقن فنّ اللعب الجماعي، لا الفردي، مقتنصاً فرصة مناسبة لاختراق مرمى رئاسة الحكومة، كلّما ضحكت له الطابة، فيسجّل الأهداف. ويفضّل عندما لا يستقرئ موقعاً مثالياً للتسديد، أن يمرّر الكرة الى الرجل المناسب، في المكان والزمان المناسبين، مساهماً في صناعة الفوز والتصفيق لمن وقع عليه خيار التكليف. ويحكى أن لاعبين سياسيين سنّة، كانوا قد اجتمعوا قبل أيام في منزل النائب عبد الرحيم مراد، معتزمين تشكيل فريق يعلي سقف المطالب في وجه فريق "تيار المستقبل" ورئيسه الرئيس سعد الحريري، باحثين في موضوع التمثيل الحكومي. تغيّب ميقاتي عن اللقاء، رغم أن حضوره كان ليعزّز أداء "الميني منتخب"، الذي يمارس تكتيكاً هجومياً ساعياً الى قطف هدفٍ حكومي، ولمَ لا هدفين.

ويبدو جلياً أن ميقاتي - لاعب الوسط الذي تتزاحم عليه الأندية السياسية اللبنانية – قرّر الاضطلاع بدور حارس مرمى موقع رئاسة الحكومة، مرتدياً قفازات متينة، ومضيفاً جرعة دعم اضافية الى الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري في مستهل لقاء منسقية "تيار العزم" في عكّار. وتقول مصادر ميقاتي لـ"النهار" إن "الزعيم الطرابلسي يحرص على تأكيد أن الحريري منوط بعملية تشكيل الحكومة والدستور منحه الحقّ، وهو موقف بمثابة دعم اضافي لعملية التأليف".

ولا شكّ في أن تمرير الكرات السياسية بين الحريري وميقاتي على طريقة "وان تو" يفعل فعله، ولم تولد من عبث، ذلك أن "ميقاتي اتخذ خيار تسمية الحريري متجاوزا كل نتائج الخلاف الانتخابي، بغية دعم رئاسة الحكومة في ظرف مشابه، نظراً الى دورها المحوري. وانتهج ميقاتي سياسة اليد الممدودة تجاه الحريري انطلاقا من جملة اعتبارات وطنية، وحرصا منه على الطائفة السنية، وهو ليس في وارد خرق أجواء مبايعة الحريري، الا أن التسمية مشروطة بجملة بنود أبرزها شكل الحكومة وأداؤها. ولا يعتبر التصويب على أداء الحكومة مستقبلاً مسألة شخصية ضد الحريري، ولا تعني المشاركة فرملة الكتلة عن الإدلاء بأي موقف محقّ". وبعبارة أخرى، لن يتردد ميقاتي في "تسجيل ملاحظاته على أي ملف يتوجب الاعتراض عليه أمام مجلس الوزراء، اذا شارك في الحكومة، وسيعترض أمام مجلس النواب اذا لم يشارك".

ولا ريب في أن ميقاتي والحريري، اللاعبين السياسيين الحائزين جائزة "الكرة الذهبية" في الاعتدال السني، يتقاربان في التقاطع الحكومي، وأن الحريري إذا ما اضطر الى الاختيار بين ندّه الطرابلسي وفريق مراد السني المتكتل حديثاً، سيقع اختياره على توزير "كتلة العزم"، انطلاقاً من جملة اعتبارات أهمها حجمها التمثيلي، وتجنّب توزير سني محسوب على فريق "حزب الله"، وهذه كأس مرّة حريريا. وليس خافياً على أحد أن عدم مشاركة ميقاتي في اجتماع مراد له دلالاته سياسياً. وفي السياق، تقول المصادر إن "اتجاه الإجتماع معروف، وقد اتخذ طابعاً طائفياً بحتاً، فيما تمثل "كتلة العزم" تنوعاً مذهبيا ولا مصلحة لها في الانضواء داخل تكتل طائفي بهذا الشكل. وإذ يهدف الإجتماع الى كسب حصص حكومية، ولو أنه اتخذ منحى عاماً متعلقا بمصلحة الطائفة السنية والقضايا الوطنية، لما تردّد ميقاتي في الحضور".

ولا تتردّد المصادر في إطار شرحها أسباب عدم حضور ميقاتي اجتماع "النواب الستة" السنة، في تأكيد أن "ميقاتي خاض الانتخابات على أساس كتلة وسطية، وهو كان ولا يزال مستمراً في نهجه الوسطي. ويضم التكتل المجتمع في منزل مراد، واطلق عليه اسم "اللقاء التشاوري"، أطرافا معروفين في اتجاهاتهم السياسية، ولا يتخذ طابع الوسطي. مع العلم أن ميقاتي لا ينتقص من أحقية تمثيل الأطراف المشاركين في اللقاء أو ينتقد خيارهم السياسي، لكنه يتموضع في خطٍّ آخر وليس معنياً باجتماع مماثلٍ. ولا يعني التمايز بين الطرفين الخصومة أو الخلاف أو عدم الاعتراف بأحقية كلّ فريق في تقريش نتائج الانتخابات".

ويترفّع تموضع ميقاتي، حارس المرمى الحكومي في وقت راهن ملؤه التحديات، عن التفكير في الحصص الحكومية، من منطلق أن الحارس يصدّ الضربات الموجعة من مرمى الموقع الأول في الطائفة السنية. ولم يطلب ميقاتي وزارة معينة أو يفرض أحجاما أو شروطا على الرئيس الحريري يوم التقاه، وفق المصادر، بل إنه يعتزم عدم البحث في الحقائب الوزارية، بل ينتظر ما يعرض عليه فور تبلور ملامح التشكيلة الوزارية. وتشير كواليس اللقاء بين الرجلين، الى أن "ميقاتي تمنى عندما طرح موضوع التمثيل الحكومي مع الحريري، التمثل بوزير سني، ذلك أنه قطب يمثل جمهوراً سنياً عريضاً، ولكن اذا لم تسنح ظروف التأليف، فلا مانع في التمثل بوزير من طائفة أخرى رغبةً في تسهيل ولادة الحكومة وعملها". ولعلّ المرحلة الراهنة تنتظر صفّارة الحكم التي ستعلن أسماء الفرق المتأهلة الى دور الحكومة، وأولئك الذين يخرجون من دور المشاورات. فهل يتأهل ميقاتي؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم