السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

Aspasia Forum قصيدة، بل حديقة شعر!

المصدر: "النهار"
مارلين سعاده
Aspasia Forum قصيدة، بل حديقة شعر!
Aspasia Forum قصيدة، بل حديقة شعر!
A+ A-

حين يناديك ليلُ #بيروت تنسى الدنيا وهمومَها، تنظر إليها نظرة جديدة، كأنّها العيد الذي لا ينتهي؛ تراها موشّاة بفرح الناس وضحكاتهم، مزركشة بأحاديثهم اللّاهية أو المعقودة بالأماني والمشاريع... تضحك لك الدنيا فترمي طرحةَ همومك خلفَ ظهرِك وتركض فرِحًا تبحث لك عن مكان في هذه الجنّة! 

ولأنّني وصديقتيَّ اللتين ترافقانني نهوى الشعرَ والكلمة الجميلة، رحنا تلك الأمسية نبحث عن حديقة شاعر، حملت إلينا نسائم الثقافة بعضَ عطورها؛ إنّها "حديقة" أسبازيا (Aspasia Forum)، أسبازيا الفيلسوفة المعاصرة لأفلاطون، التي أغاظ فكرُها بعضَ كتّابِ عصرِها فاتّهموها بالغواية والفحش!

كلّ المقاهي على طريقنا كانت تعجُّ بالمتابعين لمباريات الفوتبول، الشاشات العملاقة تعلو الساحات والرؤوس، عيون الساهرين متعلّقة بها، وشفاههم لا تفارق أفواه الأراكيل إلا لتصرخَ ابتهاجًا لتسديدة كرة أو اعتراضًا على قرار من الحَكَم...

ونحن نجري بعزم وشوق باحثات عن "حديقتنا" الموعودة، نسأل من نلقاه في طريقنا عنها... حتى وجدناها بعيدًا من الضوضاء، في شارع جانبيّ في منطقة الحمراء – السادات، تغرق في صمتها ووحدتها، كالعاشق المنتظر معشوقتَه لتزورَه فيحتضنَها ويبثَّها كلّ حبّه.

Aspasia Forum يا لجمالِها! فنٌّ وسحرٌ وذوق! حلمُ شاعر يتوهّج أمام ناظريْك، تراه قصائدَ مرسومةً على الجدران، ولوحاتٍ موزعةً بإتقان، ووجوهَ شعراء ترحّبُ بك، وقد تركَ لك القيِّمُ على هذه الجنّة بعضًا من ثمارِ شعرهم، موزَّعةً على الطاولات زادًا للزائرين، تقتاتُ منها فتُشبع نهمَ روحِك وأنت ترتشف فنجان قهوتك أو تروي ظمأك بكأس شراب!

وتظنّ أنّك شممت كلَّ عطور هذه الحديقة، وعاينت كلَّ مساكبَها، إلّا أنّك تُفاجأ في كلّ خطوة تخطوها بمحطّات موزّعةٍ عند كلّ زاوية أو مفرق، ما بين الطبقتين اللتين تشغلهما Aspasia، عارضة عليك مجموعاتٍ من الكتب الشعريّة، لتتناول من فاكهتها ما يروق لك، وتتذوّق منها القدرَ الذي تريده ما طاب لك من الوقت.

Aspasia Forum لا يسعُك أن تمرَّ بها من دون أن تشعر أنّ جزءًا من قلبك بقي هناك، وأنّ عليك العودة من جديد لتستعيدَ ذاتك! تصبحُ مطرحَك ودارَك، تشعُر أنّ لك فيها حصّة تريد أن تستمتع بها!

كان لا بدّ من العودة ولقاء مبدع هذه التحفة، رمزي حميدان، وسؤاله عن السر، سرّ هذا الشغف حتى لكأنّ قلبَه نفسه يسكن المكان، ويُسكنك فيه! ويخبرنا بعضًا من هذا السر: العشق للكلمة الجميلة، للثقافة والإبداع؛ هذا العشق الذي ساهم في اختيار الشخصيّات التي طُبعت صورها على الجدران لترحّب مع صاحب المكان بكلّ زائر. يخبرك رمزي حميدان عن غربته، وحلمه الدائم بالعودة الى الوطن، حتى استقرّ فيه عام 2016، وقد جاءه متفائلًا محمَّلا بالأماني...

 أتُرى يكفي أن نلتقي في أمسيات شعريّة نتلو فيها بعضًا من قصائدنا، ثم ننشر صور أمسياتِنا على صفحاتنا ونمضي؟!

هذا هو السؤال الذي يطرحه رمزي حميدان، وجوابُه عندَه أكيد، فليس هذا بالأمر المقبول. هو يحلم بتدعيم منبر الشعر، ويعمل على تكريس هذه "الحديقة" الشعريّة للقيام بهذه الرسالة، من خلال جعلها مجلسًا يستقبل الهيئات الثقافية، ثم يُصدر منشورًا أسبوعيًّا أو شهريًّا يوجز فيه ما يُطرح من أفكار، سعيًا لتحقيق الممكن منها على أرض الواقع.

لدى رمزي حميدان ثقة كبيرة بإمكانات الشباب، فقد تسنّى له رؤية العديد منهم يُلقي الشعر بالفرنسية والانكليزية في بعض المقاهي المرحّبة بالشعراء، فلِمَ لا يكون للشعر العربي والشعراء العرب من الجيل الجديد الحظُّ في ذلك؟! هذا سؤال يطرحه رمزي حميدان، كواحد من أحلامه الكثيرة التي يسعى بكلّ عزم وتشبّث بالتفاؤل والأمل، إلى تحقيقها. فنأمل أن يلقى ما يرجوه هذا المغامر العائد الى رحاب الوطن، يبثّه آهاتِ صدره، في عناق يأمل منه الشفاء والفرح ليس لقلبه فحسب وإنّما لقلوب عديدة.

رمزي حميدان لك منّا كلّ التقدير وكل الدعم على ما تقوم به، مع ثقتنا الكبيرة بمستقبل الأدب والشعر، تعزّزُها ثقتُنا بالقيّمين على الثقافة، والتي رسّخها لدينا ما لقيناه من مدير عام الشؤون الثقافية الدكتور علي الصمد، من تجاوب وترحيب ووعد بالدعم لكلّ مشروع يخدم الثقافة، على قدر ما تسمح إمكانات الوزارة.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم