الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ترامب صافح صدّام حسين في سنغافورة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ترامب صافح صدّام حسين في سنغافورة؟
ترامب صافح صدّام حسين في سنغافورة؟
A+ A-

في تشرين الثاني الماضي، ذكر موقع "ريد ستايت" الأميركيّ المحافظ أنّ كيم يحاول استعمال "خدعة" صدّام لكسر العقوبات الأميركيّة، مضيفاً أنّ أحد أبرز دوافع إدارة بوش لاجتياح العراق تمثّل بفشل العقوبات على النظام العراقيّ. واستشهد بالعديد من المقالات التي وردت في وسائل إعلاميّة أميركيّة تحدّثت بطريقة غير مباشرة عن تجويع واشنطن للشعب العراقيّ عبر العقوبات. أشار الموقع نفسه إلى أنّ النظام العراقيّ كان يستخدم "البروباغندا بمهارة" وقد حوّلت الولايات المتّحدة إلى "ممارِسة للإبادة الجماعيّة ونظامَ صدّام حسين إلى ضحيّة تعيسة". وكتب حينها أنّ كوريا الشماليّة تحاول تسويق الصورة نفسها عن الولايات المتّحدة عبر تذمّر لجنتها في الأمم المتّحدة من "العقوبات الوحشيّة" التي تشكّل "خرقاً لحقوق الإنسان المعاصرة وإبادة جماعيّة".

لم يُسجّل تراجع للولايات المتّحدة في هذا المجال لغاية الآن. بذلك، إن كان هنالك من سياسة دعائيّة لكوريا الشماليّة تستنسخ الدعاية العراقيّة بحسب توصيف "ريد ستايت" فهي لم تحقّق أهدافها.


حين اختفى والد كيم

منذ حوالي السنتين، كتب مراسل هيئة الإذاعة البريطانيّة "بي بي سي" ستيفن إيفانز أنّه خلال الحرب على العراق، اختفى كيم جونغ إيل عن الإعلام مدّة 44 يوماً وقيل في ذلك الوقت إنّه خاف من الاغتيال بصواريخ "توماهوك". ولفت النظر إلى أنّ الإعلام الكوريّ الشماليّ لم يخفِ الهدف من اقتناء السلاح النوويّ وربطه بتجربتي القذّافي وصدّام: "التاريخ يثبت أنّ الردع النوويّ القويّ يخدم كأقوى سيف قيّم لإحباط اعتداءات الأجانب. نظام صدّام حسين في العراق ونظام القذّافي في ليبيا لم يستطيعا الهرب من مصير الدمار بعدما حُرما من أسس التطوير النوويّ وتسليم البرامج النوويّة من تلقاء نفسيهما".


ترامب متأخّر وصدّام في سنغافورة

عندما يكون استحضار تواريخ الانقلاب والإطاحة بالرؤساء أمراً لا مفرّ منه بالنسبة إلى بعض المحلّلين، تصبح المقارنات بين قواعد اللعبة المستخدمة في المفاوضات أساساً للاستنتاجات التي يخرجون بها. في اليوم نفسه الذي استقطبت سنغافورة اهتمام العالم بأسره، كان تروب يحلّل الحدث من منظار آخر. فقد حفّزه اللقاء التاريخيّ على تذكّر المفاوضات الماراثونيّة التي عكفت الأمم المتّحدة على خوضها مع صدّام منذ حوالي 20 سنة. حينها توجّه الأمين العام للأمم المتّحدة كوفي أنان إلى العراق ليقنع صدّام بالسماح لمفتّشين دوليّين الدخول إلى منشآت حسّاسة لتفادي حرب وشيكة. وانتهت المفاوضات الصعبة بموافقة صدّام على كلّ ما طلبته الولايات المتّحدة والدول الأخرى وقبول مجلس الأمن بالاتّفاق. فجأة غيّر صدّام رأيه فانهار الاتّفاق وقصفت واشنطن ولندن العراق في كانون الأوّل 1998.



أضاف الصحافيّ أنّ "ترامب متأخّر عن أنان بخطوة كاملة، بما أنّه وفريقه سيعودان إلى واشنطن من دون أي نوع من الاتّفاقات حول السماح لمفتّشي الأسلحة (بالدخول إلى المنشآت النوويّة)". بالنسبة إليه، إنّ الرئيس الأميركيّ لم يختبر حتى نيّة كيم السماح للمفتّشين بالدخول إلى بلاده. "وهذا الديكتاتور، بعكس صدّام، لديه في الواقع أسلحة دمار شامل".


هل يحتاج إلى فرصة؟

ربّما تستحقّ تلك القمّة القليل من الصبر حتى تتبيّن آليّة تنفيذ ما تمّ الاتّفاق عليه. فمنذ ستّة أشهر، لم يكن أشدّ المتفائلين قد توقّع تهدئة تنتهي بلقاء قد يكون الأبرز منذ أكثر من ربع قرن. في السياق نفسه، يطرح الاستقطاب الكبير الذي يسود المجتمع الأميركي مشكلة أخرى على طاولة البحث. مستشارة أوباما السابقة في شؤون الأمن القومي والسفيرة الأميركيّة إلى الأمم المتّحدة سوزان رايس قالت في آب الماضي لشبكة "سي أن أن" إنّه على الولايات المتّحدة "التسامح" مع كوريا شماليّة نوويّة. وكانت قد كتبت مقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمس" تطالب خلاله ترامب بتخفيف لهجته ضدّ بيونغ يانغ، عائدة بالتاريخ إلى الحرب الباردة حين تعايشت #واشنطن مع #موسكو النوويّة كي تستنتج إمكانيّة تكرار تلك التجربة مع بيونغ يانغ.

لم تعبّر رايس عن رأي شخصيّ وحسب، إنّما قد تمثّل شريحة ديموقراطيّة واسعة تنتقد ترامب لشخصه وانتمائه الحزبيّ ربّما لا لسياساته. لقد حذّر الكاتب دايفد كين في صحيفة "ذا واشنطن تايمس" الأميركية حينها من هذه المناكفات التي تودي ببعض الديموقراطيّين إلى الاقتراب من الدفاع عن كيم فقط لأنّ ترامب هو الذي يتعامل معه.


مفارقة كبيرة

لكنّ تروب تساءل حتى عن نيّة الديموقراطيّين بالتدقيق في الاتّفاق الأميركيّ المحتمل بما أنّ هؤلاء على أبواب انتخابات نصفيّة. من جهة ثانية، رأى أنّ القياس العراقيّ قد ينطبق من "باب أولى" على كوريا الشماليّة. فصدّام كان لديه سبب وجيه للامتثال طالما أنّه تخلّى عن أسلحته وطالما أنّه كان من المرتقب عودة بلاده للعب دور إقليميّ بارز بعد رفع العقوبات، أمّا كيم فلديه ترسانة كبيرة من تلك الأسلحة وقد لا يكون لها أيّ تعويض مادّيّ بارز لو تخلّى عنها. كذلك، إنّ كيم معتاد أكثر من صدّام على ممارسة السيطرة المطلقة على بلاده، لذلك استبعد تروب أن يكون الزعيم الكوريّ أكثر انفتاحاً من الرئيس العراقيّ الأسبق للتخلّي عن هذه السيطرة.

هل يتّبع كيم نموذج صدّام ليتفادى مصير صدّام؟ قد يكون ذلك ممكناً. لكنّ الخطّة في الوقت نفسه تعبّر عن مفارقة كبيرة يرسمها كيم: الدمج بين "الهاجس" و "الخدعة" في معادلة واحدة.







الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم