السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"العاصوف" يحطم تابوات الصحوة... غزل وحب وخيانة في السعودية!

المصدر: "النهار"
"العاصوف" يحطم تابوات الصحوة... غزل وحب وخيانة  في السعودية!
"العاصوف" يحطم تابوات الصحوة... غزل وحب وخيانة في السعودية!
A+ A-

تدور أحداث المسلسل المأخوذ من رواية لعبدالرحمن الوابلي، حول التغيرات التي طرأت على مدينة الرياض خلال خمسة عقود، ويرصد ما يعرف بالطفرة والتحولات الفكرية التي شملت بعض المجتمع. وهو حظي بدقة متناهية في الإنتاج، لم تبخل قناة mbc عليه، حتى بالسيارات القديمة النادرة، كما أنها بنت مدينة متكاملة على مشارف دبي بمساحة ٦٥٠٠ متر، بدت وكأنها قطعة من الرياض عام ١٩٧٠، وهي فترة حساسة في تاريخ السعودية.

ويعد المسلسل عملاً درامياً مميزاً يروي قصة السعودية في السبعينات باعتماده على الأرشيف، والمشاهد والصور القديمة والملامح التاريخية، ومحاولة تجسيد تلك الصورة التي كانت قائمة في سبعينات القرن الماضي. وهو كسر محرمات سادت المجتمع السعودي منذ ما عرف بالصحوة التي أغلقت دور السينما وقلصت الحريات الاجتماعية. و قدم صورة مختلفة للسعودية مع مجتمع تقليدي لكن اكثر انفتاحاً يشهد اختلاطاً بين الجنسين وعلاقات اكثر تحرراً ونساء سافرات الوجه في السهرات وعدم تقيد الرجال بملابس معينة. 

وكان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان أشاد مراراً بتلك الحقبة في بلاده، واعدا السعوديين بالعودة الى ما كانت عليه المملكة قبل عام 1979، "إلى الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح على العالم وعلى جميع الأديان وعلى جميع التقاليد والشعوب".

لكن تلك الصورة للمملكة أثارت انقساماً في المجتمع بعدما اثارت حنين اليعض إلى تلك الحقبة ، وغضب المتشددين الذين اعتبروا أنها لا تقدم تمثيلاً حقيقياً لتلك الحقبة وتشجع على السلوك غير الاخلاقي.



الداعية السعودي عبدالعزيز الفوزان، شن هجوماً حاداً على المسلسل من دون أن يسميه صراحة، وقال إنه يروج للإلحاد وزنا المحارم والفجور والخيانة.

كذلك، قال الشيخ عبدالباسط قاري إن "تصوير المجتمع علي انه مجتمع كان يتقبل الغزل والحب وقلة الحياء والاختلاط وانه كانت هناك علاقات جنسية بين الرجال والنساء وأن هناك أبناء حرام يوضعون علي أبواب المساجد وعند باب الإمام هذه، والله من المصائب".

تتمثل رسالة المسلسل في ضرب ايديولوجية التطرف التي وجدت لها ملاذاً في المجتمع السعودي في بعض الفترات، ولكن الكاتب علي القحيص حذر في مقال كتبه في صحيفة "الرياض" السعودية من أن الحديث عن قصص كهذه في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة حساسة، من شأنه أن يفتح ثغرات تسمح لكل متطفل أو أجنبي متآمر للعبور من خلالها، واستغلالها استغلالاً رديئاً، من أجل استهداف المملكة والتهجم عليها وعلى تاريخها ومجتمعها، وتشويه صورة المجتمع والنيل من خصوصيته.

وفي المقابل، حظي المسلسل باشادات واسعة من كتاب وناشطين.

وعندما حل الفنان السعودي ناصر القصبي ضيفاً على الإعلامي علي العلياني في برنامج "مجموعة إنسان" بدا فخوراً بالمسلسل والتفاعل معه في المجتمع، ووعد بجزء ثان له.

وشن الصحافي عبد الرحمن الراشد في صحيفة "ألشرق الاوسط"، هجوماً على منتقدي "العاصوف"، كاتباً أن "المتطرفين ضده لأنهم يَرَوْن فيه محاولة لهدم ما بنوه في العقدين التاليين (للعام 1979) وسموه الصحوة".واضاف: "يهاجمون العاصوف لأنه سلط الضوء على حقبة بقيت في الظلام عن عمد والمتطرفون من الصحويين يريدون إطفاء النور".

ليس "العاصوف" الا نموذجاً لخطوات اصلاحية أخرى أطلقت في المملكة وأثارت انقساماً واسعاً، على غرار تنظيم الحفلات الموسيقية المختلطة وفتح دور السينما وصولاً الى رفع الحظر بدءا من هذا الشهر على قيادة المرأة للسيارة.

فالسعودية تتقدم بخطوات حذرة أكثر منها مسيرة سلسلة، وخصوصاً في ظل تململ واضح لدى المحافظين المتشددين القلقين على سلطاتهم التي كانت مطلقة، والتي باتت مهددة.

 وفي سياق هذه الخطوات الحذرة، استهدف ولي العهد معارضين واوقف في الفترة الاخيرة بعض النساء الناشطات في الدفاع عن حق المرأة في قيادة السيارة اللواتي اتهمن ب"علاقات مشبوهة مع أطراف أجنبية".

ولكن محللين رأوا ان عمليات التوقيف هذه محسوبة لاسترضاء رجال الدين الساخطين من عملية التحديث مما يجعل حكام السعودية في موقع افضل لمواجهة اي حملة معارضة قبل رفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات في 24 حزيران الحالي.

وفي هذا السياق، قد يبدو "العاصوف" الذي ترجم الخطة التحديثية للمملكة بالقرائن والسياقات التاريخية، جزءا من استراتيجية تواصل فاعلة جداً.

وتقول كريستن ديوان وهي باحثة مقيمة في "معهد دول الخليج العربي" في واشنطن، إن "فكرة العودة بالسعودية الى ما قبل عام 1979 رسالة ذكية... المسلسل يصور تحولاً جذرياً بعيداً عن العقيدة الدينية السعودية بأنه تقليد سعودي أصيل. وهذا يفيد ايضاً بتحميل ايران سبب التطرف الاسلامي".

ومع أن المسلسل كتب وأنجز قبل سنتين، أي قبل تصريحات ولي العهد عن السعودية قبل الصحوة، نقلت مجلة "إيكونوميست" عن مستثمرين أنه ليس مستبعداً يكون يكون القائمين على المسلسل حصلوا على اشارات عن الاتجاه الذي تسير به البلاد؟

ويقول المخرج السعودي عبدالمحسن المطيري: "لا أعتقد أن أحداً من الديوان الملكي اتصل بأم بي سي وقال لهم لنقدم مسلسلاً كهذا. ولكنهم على الارجح حصلوا على ضوء أخضر من تحت الطاولة".



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم