الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

من أسرار البحر تهريب حشيشة في باخرة أوقفتها السلطات المصرية والحكم على متورطين في لبنان

المصدر: "النهار"
كلوديت سركيس
كلوديت سركيس
من أسرار البحر تهريب حشيشة في باخرة أوقفتها السلطات المصرية والحكم على متورطين في لبنان
من أسرار البحر تهريب حشيشة في باخرة أوقفتها السلطات المصرية والحكم على متورطين في لبنان
A+ A-

شبكة تهريب مخدرات بحراً أماط مكتب مكافحة المخدرات اللثام عنها بترصده تحركات بعض أفرادها. عندما جرى تحميل كمية من الحشيشة من قارب انطلق من العريضة شمالاً على متن باخرة طاقمها سوري عام 2015. ولانها كانت خارج المياه الاقليمية لم تطاردها القوى الامنية اللبنانية التي تابعت حركة السفينة في عرض البحر الى ان توافرت لديها معلومات ان السفينة اصبحت قرب الشواطىء المصرية وتتجه الى مرفأ طبرق في ليبيا ومن المحتمل استلامها من ليبي يدعى صلاح او صالح. فزودت السلطات المصرية بالمعلومات المتوافرة في شأنها عبر قناة التعاون الاقليمي والدولي ليتم توقيفها وضبط المخدرات الموجودة على متنها. وراوحت الكمية من طنين من الحشيشة المصنعة الى ثلاثة اطنان ونصف طن، بحسب الحكم الصادر عن محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي طارق البيطار. 

رفض المشاركة

بنتيجة اعمال المراقبة والمتابعة توافرت معلومات لمكتب مكافحة المخدرات ادت الى التحقيق الاولي مع المتهم السوري صلاح ع.ن. الذي عمل أشهرا من عام 2013 على باخرة يملكها السوري محمد د. على خط ايطاليا الجزائر صيدا وابو قير في مصر، الى ان طلب مالكها منه الحضور الى مكتبه. فظن انه يريد تصفية مستحقاته البالغة 52 الف دولار، لكن الحديث تناول موضوعاً يتعلق بتهريب مخدرات وإن كان يعرف صلاح الليبي الجنسية الذي كان يمون الباخرة بالمازوت. وتطور الى ان يطلب منه القيام بعملية تهريب حشيشة من المغرب الى ليبيا بواسطة خزان سري سيضعه في بدن الباخرة. واعلمه بانه باشر بصنعه على ان يعطيه كل مستحقاته مضافاً اليها مبلغاً "محترماً"، الا انه رفض ذلك، وكانت النتيجة أن خسر كل مستحقاته وأبحر محمد د. بدلاً منه. وبعد حوالى شهر من سفره اتصل الاخير به ودفع له نصف مستحقاته. وبقي سبعة اشهر بلا عمل ليحظى بعمل في شركة سورية كقبطان على باخرة لحوالى ستة اشهر. ثم انتقل الى باخرة تابعة لشركة اخرى لعام.

وخلال ايلول 2014 اتصل شخص به عرف بنفسه انه يدعى "ابو علي" لبناني الجنسية، تبين انه المتهم مأمون م. ش. وابلغه انه بات المالك الجديد للباخرة. وابدى رغبته بالاستمرار في العمل لحاجته الى المال. وابحر مرات عدة على متنها وآخرها نقله حمولة ملح الى طرابلس، الى ان ورده خبر بيعها من جديد الى سوري. عندها طلب منه "ابو علي" مغادرتها وترك العمل عليها ووجوب لقائه للتحدث بأمر هام ، وفق وقائع الحكم. فالتقاه واستغرب سؤاله اياه عن معرفته بصلاح الليبي وان هو على علم بمسألة تهريب الحشيشة لصالح صلاح وإن عمل سابقا مع محمد د. واخبره بأنه يرغب في شراء باخرة بالاشتراك مع صلاح، وأوكل اليه مهمة البحث عنها ليكون رباناً عليها. فرفض لكون الأمر يتعلق بتهريب حشيشة لكنه وعده بتدبير امور الباخرة وكل الاستشارات البحرية بحسب خبرته في هذا المجال. وفي المقابل وعده أبو علي بأن يحصل على مبلغ عشرة آلاف دولار عن كل عملية تهريب تحصل على الباخرة لصلاح او غيره. وراح المتهم يبحث عن باخرة الى ان عثر على واحدة تركية. وتابع معاملات شرائها من طريق وسيط في اليونان ونقل اسمها وأمن له طاقمها الربان السوري سعيد ع. الذي تربطه به معرفة سابقة بعدما أعلمه بأنه سيتم على متنها تهريب الحشيشة على ان يؤمن الطاقم على مسؤوليته.

حوت الحشيشة

وبإتمام ذلك ابحرت الباخرة، التي أطلق عليها اسم "ماريتا كوين"، من مرفأ اضنه الى فاماغوستا في قبرص التركية حيث بقيت راسية اسبوعاً ما رتب عليها مصاريف بلغت 41 الف دولار. وعرض المتهم على ابو علي وصلاح الليبي تأمين شحنة لتسديد المصاريف الى ان توافرت حمولة سبعة مستوعبات تحتوي على مشروبات غازية وكحول ومحارم الى طبرق الليبية. وبناء على اتفاق مسبق التقى المتهم وابو علي في مقهى في جونيه. ورافق الاخير لبنانيان احدهما عرف بنفسه ابو احمد والآخر ملقب"ابو الديب" من طرابلس. ثم انتقلوا الى شاليه ابو علي تبعد مسافة عشرة دقائق في السيارة شمالا من جونيه. وتابعوا اجتماعهم واعلمه ابو علي انه سيتم تهريب الحشيشة الى طبرق في الشحنة عينها، وسيتولى محمد د. نقلها الى الباخرة من الاراضي اللبنانية في قارب ينطلق من العريضة سيقوده شقيقه. والتقى الاربعة ثانية في مطعم في المعاملتين ثم في الشاليه نفسه حيث اخبره ابو علي انه سيتم تحميل السفينة بالحشيشة ليلاً بغية نقلها الى طبرق. بعد ذلك اتصل بربان الباخرة سعيد ع. في فاماغوستا عبر هاتف الثريا، طالبا منه الانطلاق بالباخرة الأولى بعد منتصف الليل من تاريخ 15/3/2015 ليتم اللقاء بالزورق عند النقطة المحددة.

الخامسة صباحا اتصل به سعيد ع. واخبره بانهم يحملون الحشيشة من القارب على الباخرة، ليبغله بعد ربع ساعة عن انتهاء عملية التحميل وإبحاره الى ليبيا بحسب الاتفاق. وكان من المفترض ان يحصل اتصال من الربان بصلاح لدى وصوله الى الشواطىء الليبية الا انه عند العاشرة ليل اليوم التالي اتصل به الربان واخبره ان قارباً حربياً مصرياً يطارد السفينة ويأمره بالتوقف وسمع ذلك خلال المحادثة معه حيث كانوا يتحدثون مع الربان عبر جهاز لاسلكي طلب منه التوقف. فطلب منه المتهم رمي الحشيشة بالبحر، الا ان الربان اعلمه ان لا وقت لديه لفعل ذلك لكون الزورق قريباً منهم. وعلم بعد ذلك خلال النشرات الالكترونية على شبكة الانترنت انه تم توقيف السفينة واعلم ابو علي بالامر.

تخلية عدم الصلاحية

وتبين أن أبو علي يحمل خمسة هواتف خليوية ويقيم في الضاحية الجنوبية.

واعترف الموقوف صفوان ن. اوليا ايضا بمشاركته سابقاً في عملية تهريب حشيشة من المغرب كان ينوي ايصالها الى ليبيا الا انه اوقف في البحر الابيض المتوسط قبل وصوله اليها من السلطات الاسبانية التي ضبطت على متنها عشرة أطنان من الحشيشة وأخلي سبيله لعدم اختصاص القضاء الاسباني في ملاحقته لان توقيفه حصل في المياه الدولية. وذكر انه لم يشاهد المتهم اميل أ. س. الا انه اتصل به على رقمه المصري بناء لطلب ابو علي الذي طلب منه استلام سويفت بنك من المتهم اميل أ.س. وتحويلها الى الشركة مالكة الباخرة المشتراة في اسطنبول، مشيرا الى ان العلاقة بين المتهم اميل أ.س. وابو علي هي علاقة مادية لكون الاخير يستعين به بغية تحويل الاموال بسبب عمله في هذا المجال ولا يعتقد ان يكون لهذا المتهم علاقة بتهريب مخدرات.

وباستجوابه امام قاضي التحقيق نفى المتهم صفوان ن. تهمة تهريب المخدرات. وذكر ان اقواله الاولية اخذت منه تحت وطأة الضرب والتعذيب، وجرى تعذيبه بواسطة الكهرباء. واعترف باتصاله بالربان سعيدع. ليزوده باسم شركة لتموين السفن وليس ليطلب منه العمل في مجال تهريب المخدرات، بعدما اعلمه وكيل الشركة بوجود حمولة عبارة عن مشروبات غازية ومحارم يراد شحنها الى ليبيا، مشيرا الى ان اجتماعه بأبي علي في جونيه هدفه استكمال حساب البحارة، مضيفا ان ابو علي طلب منه ان يقصد احد الصرافين لكون المتهم اميل س. قد اودع له مبلغ 50 الف دولار، وترك له ايصالاً بالامر. وبعد قبضه هذا المبلغ سلمه الى ابو علي في الشاليه خاصة الاخير الذي اعاد له مبلغ 20 الف دولار لتكملة حساب البحارة. كما نفى حصول اي اتصال بينه وبين الربان عكاوي بعد 27 شباط 2015 او اتصاله به لدى مطاردة الباخرة.

وبمراجعة محفوظات مكتب مكافحة المخدرات تبين وجود 16 أسبقية في حق المتهم مأمون م. ش. المعروف بابي علي بجرم زراعة مخدرات والاتجار بها وترويجها وتهريبها من عام 1999 لغاية عام 2014، كما وجود ثلاث اسبقيات في حق المتهم اميل ا. س. بجرم تعاطي مخدرات وترويجها.

الحكم

وقضت محكمة الجنايات في بيروت برئاسة القاضي طارق البيطار غيابياً بالحبس المؤبد لكل من المتهمين الفارين مأمون م.ش. واميل أ.س. وتجريدهما من الحقوق المدنية ومنعهما من التصرف باموالهما والتأكيد على انفاذ مذكرة القاء القبض في حق كل منهما بعد تغريم كل منهما 25 مليون ليرة. كما قضى الحكم بحبس صفوان ع.ن. خمس سنوات. وبرأت ثلاثة آخرين بينهم سوري قررت استرداد مذكرتي التوقيف والقاء القبض الصادرة في حقه.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم