الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ماذا عن خطر الأسلحة التقليديّة لكوريا الشماليّة؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ماذا عن خطر الأسلحة التقليديّة لكوريا الشماليّة؟
ماذا عن خطر الأسلحة التقليديّة لكوريا الشماليّة؟
A+ A-

في فترة التوتّر الأقصى بين #بيونغ_يانغ و #واشنطن والتي بدأ فيها الحديث عن سيناريوهات الضربة الوقائيّة الأميركيّة، رجّح الخبراء أن تصوّب بيونغ يانغ الجزء الأكبر من هذه الأسلحة باتّجاه هاتين الدولتين، قبل أو بالتزامن مع تحريك ترسانتها النوويّة. في هذا السياق، إنّ الأرقام التقديريّة لعدد الضحايا الذين يمكن أن يسقطوا بين قتيل وجريح في كوريا الجنوبيّة بسبب القصف المدفعيّ وحده هي أرقام مقلقة.


المرتبة الرابعة 

بالرغم من أنّها إحدى أفقر الدول في العالم، تنفق كوريا الشماليّة حوالي ربع ناتجها الإجماليّ المحلّيّ على قدراتها العسكريّة. تكتب إليانور ألبرت في "مجلس العلاقات الخارجيّة" أنّ كوريا الشماليّة تحتلّ المرتبة الرابعة على لائحة الدول ذات الجيوش الأكبر عالميّاً، إذ يضمّ جيشها 1.1 مليون شخص بما يساوي 5% تقريباً من عدد سكّانها البالغ عددهم حوالي 25 مليون نسمة.



بين سنتي 2004 و 2014 بلغت النفقات العسكريّة لبيونغ يانغ 3.5 مليار دولار كمعدّل عام، وفقاً لتقرير صادر عن وزارة الخارجيّة. وتنقل ألبرت عن خبراء قولهم إنّ جيران كوريا الشماليّة يتفوّقون عليها من حيث النفقات العسكريّة وأنّ تجهيزاتها وتكنولوجياتها العسكريّة تتقادم بمرور الوقت. لكنّ بيونغ يانغ تموضع أسلحتها في أماكن متقدّمة بالقرب من حدودها مع كوريا الجنوبيّة ضامنة بذلك أن تكون صواريخها مهدّدة أمن جارتها طوال الوقت.


نموذج قيادة سوفياتي

يوافق مراقبون آخرون على أنّ لمدفعيّة كوريا الشماليّة تأثيراً نسبيّاً بحيث تعتمد في فاعليّتها على عناصر أخرى. يشير تقرير لموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" إلى عاملين في هذا المجال: استمراريّة توفّر الذخائر وقدرة القادة على إصدار الأوامر بشكل فعّال، خصوصاً أنّ بيونغ يانغ تستعير نموذج قيادتها العسكريّة الشديدة المركزيّة من النموذج السوفياتي. يعرف الكوريّون الشماليّون أنّ واشنطن درست قدراتهم العسكريّة وأغلب الظنّ أنّ لديهم خطّة لمواجهة إمكانيّة الولايات المتّحدة في قطع خطوط الاتّصال.



لذلك لدى الكوريّين، منشآت تخزين كبيرة على المستوى الوطنيّ لكن أيضاً على مستوى الوحدات، ومن بينها ما هو معزّز بطريقة مكثّفة ومنتشر بالقرب من المنطقة المنزوعة السلاح. بالتالي إنّ وجود هذه المخازن يقترح أنّ الوحدات المعزولة ستستمرّ بخوض الحرب في حال قُطعت الاتصالات، بحسب خلاصة تقرير الموقع نفسه.


مقاتلات وسفن وقدرات سيبيريّة

ينقل بول راتنر في موقع "بيغ ثينك" الأميركيّ عن تقرير أصدرته وزارة الدفاع القوميّ في كوريا الجنوبيّة سنة 2016 يحدّد أعداد المقاتلات التي تملكها كوريا الشماليّة بحوالي 1300 مقاتلة. ولديها أيضاً 5500 قاذفة صواريخ متعدّدة و 4300 دبابة و 2500 عربة مدرّعة و وحوالي 680 سفينة حربيّة متعدّدة الأحجام و 70 غوّاصة. ووفقاً لمؤشّر "غلوبال فاير إندكس" لسنة 2017، تتمتّع الولايات المتّحدة بحوالي 6000 دبّابة و 13 ألف مقاتلة. ويذكر راتنر أيضاً أنّ لبيونغ يانغ قدرات على شنّ هجمات سيبيريّة، وقد سبق لها أن قامت بذلك ضدّ مصارف كوريّة جنوبيّة وضدّ شركة "سوني بيكتشرز". ووصل بها الأمر إلى سرقة 81 مليون دولار من حساب لمصرف بنغاليّ في الاحتياط الفيديراليّ سنة 2016.


الكوريّون الشماليّون ... "حفّارون"

ما يجعل قاذفات الصواريخ خطرة ليس فقط قدرتها على شنّ الهجوم بل صعوبة استهدافها في ضربة وقائيّة، لأنّ مواقعها مخبّأة في وجه المقاتلات الأميركيّة. خلال مقابلة أجراها كريستوفر وولف من الإذاعة العامّة الأميركيّة الدوليّة "بي آر آي"، يقول العقيد المتقاعد في القوّات الجوّيّة الأميركيّة سام غاردينر، إنّ "الكوريّين الشماليّين هم حفّارون". فقد خزّنوا أسلحتهم في أنفاق عميقة تحت الأرض، وهذا يمثّل مشكلة بارزة إذ لا يمكن معرفة المسار الذي يسلكه النفق تحت الجبال. لذلك، قد تكون الضربة الأميركيّة ضربة ضدّ المنشآت لكنّها قد لا تعني بالضرورة تدميراً لهذه المنشآت.


تهديد يطال 32 مليون كوريّ

كان الكاتب في مجلّة "ذا ديبلومات" الأميركيّة فرانز ستيفان غايدي من بين الذين طالبوا بإدراج الأسلحة التقليديّة ضمن قمّة سنغافورة. وأشار في مقاله منذ يومين إلى أنّه حتى بغياب القوة النوويّة لبيونغ يانغ، لا تزال الأخيرة قادرة على إطلاق مستوى عنف مدمّر ضدّ سيول. فوفقاً لتقدير وزارة الدفاع، يمكن للمدفعيّة الكوريّة الشماليّة أن تسقط 250 ألف ضحيّة في عاصمة كوريا الجنوبيّة التي تضمّ نصف سكّان البلاد. أمّا في دراسة حديثة لمؤسّسة الرأي الأميركيّة "راند" سيكون 32 مليون كوريّ جنوبيّ من أصل 51 مليون معرّضين لقصف المدفعيّة في حال نشوب حرب عسكريّة شاملة. وقد يكون لدى بيونغ يانغ القدرة على إطلاق 110 قذيفة مدفعية من عيار 240 ميلليمتر "أم آر أل" في جولة قصف واحدة، كما بإمكانها الحفاظ على المعدّل نفسه لحوالي 20 يوماً حتى لو تمّ كشف هذه المدافع من قبل الأميركيّين بعد إطلاقها القذائف وتدميرها.



قد يرتبط هذا التهديد بالعلاقات الثنائيّة بين الكوريّتين أكثر من ارتباطه بقمّة سنغافورة أو بالعلاقات بين واشنطن وبيونغ يانغ. ويبدو أنّ القمّة الكوريّة التي عُقدت أواخر نيسان الماضي شكّلت خطوة على طريق طويلة بين البلدين لإزالة التوتّر والتهديد العسكريّ التقليديّ على الأقلّ. لكن بالرغم من كلّ شيء، قد لا يكون بالإمكان استبعاد واشنطن عن خطّ المحادثات بين الجارتين للتخفيف من هذا التهديد.














الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم