السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - القصة الكاملة لاغتيال كمال جنبلاط كما رواها العميد عصام أبو زكي بعد ثلاثين عاماً

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - القصة الكاملة لاغتيال كمال جنبلاط كما رواها العميد عصام أبو زكي بعد ثلاثين عاماً
أرشيف "النهار" - القصة الكاملة لاغتيال كمال جنبلاط كما رواها العميد عصام أبو زكي بعد ثلاثين عاماً
A+ A-
لم يدر الزعيم الوطني الشهيد كمال جنبلاط أن يوم اغتياله في السادس عشر من آذار 1977 هو الانطلاقة الاولى لانتفاضة استقلالية استمرت زهاء ثلاثة عقود وتعمدت بدماء الشهداء والاحرار والمناضلين، لتتجلى في "ثورة الارز" في الرابع عشر من آذار 2005، التي اعادت كتابة تاريخ لبنان الحديث بأحرف حمراء. ففي الذكرى الثلاثين لجريمة اغتيال القائد كمال جنبلاط مع مرافقيه، لا بد من تسليط الضوء على أبعاد هذه الجريمة واهدافها، والتي لو كشفت في حينها لجنبنا الوطن سلسلة من الاغتيالات البشعة.لم يكن الموت غريباً عن عالم كمال جنبلاط الذي ولد في السادس من كانون الاول عام 1917. وتجلت فكرة الموت في شعره، ليقول في مطلع قصيدة:أموت فلا أموت فلا أباليفهذا العمر من نسج الخيال ويرى عدد كبير من السياسيين والزعماء الوطنيين، الذين عايشوا الزعيم كمال جنبلاط في حقبة حرب السنتين، ان جنبلاط تعرض قبل اغتياله جسدياً لاغتيال سياسي، تماماً كما حصل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وشعر جنبلاط بخطورة ما ينتظره منذ ان وقع الخلاف بينه وبين الرئيس السوري حافظ الاسد في لقائهما الشهير في دمشق في 27 آذار 1976، بسبب ما تخلله من خلافات في وجهة النظر حول مسار الحرب اللبنانية، ومن نقاشات عنيفة حول الوضع السياسي والعسكري في لبنان.موعد مع القدروفي الاول من حزيران 1976 اجتاحت القوات السورية لبنان. ويرى الكاتب الروسي إيغور تيموفييف في كتابه "كمال جنبلاط – الرجل والاسطورة" ان "التدخل السوري جاء ليشكل خطرا على مخططات كمال جنبلاط..." (ص 450).وخلافاً لتوقعات جنبلاط، لم يلقَ دخول الجيش السوري الاراضي اللبنانية استنكاراً من الرأي العام العالمي. وكان موقف الولايات المتحدة ايجابياً تماماً من التدخل السوري، اذ اعربت الادارة الاميركية عن املها في انه سيكون عاملاً لتوطيد الاستقرار في لبنان. وجاء الموقف الفرنسي مماثلاً للموقف الاميركي، حتى ان الموقف الروسي لم يكن غريباً عن الموقفين الاميركي والفرنسي، وكذلك مواقف عدد من الدول العربية، فكانت هذه المواقف مفاجأة اليمة لجنبلاط، الذي اعتبر "اننا دخلنا السجن الكبير".وفي خريف 1976 سرت شائعات عن خطط لتصفية كمال جنبلاط وعدد من السياسيين اللبنانيين، مما أحدث توتراً في الوسط السياسي والشعبي. وكان جنبلاط ادلى بتصريح في الاول من ايلول من العام نفسه محذراً الرأي العام من ذلك. وجاءت حادثة انفجار سيارة رينو في 4 تشرين الثاني قرب منزل جنبلاط في المصيطبة في بيروت لتؤكد ما يتردد وما يقال. في ذلك اليوم التقى جنبلاط بالعميد ريمون اده عند الحادية عشرة والنصف ليلاً وقدّم له ورقة قائلاً: "هذه قائمة سوداء اسمك فيها الاول، واسمي الثاني"، وردّ ريمون اده: "عندي الورقة نفسها، ولكن عليها اسمك قبل اسمي...".وفي 16 آذار 1977، كان موعد جنبلاط مع القدر. منذ الصباح شرع في كتابة افتتاحية مجلة "الانباء"، التي ختمها بعبارة "رب أشهد انني بلغت"، وكتب رسالة قصيرة لصديقه الطبيب الهندي بومباي داعياً اياه لزيارة لبنان لدراسة الطب الشعبي العربي، واتصل بمعاونه جوزف ابو خليل طالباً منه الغاء موعد كان مقرراً مع طبيب الاسنان في الحمراء، وانطلق مع مرافقيه قاصداً مدينة عاليه للمشاركة في اجتماع لاحدى الجمعيات، ولم يعلم ان موعده قد حان مع الموت الذي لم يبال به، فكان الاغتيال الكبير.هكذا حصلت الجريمةلكن كيف حصلت عملية الاغتيال، وما النتائج التي توصلت اليها التحقيقات القضائية يومذاك، ولماذا لم تستكمل؟ اسئلة اجاب عنها لـ"النهار" قائد الشرطة القضائية السابق العميد الركن المتقاعد عصام ابو زكي، وكان من اوائل الذين تولوا التحقيق في جريمة اغتيال كمال جنبلاط ومرافقيه، وهو الذي عمد الى جمع الادلة من مسرح الجريمة بعدما كان اول من وصل اليه.يبدأ العميد ابو زكي حديثه مستعيناً بذاكرته وارشيفه وملفاته واوراقه، ويؤكد ان المخطط لاغتيال جنبلاط بدأ بمضايقته على الحواجز السورية حيث كان يعترض الضباط السوريون على وجود مرافقي جنبلاط في سيارة اخرى تواكبه، وعندما كان يؤكد لهم حيازنه رخصة لستة عشر عنصراً كان الجواب: "يجب ان تكون العناصر معك وليس في سيارة اخرى". وكان جنبلاط يسألهم "واين اضع هذا العدد في سيارتي؟" حتى ملّ جنبلاط من هذا الوضع وقرر الا يصحب احداً معه". يضيف ابو زكي: "هذا الاسلوب يذكرنا تماماً بسحب عناصر الحماية من الرئيس الحريري".وعن الوقائع التي حصلت يوم الاغتيال، يقول ابو زكي: "في ذلك اليوم المشؤوم في 16 آذار 1977، كنت متوجهاً من بيروت الى بعقلين حوالى الساعة الثانية والنصف من بعد الظهر، ولدى وصولي الى مفرق دير دوريت شاهدت سيارة بونتياك "فيرل برد" تحمل لوحة عراقية متوقفة الى جانب الطريق ومفتوحة الابواب، وفوجئت في الوقت نفسه بوجود جثتين على الارض، الاولى بلباس عسكري والثانية بلباس مدني. وعندما اكملت طريقي فوجئت بسيارة المرسيدس العائدة للشهيد كمال جنبلاط وهي تحمل الرقم 5888، وبقربها وقف رئيس بلدية غريفة نديم حرب (وهو ما زال حياً) يلطم رأسه بها ويبكي، والى جانبه الضابط السابق في الجيش معين ابو شقرا، ولما رآني صرخ قائلاً "نزال شوف مين في بالسيارة". ورأيت مشهداً لن انساه ما حييت عمري. كان المعلم كمال جنبلاط داخل السيارة مائلاً بجسده ناحية اليسار والدم ينزف من رأسه حتى ربطة عنقه، والى جانبه كتاب "نكون او لا نكون". كان منظراً مؤلماً ومرعباً. ولاني ضابط امن مفصول...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم