الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حلوى تقليدية تقارع الحداثة وتنتصر في رمضان

المصدر: "النهار"
طرابلس- رولا حميد
حلوى تقليدية تقارع الحداثة وتنتصر في رمضان
حلوى تقليدية تقارع الحداثة وتنتصر في رمضان
A+ A-

يحل رمضان، فيتحول المذاق العام إلى أصناف من الحلوى والأطعمة التي لا تشتهيها النفس في الأيام الباقية، وبذلك تقارع الزمن مدعومة بالرغبة بالعودة إليها في شهر رمضان الكريم.

 



خرجت صناعة الحلوى عن التقليد على يد المصانع الحديثة التي حدثت التقليد بتفنن، وغيرت في تشكيلته الظاهرة، وأضافت عليه بعض الجديد الخاص برمضان، وانجذب أكثر المواطنين إلى المحلات الحديثة، فتراجعت الصناعة التقليدية التي انتشرت سابقا في كل حي وشارع، لكن بعضا منها ما زال يعمل بحيوية لأن قطاعا واسعا من السكان لا يزال ملتزما الاعتماد على الصناعة التقليدية على يد معلميها الأوائل، والذين لا يزال بعضهم مستمرا في عمله، وابرز هؤلاء ديب شرف الدين التسعيني المحافظ على محله البسيط والوديع في زقاق الرمانة المتفرع من سوق النحاسين.

 


ديب لا يزال يدير محله بعد أن سلم الأمانة لنجله كنعان الذي تعلم المهنة، وتفصيلاتها من والده، ويواصل العمل بها دون توقف ولا هوادة.

 

يقول ديب لـ"النهار" أنه أسس محله منذ نحو سبعين سنة، حيث "كنت أعمل في فرن لوالدي على الزاوية الخارجية للزقاق. وكان صناع الحلويات يحملون مصنوعاتهم لكي نطبخها لهم في الفرن. مع الوقت، صار شقيقي يسأل عن كل أكلة، ومما تتكون، ومقاديرها، وذلك من ناقلي صدور الحلوى لطبخها، ومع الوقت، تعلم مختلف الأصناف، وفتح محلا صغيرا للحلوى على الزاوية قرب الفرن. وأنا تعلمت منه المهنة، وعندما تركت وظيفتي في البلدية، انتقلت للعمل بتصنيع الحلوى، ونقلت المحل الصغير إلى المحل الحالي الذي كان غرفة مهجورة”.

 



يدير كنعان نجل ديب العمل حاليا، بمعاونة معلمين مهرة. يعيشون حياة المدينة بالصميم، ويعرفون مذاقها، وتقليدها، فحافظوا عليه. يقول كنعان ل"النهار": “محلنا هنا منذ زمن أهلنا البعيد، ونحن متخصصون أساسا بالمعمول الممدود، إن بالجوز، أو الفستق، ومتخصصون بشكل خاص بكربوج حلب الأكلة الخاصة برمضان، يقصد محلنا محبو هذه الحلويات من كافة أنحاء المدينة.

 

وقال: "هناك طلب كبير على الكربوج الذي نصنعه لأننا نحرص على أن تكون طبقة الحلو على وجهه خفيفة قدر المستطاع، وهي مصنوعة من شلش الحلاوة الذي ندقه، ونضيف عليه مقادير محددة من السكر. نضيف شلش الحلاوة على الكربوج الممدود بصدر كبير، بطبقة أولى من السميد، فحشوة الفستق أو الجوز، فطبقة ثانية من السميد، وبعد طبخه، نمد عليه طبقة الحلاوة البيضاء”.

 

الملفت للنظر أن هذه الأكلة لا تباع إلا في رمضان، وحاولنا أن نروجها بعد رمضان، فلم يقدم زبون واحد على طلبها، وعندما يأتي رمضان، نبيع الكثير، مؤكدا أنه "في رمضان ما منلحق بيع، بعد رمضان ينعدم سوق الكربوج نهائيا".  

 



من المأكولات التي ننفرد بها والخاصة برمضان، بحسب كنعان، هي التلاج بجبنة، أو بالقشطة، و"هو مصنوع من عجين رقيق، نحشوه بالجبنة بطريقة معينة، وهو مختص لشهر رمضان أيضا. ونصنع الكلاج، والبصمة، وورد الشام، والبقلاوة. فالبصمة تصنع من الشعيرية الرفيعة، نحشوها بالقشطة بين طبقتين من الشعيرية. ورد الشام خاص برمضان، ويباع قليلا في الأيام العادية، وهو من رقاقات البقلاوة المحشوة بالقشطة بين طبقتين منها”.  

 

ويؤكد في الختام "إننا نصنع الكاتو الصفوف، وفي آخر عشرة أيام من رمضان، نشتغل معمول العيد إما بالتمر، أو الجوز، أو الفستق، بحجمين كبير وصغير، ويشتهر به محلنا”.

 

على الشارع العام في سوق النحاسين، أقام حسن شرف الدين محلا خاصا بالحلويات، ولم يمضِ عليه زمن طويل، "عقد من الزمن"، يقول حسن، مضيفا "لأنني كنت مهاجرا إلى مدينة أوروبية، وسكنت فيها لسبع سنوات، لكنني لم احتمل حياة المدن الغريبة وأنا متعود على الحياة الطرابلسية، ويوم عدت، رأيت أن أؤسس محلا لبيع الحلويات التي نعرفها، ونصنعها في منازلنا”.

 

ينتج مصنع حسن المعمول والبقلاوة، ومختلف اصناف الحلويات العربية.

 


مع تقدم علوم وفنون الطبخ، تطورت الحرف، وتنوعت الأشكال، لكن باستخدامات مختلفة للمواد عينها التي توظف في المأكولات. وبدلا من المعمول الممدود، مثلا، صار بعض الصناع يصنعون قوالب حلوى رقيقة لجلسة واحدة، يتفننون في صنعها، ويضعون فيها الجديد من مبتكرات مخيلتهم.

 

كعك رقيق مستدير فيه التطالي، وبودرة جوز الهند، والجوز، وحلويات فاكهة متنوعة، بأشكال وألوان يعجز المرء عن تفضيل إحداها على أخرى.

 

أما الكربوج، فقد غيرت الصناعة الحديثة بتشكيلة طبقته الفوقية البيضاء، فصنعوا منها ما يشبه الأكواز.

 

شقيق الكربوج، الكلاج المكون من عجينة الرز المجفف، تعجن، وتمدد بطريقة معينة مع ماء الورد، وتستخدم معها القشطة.

 

التفاحية تقدم بطريقة كرات مع القشطة أيضا، وتحل العثملية المحشوة بالقشطة بين طبقتين من عجينة البصمة، وهي شعيرات عجين متمددة، ومتطاولة، لكنها تقلى بالسمنة، فتتحول من الأبيض إلى الأسمر.

 

مفروكة الفستق هي الفستق الحلبي المهروس، الممدود كالعجين، والمحشو بالقشطة.

 

كل هذه المأكولات والأصناف تعجن بماءي الزهر والورد قبل انضمامها إلى نادي المأكولات الرمضانية، ومأكولات الأعياد بصورة عامة.

 

ثم تأتي الفطائر، الكبير منها بقوالب كبيرة، والصغير بقطع فردية، منها فطائر الجوز، والفطائر بالقشطة، وكلها مصنوع من عجينة "التارت" المعروفة، ومن الفطائر: التفاحية، وحلاوة الطحينة، والمفروكة، والجزرية.  

 

التفنن في المآكل لا يقتصر على الحلويات، وتعتمد غالبية العائلات في إفطارها على مأكولات مصنفة في إطار المفيد، والصحي للإفطار قبل البدء بالمأدبة، وما عليها من تنوع. فبعد تناول التمر، كسُنة شريفة، يفطر بها الصائمون، يتناول الناس الشوربة التي تختارها سيدات البيوت، والمطاعم، مثل شوربة العدس، وشوربة الرز. وبعدها يبدأ الطعام بالأقسى، مع الفتوش المصنوع من الخضار، وحشيشة البقلة، والمرشوش عليه بطبقة رقيقة من السماق.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم