الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

L'Atelier Du Miel: العسل بكل نكهاته من القفير إلى المرطبان

هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
L'Atelier Du Miel: العسل بكل نكهاته من القفير إلى المرطبان
L'Atelier Du Miel: العسل بكل نكهاته من القفير إلى المرطبان
A+ A-

 هذا الصباح، يعيش حيّ مار مخايل الأثريّ، أو هذا الشاهِد الأكبر خلال ساعات الليل (الذي "يَنضح" بالجنون المُبرّر)، على ترنّح الأجساد الغضّة والغارِقة في نزوات الصبا، طقوسه اليوميّة. 

وهي طُقوس جميلة "مُحبّبة"، وإن كانت تتجسّد بالأحاديث الجانبيّة "الكَسولة" التي ينغمس فيها "الرايح والجايي". لَغو "خفيف نظيف" يَهدف في أكثر الأحيان إلى إضاعة الوقت، وقد يتجسّد بأسئلة "وجوديّة" تأتي على شكل، "دَخلك هالإيام مش عم تمرق بسرعة؟".

هُناك، مُقابل محطة البنزين الكبيرة في شارع أرمينيا، يصطدم النظر بعشرات المباني التاريخيّة و"بكم درجة" (يُمكن تجاهلها لحجمها الصغير مُقارنةً بكل الضخامة المُحيطة بها)، توصلنا إلى ملاذ ساكن ينقلنا، بدون أي جهد، إلى خارج المدينة "المعجوقة" باستمرار.

ربما بقدرته على تصوير عدم الإنتماء إلى الضوضاء و"الغَمغمة" المُعتادة ببساطة وأناقة.

وربما أيضاً لأنه مُحاط بقطرات العسل!



ففي هذا المقهى المؤلّف من طابق أرضي وحديقة على السطح، العسل هو حديث الساعة في كل ساعة: بكل نكهاته، وبعض فوائده، وقدرته على "فتح الشهيّة" و"تحريضه" على تناول المزيد منه، ووسط إنهماك النحل بصنعه بلا كلل أو ملل.

L’Atelier Du Miel، يُعيد صوغ ما يُرمز إليه العسل الذي أسيء فهمه في السنوات القليلة الأخيرة، وهذا تفصيل لن يسمح به مارك-أنطوني بو ناصيف.

والأكيد أن مؤسّس هذه الفُسحة (التي تتخذ شكل المقهى والبوتيك وتقام فيها ورشات عمل لا تُعد ولا تُحصى تُعنى بالعسل)، يعيش قصّة افتتان شغوفة مع العسل، وهو يفعل كل ما بوسعه ليصل هذا المُنتج إلى أكبر عدد من الناس في لبنان وخارجه.

القفير الأول يعود إلى العام 2012 عندما خطرت في باله، وبالمُشاركة مع شقيقه وصديق العائلة ربيع طرابلسي، أن يضعوا العسل تحت المجهر، "يعني شو معقول ينعَمل مع العسل؟".



 وارتأى الشبان الـ3 أن الطبيعة في لبنان "متروكة" مع العلم أن البلد يستريح على مئات القُرى الجميلة، و"حرام" الأرض تروح خسارة. "وبعد ان صار في قلّة ثقة بالعسل على اعتبار أنه في كل العالم، More Or Less مغشوش، ويكتنفه الغموض".

كانت الفرصة مؤاتية و"إجت بوقتا". وبدأ الشبان رحلتهم مع الطبيعة مزوّدين بهذا الإصرار لتغيير الجانب السلبي في ما يتعلّق بالعسل، إلى نقطة إيجابيّة ومحوريّة في حياة العالم. مع النحل، الطبيعة بأسرها تُصبح "بين يديك" ويُمكن الإفادة من هذه الحيوانات التي يصعب ترويضها في كل المواسم، "وين ما وضعنا النحل عم ناخذ شي بالمقابل".



سُرعان ما تحوّلت المسألة شغفاً، وفجأة "ما عادت الإيام كلها تشبه بعضها. كل شيء تبدّل وصرتُ مع الوقت ألاحظ أدق التفاصيل في دورة الطبيعة".

قرّر الشباب إذاً ذات يوم تبدّلت فيه حياتهم، أن يقتحموا عالماً لا يعرفون أي شيء عنه. وكان هذا التفصيل مصدر قوّة بالنسبة إليهم، "إذ كانت نظرتنا جديدة لهذا العالم الشاسع"، كما يؤكد مارك- أنطوان في هذا الصباح البيروتيّ "المُنعش".

 ساعدهم بعض النحّالة، وصارت المسألة تتفعّل أكثر فأكثر، وتُصبح أكثر تشويقاً. وصار النحل يأكل الليمون والخروب والأكي دنيا وزهر اللوز وهكذا دواليك. وإختار الشباب أن يعملوا مع الطبيعة "إيد بإيد" لإنتاج ما يُقارب الـ30 نوعاً من العسل طوال أشهر السنة.



وإنتشرت القفران في كافة المناطق اللبنانيّة: من صيدا إلى الباروك وصور وعكار مروراً بزحلة ورشميا وعين دارة وصولاً إلى قب الياس وكسروان. ومنذ البداية كانت التقنيّة واضحة وبسيطة: العسل يبقى "خام" وينبع من مصدر واحد ولا يتم تسخينه أو "فلترته" أو خلطه بمواد أخرى ولا تتم مُعالجته، بل ينتقل مُباشرة من القفير إلى المرطبان.








وفي l’Atelier Du Miel، نتذوّق المأكولات الصحيّة الشهيّة المُطعّمة بالعسل، ونزور المطابخ العالميّة من خلال العسل، كما نختار ما يطيب لنا من النكهات المُستحثّة في الجرار لنُشبع شهيّتنا أو لنُقدّمها هدايا لذيذة المذاق (وهي هدايّا تُفعّل التنوّع البيولوجي والإستدامة في لبنان)، ويُمكن أن نزور المطبخ حيث والدة "الصبيان" مُنهمكة في وضع اللمسات الأخيرة على الحلويات المُشتقّة من العسل والمُطعّمة به، كما يُمكن المُشاركة في عشرات المحترفات التي تُقام سنوياً في الفُسحة الأنيقة التي توحي المينيماليّة و"الأكل الطيّب".

ونحن نُساهم، من دون أن نعلم، بتمكين النحّالة والمزارعين والحرفيين الذين يتعاملون مع: L’Atelier Du Miel، على اعتبار أن التغليف والتعبئة يُصنعان يدوياً.



ولأن المسؤوليات تضاعفت خلال العام المُنصرم، وبات الطلب على منتجات هذه الفسحة المُتعددة الاستعمال لا يُعد ولا يحصى، قرّر مارك-أنطوان أن يترك عمله في الهندسة ليركز كلياً على العسل. وها هو يعيش تجربة تأخذه إلى كل المناطق اللبنانيّة والأهم أنه يعمل جاهداً على جلب الطبيعة إلى المدينة "المعجوقة" باستمرار.

وصحيح أنه اكتشف منذ البداية أنه يُصاب بحساسيّة قويّة إذا ما عقصته نحلة، بيد أنه وجد الحل لهذه المشكلة "المارقة مرقة طريق" في حياته، وهو يحمل معه حقنة طبيّة لدى زيارته القفران، لتُسعفه في الحالات الطارئة!

عشرات المدارس تزور الفُسحة الأنيقة ومارك-أنطوان يأخذ كل وقته ليشرح للتلاميذ عن قصّة النحل الذي يصعب ترويضه، ويأخذهم إلى المطبخ ليتذوقوا المشهّيات التي تصنعها والدته بواسطة العسل، وأول كلمة تُرحّب من خلالها بالزوّار هي: "تفضلوا!"، و"بيناتنا، "حرام الواحد يقول لأ!".




                                                      [email protected]






الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم