الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

العراق... انقسام بين المكونات الطائفية والعرقية وسط سباق أميركي - إيراني على النفوذ

العراق... انقسام بين المكونات الطائفية والعرقية وسط سباق أميركي - إيراني على النفوذ
العراق... انقسام بين المكونات الطائفية والعرقية وسط سباق أميركي - إيراني على النفوذ
A+ A-


ينتظر العراقيون ومعهم دول الجوار نتائج الانتخابات النيابية التي أجريت السبت ليعرفوا في أي اتجاه صبت الأصوات، لمصلحة إيران أم الولايات المتحدة، وتتنافس الدولتان على اقتسام النفوذ في العراق، في مرحلة ما بعد تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش). 

أجريت الانتخابات العراقية بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني مما أثار توترات بين الحليفين الرئيسيين للعراق طهران وواشنطن. ويسود التوتر الجماعات الطائفية والعرقية الثلاث الرئيسية في العراق، وهي الغالبية الشيعية العربية والأقلية السنية العربية والأكراد، منذ عشرات السنين ولا تزال الانقسامات العرقية متأججة بعد مرور 15 سنة على سقوط حكم الرئيس الراحل صدام حسين. وأيا يكن الفائز في الانتخابات فإنه سيواجه تحدياً يتمثل في إعادة إعمار العراق بعد حرب استمرت أربع سنوات مع "داعش" وإنعاش الاقتصاد المتداعي وتحقيق قدر من التوازن بين مصالح الأطراف الأجانب الأقوياء وإبقاء الوحدة الهشة للبلاد في مواجهة توترات طائفية ونزعات انفصالية. لكن كثيراً من الناخبين لا يرون أن الانتخابات ستحدث أي تغيير.


المرشحون الأوفر حظاً

ونقل موقع "فرنسا 24" عن محللين أن رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي يتقدم بفارق ضئيل منافسيه، لكن فوزه ليس مضموناً. وعلى رغم إعلانه هزيمة "داعش" خلال فترة ولايته الأولى التي استمرت أربع سنوات، وتمكنه من تهدئة التوترات الطائفية التي أججها سلفه نوري المالكي، وحفاظه على وحدة العراق في مواجهة مساعي الأكراد للانفصال، فإنه يواجه معركة انتخابية شرسة. ويواجه العبادي انتقادات في شأن الفساد الحكومي المستمر والظروف الاقتصادية الصعبة والإجراءات التقشفية التي اتخذتها حكومته لدفع تكاليف قتال "داعش" بعد تراجع أسعار النفط العالمية. كما أنه لا يمكنه الاعتماد فقط على أصوات طائفته لأن أصوات الغالبية الشيعية موزعة على غير العادة هذه السنة. وهو يتطلع الى حشد التأييد من جماعات أخرى، اذ يعتبر كثيرون من طائفة السنة، وليس كلهم، العبادي بديلا أقل طائفية من منافسيه الرئيسيين الشيعيين، وينسبون اليه الفضل في تحرير مناطقهم من "داعش". لكن العلاقات ليست على ما يرام بين العبادي والأكراد منذ أن فرضت بغداد عقوبات على إقليم كردستان شبه المستقل عقب محاولة فاشلة للاستقلال العام الماضي.

وحتى إذا فازت "قائمة النصر" التي تضم مرشحي العبادي بغالبية المقاعد، سيتعين عليه خوض مفاوضات معقدة من أجل تشكيل حكومة ائتلافية.

ومنافساه الرئيسيان هما سلفه نوري المالكي، وهادي العامري الذي يقود فصيلاً شيعياً تدعمه إيران. وكلاهما يتمتع بقاعدة ناخبين أشد حماسة مما لدى العبادي الذي يحظى بتأييد الناخبين البراغماتيين الذين ينظرون إليه على أنه يتمتع بعلاقات أوثق مع العالم الخارجي وبقبول عابر للطوائف وهو أمر مطلوب لتجنب المزيد من إراقة الدماء ولجذب الاستثمارات. بينما هناك ائتلاف "سائرون"، برئاسة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، الذي كان يعد في الماضي أحد رموز المقاومة الشيعية للاحتلال الأميركي، وهو يميل الآن الى السعودية. وفي العام الماضي، قام الصدر بزيارة نادرة للمملكة، حيثُ صُوِّرَ وهو مجتمعٌ مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان.


هادي العامري

ومثل العبادي، يعتمد العامري على برنامج يرتكز على الانتصار على "داعش"، لكن أسلوب خطابه أكثر جذباً باعتباره كان قائداً ميدانياً في الصفوف الأولى وينظر إليه عدد كبير من الشيعة على أنه بطل حرب.


نوري المالكي

أما المالكي الذي نُحي جانباً بعدما أمضى ثماني سنوات في السلطة بعدما خسر ثلث مساحة البلاد لمصلحة "داعش"، فيتطلع الى العودة. وعلى عكس الرسالة العابرة للطوائف التي يوجهها العبادي، يصور المالكي نفسه مرة أخرى البطل الشيعي ويقترح التخلي عن نموذج اقتسام السلطة غير الرسمي المطبق في البلاد والذي يضمن لجميع الأحزاب الرئيسية تمثيلاً في الحكومة.


نموذج اقتسام السلطة

وتُقسم المناصب الحكومية العليا بصفة غير رسمية بين الجماعات الرئيسية في البلاد منذ سقوط صدام حسين عام 2003 ونهاية عقود من هيمنة الطائفة السنية. وخُصص منصب رئيس الوزراء بموجب هذا التقسيم للشيعة، فيما خُصص منصب رئيس مجلس النواب للسنة، أما الرئاسة، وهي منصب فخري، فقد خُصصت للأكراد، ويختار مجلس النواب الشخصيات التي تتولى هذه المناصب.

وفي انتخابات هذه السنة ترشح أكثر من سبعة آلاف شخص في 18 محافظة للتنافس على مقاعد المجلس البالغ عددها 329 مقعداً. ويحدد الدستور العراقي مهلة 90 يوما لتشكيل حكومة بعد إعلان نتائج الانتخابات رسمياً، فيما يطول أمد المساومات السياسية في تلك الفترة.


أعباء الحكومة الجديدة

وسيكون على الحكومة الجديدة أيضاً أن تتعامل مع التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وإيران. وحظي رئيس الوزراء العبادي بالإشادة على حنكته في إدارة المصالح المتعارضة للدولتين الرئيسيتين الداعمتين لبلاده. وبينما حافظت حكومته على علاقات جيدة مع إيران فقد اعتبر هو شخصية متوازنة. ويقول ديبلوماسيون غربيون إنه سيكون المرشح الأيسر في التعامل معه. ويعتبر المالكي، الذي دفع القوات الأميركية الى الانسحاب، والعامري، الذي يتحدث الفارسية بطلاقة وأمضى سنوات في المنفى في إيران خلال عهد صدام حسين، مقربين من طهران أكثر بكثير من العبادي.


الانقسامات تعم الجميع

وجرت الانتخابات في أجواء من الانقسام والتحرر من الأوهام داخل الجماعات الأساسية الثلاث. وأصوات الشيعة منقسمة في ظل استياء الكثيرين من زعمائهم بعد 15 سنة في السلطة لم تُنتج سوى العنف والبطالة فضلا عن بنية تحتية متداعية. واذا كان الشيعة منقسمين نتيجة كثرة الزعماء، فإن السنة منقسمون لعدم وجود قيادة، فهم في أسوأ حال، إذ يقبع الملايين منهم في مخيمات للنازحين ولا يملك كثيرون منهم أموالاً ويحاولون إعادة بناء منازلهم التي دمرت في مدن تحولت إلى أنقاض، ويشعرون بأنهم موصومون جماعياً بالتعاطف مع "داعش". وفقد الزعماء السياسيون السنة الذين تقلدوا مناصب في الحكومة ثقة الناس إلى حد كبير وليست ثمة قيادة قومية سنية ولا هيكل حزبي.

أما الأكراد، فيحملون زعماءهم مسؤولية المقامرة بحكم ذاتي حصلوا عليه بصعوبة من أجل استفتاء فاشل على الاستقلال وقد يعاقبونهم بمنح أصواتهم لأحزاب غير تقليدية جديدة تسعى الى ملء الفراغ، ومن أبرزها "تحالف الديموقراطية والعدالة" بزعامة رئيس وزراء إقليم كردستان السابق برهم صالح، وهو تلميذ الرئيس الراحل جلال طالباني، ويخوض حملة مناهضة للفساد وهي قضية تحظى باهتمام كبير من كثير من الناخبين الأكراد. لكن مثل تلك الأحزاب بدورها قد تقوض الموقف الكردي الموحد تاريخياً ككتلة مؤثرة تضطلع بدور صانع الملوك في مجلس النواب.


30 يوماً لتأليف الحكومة العراقية

هنا الخطوات التي تتبع في تأليف الحكومة بموجب الدستور العراقي الذي يحدد مهلة 90 يوما للعملية:

¶ تعلن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات نتائج الانتخابات اليوم.

¶ يدعو الرئيس فؤاد معصوم مجلس النواب الجديد للانعقاد خلال 15 يوما من إعلان النتائج.

¶ ينتخب النواب رئيسا للمجلس ونائبين له بالغالبية المطلقة في الجلسة الأولى.

¶ ينتخب المجلس رئيساً جديداً بغالبية ثلثي النواب خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى.

¶ يكلف الرئيس الجديد مرشح الكتلة الكبرى في المجلس تأليف الحكومة.

¶ يكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً لتأليف الحكومة وعرضها على المجلس للموافقة عليها.

¶ يتعين على المجلس الموافقة على برنامج الحكومة وعلى كل وزير على حدة في تصويت منفصل بالغالبية المطلقة. إذا فشل رئيس الوزراء المكلف في تشكيل حكومة ائتلافية خلال 30 يوماً أو إذا رفض المجلس الحكومة التي اقترحها رئيس الوزراء المكلف يتعين على الرئيس تكليف مرشح آخر تأليف الحكومة خلال 15 يوما.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم