السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"الأعداء اللبنانيون" ينتخبون غداً

المصدر: "النهار"
منى فياض
"الأعداء اللبنانيون" ينتخبون غداً
"الأعداء اللبنانيون" ينتخبون غداً
A+ A-

غداً يوم الانتخابات. 

لكن الآن عصفورية الانتخابات، مهرجانات وتصريحات وخطب رنانة وأغان وفيديوات... يتحالفون في هذه الدائرة يتحاربون في غيرها وكل مرشح "يا رب نفسي"...

كل هذه الفوضى الخلاقة تعود الى قانون الانتخاب الهجين الذي ولد بعد جهود شاقة بعملية قيصرية مؤلمة.

لكن المصادفة التي بينتها ورقة، يتم تداولها أخيراً بشكل محدود في وسائط الاتصال، مكتوبة بخط اليد منذ العام 1999 بمناسبة فتح جريدة السفير النقاش حينها حول قانون الانتخاب يقترح فيها أحد المقربين من "حزب الله" قانوناً نسبياً يراعي التوزيع المذهبي والمناطقي للنواب بلوائح مقفلة وصوت تفضيلي...

إذاً وبعد كل هذه السنوات من الجدل والنقاش واجتماعات مختلف اللجان والافرقاء لعرض اقتراحات قوانين لا تعد ولا تحصى يتبين انها كانت أقرب الى مسرحية هزلية جعلتنا نحصل على نفس القانون الذي كان يقترحه ممثلون عن "حزب الله" منذ 19 عاماً!!

ولو بدا ظاهرياً وكأن الطبقة السياسية توصلت اليه بعد نضال مرير.

فما الذي سننتظره يوم الاثنين المقبل؟ سبق أن ضرب "حزب الله" بعرض الحائط نتائج انتخابات 2009 وظل مهيمناً على القرار السياسي. تخاض اليوم انتخابات يعلن لنا ارباب الحزب نفسه من هو رئيس مجلسها ومع أننا نعلم من هو رئيس حكومتها إلا أنه أراد الضغط عليه وترك الامر لـ "السوسبانس" والابتزاز السياسي.

من المنتظر ان يخرج المجتمع اللبناني من هذه الانتخابات مشروخاً متوتراً، فما نعاينه حتى الآن لا يسمح بالكثير من التفاؤل.

فهذه بعض المشاهد الانتخابية:

مشهد رقم 1

لم يتوقف سائق التاكسي المتهالك عن محادثة صديقتي بسبب ضميره المعذب، سائلاً اياها: لشو الانتخابات، ما داموا راجعين هن ذاتهم؟ وانا شو بدي اعمل؟ عرضوا عليي الف دولار إلي وكمان لزوجتي ولبنتي!! يا حاجة انا ب 3 سنين شغل ما بحصل على مبلغ 3 آلاف دولار؟

مشهد 2

فيديو مسرب للمرشح اللواء جميل السيد المدعوم من "حزب الله" للانتخابات النيابية في البقاع يتوجه فيه الى بضعة اشخاص: قال لي الرئيس العظيم حافظ الأسد (تصفيق...) من يعارض هذا المشروع حط الصرماية بتمو...(وقفة تأمل)...وحطيناها...تصفيق.

مشهد رقم 3

فيديو نسمع فيه صوت امرأة تصرخ وتولول: هجم عليه، ضربه، رح يقتله... مع انفعالات وكلمات تهويل والكاميرا تصور الشارع والناس المتدافعة التي تتكاثر بالتدريج وحركة سير ومشاة مضطربة... انها معركة صغيرة بين الأحباش وأنصار المستقبل في طريق الجديدة...

ويقال إن مشاهد عدة من هذا النوع يجري حصرها واحتواؤها.

مشهد رقم 4

فيديو تحريضي مذهبي بتوقيع "مجموعة منتظرون" بمناسبة الانتخابات يوزع على وسائل الاتصال ويتوجه الى الناخبين.

يبدأ بعرض صور مقتبسة من افلام تظهر اضطهاداً وتعذيباً وقتلاً وقطع رقاب... ويحذر المشاهدين من ان هذا مصيرهم ومصير انجازاتهم مع مقاطع من خطب السيد نصرالله تحذر من توجيه السهام نحو الشعب المقاوم، حينها "سوف تقع الانجازات على الارض" وسيكون مصيرهم كمصير أهل الكوفة. جاعلاً مسؤولية من كل ما يشكو منه المواطن على الدولة.

أما الحل؟ مقاطع من افلام: أطيعوا القائد دون أي سؤال لأن القائد المختار لا يكشف اسراره لأحد، فالثقة تكون بالقائد والوقوف خلفه كالسد المنيع وعدم الوقوف عند المشاكل الصغيرة.

عودة الى خطب السيد: وظيفة الناس إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا تبينوا نحن لسنا معصومين هؤلاء الاخوة هم ثقتنا ثقة حزب الله القيادة وموضع اعتمادنا ومؤهلين وموثوقين لتحمل المسؤولية. لا تفتحوا لهم الطريق واعطوهم اصواتكم.

لتحمي دم ابنك وانجازات الشهداء والمقاومة واستمراريتها وقوتها اعطهم صوتك.

ان يد الأم حنونة ولو ضربت. نعم الوضع ليس جيداً بما يكفي لكنه افضل بكثير مما سيصبح عليه بعد وصول العدو إلى الحكم!!!

هذا بعض مما جاء في الفيديو.

منع وصول العدو؟ صار المرشح المنافس للحزب، في انتخابات ديموقراطية وباعتماد قانون نسبي كي يتمثل الجميع على ما يزعمون، العدو الذي يقتل ويكرر مأساة الحسين؟

المواطن اللبناني غير الموالي لحزب الله هو العدو!!!

نريد أن نعرف من عدوه؟ نحن أم إسرائيل؟

هذا وسمى السيد نصرالله بعضهم في بعض خطبه: "بعض القوى السياسية كانت على صلة بالجماعات الارهابية التي كانت تهدد اهل البقاع وأعني بالتحديد تيار المستقبل والقوات اللبنانية".

تناسى أنه من حمى داعش وأوصل عناصرها آمنين مطمئنين إلى ديارهم في الباصات المكيفة.

والمضحك المبكي ان "تيار المستقبل" و"الوطني الحر" في خندق واحد.. و"التيار الحر" و"حزب الله" في خندق واحد ايضاً!! ما يوقع الناخب في مأزق.

من هنا صعوبة الاختيار وهزليته.

غداً سيخضع اللبنانيون لامتحان ضمير عسير؛ لن يكون سهلاً النجاح فيه في ظل هذه الاوضاع، وفي ظل قانون اوجد شروخاً داخل البيت الواحد وكرس الانقسام الطائفي والنعرات المذهبية وإثارة الغرائز، حتى إنه يلغي معنى الانتخابات نفسها...

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم