السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"فقدان" لنازك سابا يارد: نقطة التنوير

الدكتور إميل المعلوف
Bookmark
"فقدان" لنازك سابا يارد: نقطة التنوير
"فقدان" لنازك سابا يارد: نقطة التنوير
A+ A-
إن قصّة "فقدان" (هاشيت/ أنطوان) لنازك سابا يارد هي كجميع القصص الناجحة لا ترادف الحقيقة الواقعية، بل ترضي احتمال الوقوع الذي هو شكل آخر من الحقيقة. والقصّة قليلاً ما تَخلُص من حياة كاتبها، وأحواله النفسيّة، وتاريخه الشخصي، مهما حاول أن يجعلها موضوعيّة في أحداثها وتصرُّف أشخاصها.  نرى في بداية القصّة، أن شخصيّة فؤاد هي نفسها الكاتبة عندما يصرِّح بأن الماضي هو عنده أجمل من الحاضر، وبأن انسحابه من الحياة بدافع تقدُّمه في السِّن، واستغناءه عن الكتب والأوراق أمر لا مفرَّ منه. وكذلك عندما يتساءل عن معنى حياته الآن وقد تفرَّق عنه أصدقاؤه لأنَّه أصبح غير نافع لهم. نجد في العديد من محطّات القصَّة أحداثاً ربّما يكون لها علاقة بمراحل حياة فؤاد ولميا بَطَلي القصّة، وبالتّالي بمراحل حياة القصّاصة. إلّا أن الكاتبة عرفت كيف تجعل بفنِّها هذه القرابة بينها وبين بَطَليْها وبعض شخصيّات القصّة الثانويين مستترة بابتعاد واعٍ عن شؤون حياتها الشخصيّة. لقد أحسنت إخفاء هذه الشؤون وإسقاطها على شخصيّات قصّتها بمهارة القصّ وتتابعه المؤتلف بشكل يغلب فيه المتصوّر على الواقع.وإذا كانت القصّة تفترض غلبة المتصوّر على الواقع، فهذا لا يعني أن أحداثها لا تماثل الواقع. على العكس، فالواقع يقدّم لنا دائماً العناصر الأولى للأثر. وهنا نجد القصّاصة قد أجادت في نقل الواقع الاجتماعي والسياسي اللّبناني، مع إدراكها التّام أن هذا الواقع تظهره الأحداث التي ارتبطت في ما بينها عفويّاً، على الرغم من كونها في الأصل أشتاتاً مبعثرة من الأخبار. فهي، مثلاً، تطعن بسياسيي البلد الذين يتدخّلون في سلك القضاء، والذين لم يتصرّفوا كما يجب في معالجة الأمن المضطرب. فقد قصّروا في مسألة الجنود المخطوفين. وكذلك تقاعسوا في تأمين حاجات المواطنين كتوفير الكهرباء لهم بشكل دائم، وفي التشدُّد بملاحقة مخالفات السّير، وفرض رقابة على صيانة السيارات. أمّا تربويّاً فقد أشارت إلى الجانب السَّيئ للجامعة ودورها العلمي، كما أنها عمدت إلى مقاضاة مجتمعها في السكوت عن العديد من القضايا ذات النفع الضروري للناس إلى درجة أصبح لديها اقتناع بالشعار القائل: "كما تكونون يولّى عليكم". وقد حاولت أن تظهر تقاعس المجتمع وتقصير الرجل عن احترامه...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم