الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بوتين في أنقرة... الـ"أس- 400" تسرّع ما لا تريده واشنطن

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بوتين في أنقرة... الـ"أس- 400" تسرّع ما لا تريده واشنطن
بوتين في أنقرة... الـ"أس- 400" تسرّع ما لا تريده واشنطن
A+ A-

يبقى لهذا الاتّفاق دلالاته الخاصّة من حيث تأثيره على العلاقتين السياسيّة والعسكريّة التي تتمتّع بهما أنقرة مع حلف شمال الأطلسيّ. وقد توصّلت #موسكو و #أنقرة إلى إنهاء اللمسات الأخيرة على الاتّفاق في أواخر كانون الأوّل الماضي بحيث يتمّ التسليم في الربع الأوّل من سنة 2020. وتقارب قيمة الاتّفاق 2.5 مليار دولار بينما قال أردوغان حينها إنّ بلاده ستوقّع على قرض لتمويل جزء من الصفقة بالروبل الروسيّ.


"كارثة"

انتقد عدد من المسؤولين والمراقبين قيام تركيا بشراء منظومة عسكريّة من خارج الحلف وتحديداً من روسيا التي يرى فيها الغربيّون خطراً أساسيّاً على الناتو. للاتّفاق بدايةً تداعيات على المستوى التكنولوجيّ والعسكريّ للتعاون التركيّ-الأطلسيّ. في مقابلة مع موقع "ديفنس نيوز" الأميركيّ أواسط تشرين الثاني الماضي، قالت نائب وكيل القوّات الجوّيّة للشؤون الدوليّة هايدي غرانت إنّ تشغيل نظام أس-400 ومقاتلات أف-35 معاً يمكن أن يشكّل خطراً على أمن تلك المقاتلات. فحصول النظام الدفاعيّ على أي قاعدة بيانات وتحويلها إلى روسيا سيعرّض الأف-35 لنقاط ضعف وسيكون الأمر عبارة عن "كارثة". وإلى جانب إصرار واشنطن على حماية تكنولوجيا الجيل الخامس، تشرح هايدي أنّ هذا الموضوع لا يشكّل قلقاً بارزاً لبلادها وحسب بل لجميع شركائها وحلفائها الذين حصلوا على تلك المقاتلات.


"تداعيات" السيادة

إضافة إلى ما سبق سيكون هنالك استحالة في تفعيل مشترك لهذه المنظومة بين الطرفين وهو أمر يؤثّر سلباً على آليّة الدفاع المشتركة لدى الأتراك والأطلسيّين. وبالتالي لن يكون بالإمكان دمج الأس-400 بالمنظومة الدفاعيّة الأطلسيّة. بعيداً عن تشابك التداعيات العسكريّة لهذا الاتّفاق، كرّر مسؤولون أتراك أنّ مسألة تعزيز أنقرة لقدراتها الدفاعيّة ترتبط بسيادة بلادهم. لكن في 25 تشرين الأوّل الماضي، ردّ رئيس اللجنة العسكريّة للحلف الأطلسي الجنرال بيتر بافل على تحصّن الأتراك بمفهوم السيادة لشراء أسلحة روسيّة قائلاً: "إنّ مبدأ السيادة يكمن بطبيعة الحال في حيازة تجهيزات دفاعيّة، لكن كما أنّ الدول سيّدة في صناعة قرارها، فهي بالطريقة نفسها سيّدة في مواجهة تداعيات ذلك القرار".



يمكن أن تتلقّى تركيا عواقب هذه الصفقة لا بسبب الخلاف السياسيّ مع واشنطن فقط بل بسبب إقرار الولايات المتّحدة لعقوبات على موسكو أيضاً. في شباط الماضي، ذكرت الكاتبة بارجين يينانج في صحيفة "حرييت" التركية أنّ العقوبات التي وقّعها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الصيف الفائت على روسيا بسبب تدخّلها في الانتخابات، هدفت إلى معاقبة الحكومات التي تبرم عقوداً لشراء الأسلحة من الروس. ولفتت أيضاً النظر إلى ما قالته الناطقة باسم وزارة الخارجيّة في 29 كانون الثاني حول تقييد العقوبات لبيع الأسلحة الدفاعيّة الروسيّة.


"لن نقبل استخدام لغة التهديدات"

لكنّ وزير الخارجيّة التركيّ مولود جاويش أوغلو أعلن خلال مؤتمر صحافيّ مع نظيره الأميركيّ آنذاك ريكس تيليرسون، أواسط شباط، أنّ المفاوضات التركيّة الروسيّة سبقت فرض العقوبات الأميركيّة وأنّه لم يتبقّ إلّا بعض التفاصيل لمناقشتها، مشيراً إلى "أنّنا لا نستخدم ولن نقبل استخدام لغة التهديدات". من جهتها، أصرّت #موسكو على الدفع قدماً باتّجاه إنجاز الاتّفاق. فبحسب وكالة "تاس" الروسيّة، قال المساعد الرئاسيّ لبوتين يوري أوشاكوف إنّ روسيا ستبذل كل جهد لإنهاء تسليم المنظومة الدفاعيّة بحلول عام 2020. وتأتي الخطوة الروسيّة في إطار تسريع الشرخ الناجم عن الخلافات بين تركيا وحلفائها في الناتو حول أكثر من سبب داخليّ وخارجيّ. لكنّ المسؤولين الأميركيّين متلكّئون في إنهاء العلاقة مع أنقرة بل حتى في رفع حدّة التخاطب معها أحياناً كثيرة. فهم لا يزالون يرون فيها إضافة كبيرة للقدرات القتاليّة التي يتمتّع بها الناتو. فحتى بافل الذي تحدّث عن العواقب التي ستشهدها #تركيا في حال شرائها للمنظومة، عاد وشدّد على أهمية أنقرة كحليف لبلاده خلال الحديث نفسه.


شهادة

محرّر الشؤون الدفاعيّة في مؤسّسة الرأي الأميركيّة "ذا ناشونال إنترست" دايف ماجمدار كتب أنّ الولايات المتّحدة لا تريد أن تدع تركيا تنزلق باتّجاه "المدار الروسيّ". ويلفت النظر إلى شهادة مكتوبة لقائد القوّات العسكريّة لحلف شمال الأطلسي في أوروبّا الجنرال كورتيس سكاباروتي أمام لجنة الخدمات المسلّحة في مجلس الشيوخ. رأى الجنرال أنّ الموقع الجغرافيّ لتركيا يضعها على تقاطع مع تحدّيين أمنيّين أساسيّين لها وهما الخضوع لروسيا وتهديدات داعش. وتشدّد الشهادة التي قدّمها في 8 آذار الحاليّ على أنّ تركيا تأثّرت بالحرب السوريّة أكثر من أيّ دولة أخرى في الناتو، بينما استفادت روسيا من الخلافات السياسيّة بين الأتراك وحلفائها الأطلسيّين وهو أمر قد تستغلّه "لتقويض الثقة والوحدة". وأكّد سكاباروتي أنّه وبالتوافق مع توجيهات استراتيجيّة الدفاع القومي الأميركيّة لتمكين الحلف الأطلسي، "ستحافظ وستعزّز القيادة الأميركيّة-الأوروبيّة العلاقة التركيّة-الأميركيّة".

من غير الواضح بعد، كيف ستؤثّر الصفقة على العلاقة السياسيّة الثنائيّة لكن يبدو أنّ الأميركيّين يبدون مقداراً من المرونة في التعاطي مع الأتراك في ملفّات متعدّدة. لكن هل ستمتدّ تلك المرونة لتشمل غضّ نظر واشنطن عن تعامل تركيا مع شركة تصنيع الأس-400 وهي مشمولة بقانون عقوبات أميركيّ بالكاد جفّ حبره؟








الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم