الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

اللبناني والتعلق بـ"الماركات": قصة هوية أو أمور عادية؟

المصدر: "النهار"
رين بو موسى
A+ A-

"لا تركي ولا صيني... ما بلبس الا سينيي": يحرص عدد كبير من اللبنانيين أن يظهروا بمظهر حسن عند خروجهم من المنزل، اما ارضاء لنفسهم أو حتى ارضاء للمحيطين بهم، في عملهم أو في حياتهم اليومية. واللافت تعلّق بعض اللبنانيين بالماركات وربطهم النوعية بالسعر والماركة المحفورة على أي شيء يشترونه.


تختلف آراء اللبنانيين في هذا الموضوع، فالبعض يفضل شراء "الماركات" على أن يشدد على النوعية والذوق وسعر يناسب "جيبه". تقول ناتاشا أنها عند شراء أي شيء، تدرس حاجاتها والهدف من استعمالها له قبل شرائه، "انو حسب الاستعمالات اذا للشغل بفضل اشتريها نوعية منيحة .. أكيد سينيي بس مش غالية، المهم تكون نوعية منيحة تضاين". الا أن حبها للثياب الباهظة و"الماركة" يظهر جلياً من خلال الثياب التي ترتديها. تعترف ناتاشا "ايام بغنج حالي وبشتري ثياب وأكسسوارات ماركة من الماركات العالمية.. وسعرها بطبيعة الحال أكيد كتير غالية".
حال نتاشا شبيهة بحال سميرة التي ترتدي ملابس لافتة لنظر الجميع. تنتقل من محل الى آخر، في يدها أكياس تحتوي ما اشترته من ثياب وأكسسوارات، وكل ما يحسّن "طلّتها" اليومية، وما يكشف للعلن المبالغ الطائلة التي أنفقتها على محتواها. وتشير الى أنها لا تدخل محلات "عادية"، وفق تعبيرها. وتعتقد أنه "كيف ما كانت "القطعة" .. المهم أن تكون ماركة وغالية.. لوْ شو ما اشتريت بالنسبة الي، المهم تكون ماركة لتعجبني ولالبسها".
لا يختلف رأي الشباب اللبناني عن رأي الشابات اللبنانيات، ايلي شاب يعمل في مجال الأناقة، لم يفصل يوماً بين "الماركة" والنوعية، "اذا بدي شي مرتب ويضايني بدي ماركة". يقصد ايلي محلات محددة، تقدم أحد أهم "الماركات"، الا أنه يحرص على أن يشتري ما يناسب ذوقه وحتى السعر الذي يدفعه.
أما منال التي تعشق شراء "الماركات"، فتنتظر الحسم كي تشتري ما يحلو لها. حبها للماركات تخطى شراءها "الماركة الأصلية"، وتسأل "شو المشكلة اذا كانت مزيفة؟ أساساً مين رح يعرف؟ أي قطعة عجبتني ولقيت في منها تقليد بشتريها، المهم اشتريتها". المهم بالنسبة لمنال انها تشدد على النوعية الجيدة كي تشتري ما يلائم ذوقها.
"لشو الماركة، ما أساساً الكل بيضحك علينا تندفع كل مصرياتنا"، تقول سينتيا التي تشتري ما يلائم ذوقها. "كلو متل بعضو، المهم يعجبني"، لا تدقق سينتيا بالماركة التي تشتريها، وتعتبر انه في أي متجر يمكن ايجاد ما يناسبها، رافضة هذه الظاهرة التي تنم عن "تعلق بالمظاهر" و"تخلّف" و"قلّة عقل"، وفق تعبيرها.
الاخصائية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية والاستاذة الجامعية زينا زيربه تحدثت لـ"النهار" عن ظاهرة التعلق بشراء الماركات مشيرة الى أنه "لا يمكن تصنيف الناس في الخانة عينها، فلكل شخص خصوصيته وكيانه"، عازية سبب هذه الظاهرة الى "فقدان أسس الهوية الذاتية والضعف في تكوينها.. الهوية الشخصية التي تسمح لكل شخص ان يعرف عن نفسه بالـ"انا" ، المميزة عن الـ"انا" الآخر".
وتقول ان "الانسان الذي يحتاج أن يكون مقبولاً اجتماعياً، يحتاج أن يدعّم نفسه بهذه "الماركات" التي يشتريها". الا انها تؤكد أن " التعلق بشراء الماركات ليس دليلاً على وجود مشكلة نفسية بالضرورة"، وتستدرك قائلة ان "شراء الماركات شيء طبيعي انما شراؤها بمجرد الشراء من دون أن يتناسب مع قدرة الشخص الشرائية وذوقه وحاجاته، يعتبر مشكلة". وتعتقد ان هذه الفئة من الناس تعيش وهماً، سائلة "ماذا اذا اختفت هذه الماركات كيف سيستطيعون التعاطي مع المجتمع المحيط بهم؟".


أما عن الأشخاص الذين يشترون الماركات المزيفة بهدف شراء "ماركة ، تقول زيربه ان الشاري هنا يعاني المشكلة عينها التي يعانيها أي شخص يحب شراء "الماركات" لمجرّد شرائها، انما الفرق ان هؤلاء الأشخاص يعيشون "في شكل مزيف". وتقول: " لديهم رغبة وطموح لبلوغ الطبقات الاجتماعية الأعلى، وذلك بارتكازهم على المظاهر الاجتماعية"، مؤكدة ان "هذه الظاهرة "تغرق" الناس أكثر وأكثر مادياً واجتماعياً وحتى فكرياً".
ظاهرة "تغرق" بعض اللبنانيين اذاً، اما الـ"Look" فيبقى أولوية بالنسبة للكثيرين منهم، ويبقى سؤال زيربه "لماذا يتوجه كثيرون الى "الماركات" في شكل يعكس التركيز على المظهر الخارجي أكثر من اي شيء آخر؟ ويجوز السؤال ايضا: لماذا تنتشر عدوى "الماركات" في صفوف طبقة دنيا قلما اجادت المطالبة بتحسين شروط عيشها، لكنها عرفت كيف تتماشى مع المظاهر وتعيش في رفاه "الماركات" المزيفة!


[email protected]


Twitter: @ReineBMoussa

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم