الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

طلال ديركي صوّر الجهاديين في سوريا من الداخل (فيديو)

طلال ديركي صوّر الجهاديين في سوريا من الداخل (فيديو)
طلال ديركي صوّر الجهاديين في سوريا من الداخل (فيديو)
A+ A-

حمص، حضن الثورة السورية، كانت نجم الفيلم الطويل الأول، "العودة إلى حمص"، للمخرج السوري طلال ديركي الذي نال عنه جوائز عدة حول العالم، أهمها في ساندانس وأمستردام. يستند الفيلم إلى مواد فيلمية كثيرة، أبرزها ما التُقط أثناء الاحتجاجات المناهضة للنظام السوري في حمص (٢٠١١) التي تطورت إلى نزاع مسلح ودموي ذهب ضحيته الآلاف ودُمِّر بسببه الجزء الأكبر من المدينة.

ديركي الذي درس في معهد ستفراكو للسينما (أثينا) وعمل مساعداً لعدد من المخرجين السوريين وكتب الشعر وعمل في الترجمة، عاد في مطلع هذا العام بوثائقي جديد يُعتبر الجزء الثاني من مشروع "سوريا والحرب": "عن الآباء والأبناء"، فاز في ساندانس (جائزة لجنة التحكيم الكبرى) وتسالونيك (جائزة الجمهور). عمل يتشكّل من شجاعة كبيرة، وخصوصاً ان ديركي خاطر بحياته طوال نحو سنتين فانخرط في المنظمات السلفية الناشطة في ريف إدلب.

يبدأ "عن الآباء والأبناء" بصوت المخرج وهو يقول إن والده علّمه في صغره، ان يكتب كوابيسيه على ورقة، حتى لا تعود مجدداً، وها انه يكتب الآن أطول كابوس عاشه على الإطلاق.

يقتحم ديركي اذاً هذه البيئة التي تسيطر عليها السلفية عبر التعريف عن نفسه بصفته المصوّر الصحافي المتحمس لتلك الأفكار. الاقتحام هو التعبير الدقيق. فمنذ البداية، الخطر شديد الحضور والوطأة، والفيلم ابن هذا الخطر الذي يتجسّد بكامل عناصره في أحد مَشاهد القنص حيث يجد المخرج ملاذاً له خلف السلفي الذي يروي له تفاصيل من حياته الشخصية فيما سلاحه يطلق الرصاص على الجيش السوري. الخوف والخطر يصنعان الفيلم ويشدّان عصبه، فديركي يعرف ان لا حل آخر لضمان نيل ثقة هؤلاء، سوى ان يكون منهم ويتظاهر بأنه يفكر مثلهم ويعيش وإياهم لفترة من الزمن.



فهكذا نتعرف إلى السلفي أبو أسامة الذي يحارب في احدى الفصائل المسلحة التابعة لـ"جبهة النصرة"، هو مقاتل لكنه أب أيضاً، وهذا يسمح للفيلم بأن يوسّع دائرة الأشياء التي يتحدّث عنها. الرجل سمّى أحد أولاده الثمانية أسامة، تيمناً بالزعيم السابق لتنظيم "القاعدة". لا هم له سوى كيف سينتصر على الأعداء. الديكور الذي تمسحه كاميرا المصوّر قحطان حسون كيفما استطاعت، قاحلٌ لا تنبت فيه الا القسوة، وخصوصاً في غياب أي عنصر نسائي. انه المرادف للقلوب الملأىحقداً التي يحاول الفيلم التستر عليها لغايات نبيلة، كون الطريقة الوحيدة لفهم عقيدتهم هي عبر التجرد من أي فكر مسبق تجاههم.

يمعن الفيلم في الكثير من التفاصيل، في مقدمها تربية عقائدية يتلقاها الأطفال تفخخ عقولهم وقد تحولهم في القريب إلى قنابل تتفجر في أرض المعركة. الأولاد يسرحون و"يمرحون" في هذه البقعة اليابسة، بعدما تم حضّهم على سلك درب "الجهاد" والمشاركة في تدريبات عسكرية. بهذا المعنى، الفيلم مهموم بهؤلاء أكثر من اهتمامه بالكبار الذين ربما فاتهم القطار. في حضور الصغار وهم يفقدون البراءة على مرأى منا، تبدو الحرب للحظة أقل من صراعات دولية، انما شيء أقرب من لعبة أطفال.

لا سياسة بالمعنى المباشر في مقاربة ديركي، فهو يكتفي بالنتائج ولا يتوقف كثيراً عند الأسباب، الا ان أهمية النظرة التي يلقيها على هؤلاء تكمن في وقوفها على الحدود الفاصلة بين الأشياء. نظرة تحاول ان تفهم من دون ان تبرر، تسعى إلى استيعاب الأفكار من دون ان تصبح جزءاً من الديكور، في سعي مستمر للحفاظ على شيء من الموضوعية. فهم ديركي مبكراً انه لا يمكن تحقيق أي شيء سينمائي له قيمة الا عبر الاستماع إلى هؤلاء وتمضية أطول فترة ممكنة معهم، ثم ترك الحكم للمُشاهد. وهو بهذا النمط من الاشتغال، يلتحق بمدرسة في فنّ الوثائقي، تسلّم المُشاهد كلّ المفاتيح وتتركه يفتح الأبواب بنفسه.

في الآتي، مقابلة مصوّرة مع طلال ديركي خلال مشاركته في الدورة الـ٢٠ من مهرجان تسالونيك للفيلم الوثائقي (٢ - ١١ الجاري).


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم