السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

كيف يفسّر انسحاب 58 مرشّحاً من الانتخابات ولماذا استمر 917 في المعركة؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
كيف يفسّر انسحاب 58 مرشّحاً من الانتخابات ولماذا استمر 917 في المعركة؟
كيف يفسّر انسحاب 58 مرشّحاً من الانتخابات ولماذا استمر 917 في المعركة؟
A+ A-

"المنسحبون 58 وعدد المرشحين النهائي 917". عبارة اختصرت بيان المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين في وزارة الداخلية. عدد المنسحبين خجول، والسائرون منهم بخطى ثابتة في "الطريق الشاقة" نحو ساحة النجمة كثرٌ. الدرب مزدحمة بالطامحين. والذين لم يجدوا لائحة يبيتون فيها حتى 6 أيار المقبل، لم يفقدوا الأمل في الحصول على سقف أمان انتخابي. بورصة الترشيحات متقلبة واستراتيجيات قطف المقاعد تتبدّل بين لحظة وأخرى. وكما يضحك الحظ في الصوت التفضيلي والكسر الانتخابي، يعتقد البعض أن رحلة حجز كرسي في البرلمان تبدأ اذا ضحك الحظ في حجز مقعد على لائحة واعدة. واذا كان الحظ أكثر سخاءً مع المرشح، لعلّه يمنح مقعداً هشاً على اللائحة ـ قابلاً للخرق.

هذه الصورة تنسي المرشحين مبلغ 8 ملايين ليرة دفعوه على شكل "دخولية". لكن، المبلغ نفسه تحوّل الى اشكالية. وانقسم الخبراء الى فريقين: الأول يقول أن امكان استرداد المبلغ غير متاح في حال الانسحاب، والثاني يعتبر أن امكان الطعن جائز. وفقاً لأي معايير تبنى الآراء؟ وماذا عن النتيجة؟

يرجع الباحث الانتخابي الدكتور علي مراد انخفاض معدل سحب الترشيحات الى سعي المرشحين للالتحاق باللوائح. ويعتبر أن "المرشح الذي لا يلتحق بأي لائحة حتى منتصف ليل الاثنين منسحبٌ حكماً. ولا يسترجع المرشح رسم ترشحه البالغ 8 ملايين ليرة في جميع الأحوال. من هنا يتساءل بعض المرشحين عن جدوى المجاهرة بانسحابهم، ويعتبرون أنهم ينسحبون حكماً من السباق الانتخابي بمجرد عدم الالتحاق بلائحة. ويراهن مرشحون على استكمال المشوار الانتخابي حتى اللحظات الأخيرة. ولماذا الانسحاب اذاً؟ هذا ما يدفع البعض الى تفعيل حملتهم الانتخابية. ويعتبر استكمال المشوار الانتخابي من دون الانضواء في لائحة انسحاباً مستتراً–حكمياً في آنٍ معاً. ويعتبر المرشح في هذه الحالة أنه لم ينسحب بالمعنى الحقيقي للكلمة".

ويقاسُ المعيار الحقيقي لعدد المرشحين الذين يستكملون المشوار الانتخابي على أساس عدد اللوائح التي ستخوض غمار الاستحقاق في 6 أيار المقبل. يأتي ذلك في ظلّ "زخم مفقود في تشكيل اللوائح بسبب طبيعة النظام السياسي اللبناني. ولا تتناسب النسبية مع هذا النظام في المطلق. وقد اعتاد اللبناني العمل في السياسة بمنهج لا يتناسب والنظام النسبي"، وفق مراد الذي يقول "إننا نحاول، ولا زلنا في مرحلة تعلّم كيفية بناء اللوائح. وقد كان النظام السابق بسيطاً، وعوّد الناس طريقة تصويت تقليدية. وترتبط الحالة الانتظارية بطبيعة النظام الانتخابي التي تجعل الأفرقاء غير قادرين على إعلان اللوائح".

واذا كانت الأحزاب قادرة على معرفة عدد الحواصل الانتخابية التي يمكن إحرازُها، إلا أن هوية الرابحين في اللائحة الواحدة لا يمكن توقعها. وقد صعّب الصوت التفضيلي كيفية تركيب اللوائح. ولا يزال جزءٌ من التكتيكات سريّاً وغير معلن. ويمكن الاستعاضة عن مرشح بآخر في أي لحظة والمفاجآت مستمرة. ويرجع ذلك الى الاستراتيجية التي يحتكم إليها كلّ فريق.

ويوضح مراد الاستراتيجية التي يمكن اعتمادها، ويقول إن المسألة تعود الى خيار الحزب بالتضحية بمقعدٍ بغية الفوز بمقعدٍ آخر. ويعطي مثالاً: اذا كان حزب معين قادراً على تأمين حاصلٍ ما، هل يضحي بمقعد ليحافظ على آخر؟ وأي مقعد يختار؟". وقد تترجم الخلافات في بعض الدوائر على حجز المقعد القابل للخرق على اللائحة. وتلعب الأحزاب على الوقت الضائع لممارسة ضغوط متبادلة.

وتناقض النظرية الأولى التي عبّر عنها مراد، نظرية ثانية يشرحها لـ"النهار" الوزير السابق مروان شربل مؤكدا أن "لدى المنسحبين حظوظ في استرداد بدل الترشح. ذلك أن القانون لم يتطرق الى ما يخص بدل الترشح. ومن لم ينسحب حتى الساعة يخال انه لا يمكن ان يسترد أمواله أو أنه ينتظر الانضواء في لائحة".

وكان لا بد أن "يكتب في القانون أن الرسوم التي تدفع لا ترد"، يقول شربل مشيراً الى أن وزارة الداخلية أصدرت قراراً يقضي بعدم ردّ المبلغ بعد أن قامت باستشارة أمام هيئة الاستشارات. ولكن قرارات هيئة الاستشارات غير ملزمة. ويمكن الطعن في القرار أمام مجلس شورى الدولة الذي يبت في الموضوع".

ويتساءل: "ما المانع من استرداد المبلغ اذا تراجع المرشح عن ترشيحه ضمن المهل القانونية؟ ولماذا يمكنه استرداد كلّ شيء باستثناء المبلغ المالي؟ القضية غامضة. هناك ثغرة قانونية وبامكان المرشحين الطعن خصوصاً أن اعلان عدم ردّ المبلغ جاء بعد فتح باب الترشيح. ويترشح البعض فقط للدعاية الانتخابية ومن ثم ينسحبون في اللحظة الأخيرة ويستردون أموالهم. ولم يعلم كثيرون منهم قبل أن يبادروا الى الترشح أن أموالهم لن تسترد. ولو أنهم علموا ربما لما ترشحوا".

ويفكك شربل القانون متسائلاً: "ما الفرق بين من انسحب وبين من لم ينسحب لكنه لم ينضو في لائحة؟ وما الفائدة من الذهاب الى وزارة الداخلية وتكبد العناء اذا لم يكن هناك قابلية لاسترداد الأموال؟".

ويشرح أن "أموال بدل الترشيحات تذهب الى خزينة الدولة. لكن المبلغ المجموع لا يشكّل ثروةً كما يخال للبعض. بل ان نفقات الدولة على الاستحقاق الانتخابي تفوق ايراداتها بأضعاف عدة. واذا كانت انتخابات سنة 2009 قد كلّفت الدولة 10 ملايين دولار، فان كلفة الاستحقاق هذه السنة قد تصل الى حدود 20 مليوناً. وتدفع الدولة بدل أتعاب لمصلحة 17 ألف رئيس قلم، مليون دولار. واشترت الدولة شاشات تلفزيون جديدة وتبديل العوازل الانتخابية وتكليف شركات باستحداث تطبيقات خاصة للجمع بدلاً من الورقة والقلم. وتدفع النفقات الانتخابية من احتياطي الموازنة لسنة 2017".

وفي المحصّلة - بصرف النظر عن حقّ المرشح في استرداد المبلغ من عدمه - يبقى مبلغ 8 ملايين ليرة فتاتاً بالنسبة لمرشح يتراوح انفاقه الانتخابي بين 400 ألف ومليون ونصف المليون دولار".


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم