الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الوجوه مُتعبة، لكي يا إلهي كم هم سعداء!

المصدر: "النهار"
هنادي الديري
هنادي الديري https://twitter.com/Hanadieldiri
الوجوه مُتعبة، لكي يا إلهي كم هم سعداء!
الوجوه مُتعبة، لكي يا إلهي كم هم سعداء!
A+ A-

فاجأتها الإيجابيّة التي "سيّجت" الوجوه المُطرّزة بالحكايات والغائرة في أغلب الأحيان بالفقر. الوجوه المُتعَبة التي تبحث عن شتى السُبُل لإيجاد "لقمة اليوم" كانت على استعداد تام وبأيّ لحظة، لاستقبال نَسمات السعادة الهاربة.

مُتعبون، نعم، ولكن سُعداء

"هالشَعب مبسوط وإن ما كان مرتاح ماديّاً"، تُعلّق المُصوّرة الشابة كارمن غولداليان وهي تَستعيد ذكريات الأيام التي أمضتها أخيراً في شوارع القاهرة في مصر الرائعة والمَفطورة على العُشق... والحكايات العاديّة التي تتحوّل نوادر تحلو استعادتها مع فنجان قهوة و"نَفس أرجيلة".

أمضت كارمن ساعات طويلة في الشوارع المكتظّة، تلتقط الصور "للرايح والجايي". ومع كل بورتريه، تمكّنت من أن تأسر طيف القصص، عشرات القصص المُتربّصة خلف الوجوه المُتعبة والأكثر من قادرة على استحضار السعادة العابرة.

مُتعبون، نعم، لكن تليق بهم الجملة التاريخيّة: "الحياة حلوة، بس نفهمها".

ركّزت كثيراً على شارع خان الخليلي الأسطوريّ الذي يعكس الصورة الحقيقيّة لمصر القديمة.

فهذه الشابة التي تتنفّس التصوير وتروي بفضله القصص المُختبئة في مكان ما في اليوميّات، تهوى كلّ عتيق. وهي على يقين من أنّ التاريخ يملك سُلطة كبيرة في تقديم المستحيل، وإن هجرناه في لحظة افتتان عابرة.

كارمن غولداليان تسير في رواق اللحظات العاديّة، وقد وجدت فيها عشرات الكنوز المرئيّة.

...وهذه الوجوه المُتعبة والسعيدة في آن أربكتها، وجعلتها أسيرة القصص المُختبأة خلف القامات المُنهَمكة باللحظة.


"شاهدتُ عشرات الأولاد الذين يعملون بلا تعب أو تذمّر. يبدون أكبر من سنّهم. نظراتهم. تلك القدرة على التحديق بنضج. وهذه الإيجابيّة التي تُلازم الكبار والصغار".

ويضكون.

يجدون الذرائع ليُحوّلوا اللحظات مصدر سعادة وضحك، "إذا لاحظ أحدهم أنّ الشخص الذي كنت ألتقط له الصور لم يضحك للكاميرا، كانت مسألة طبيعيّة أن يهتف على سبيل المثال: دا إنتَ بعزا؟ إضحك بقى!".

عاشت قصّة حب مع هؤلاء الذين قدّموا لها هُنيهة من أيامهم، "هذا الفتى المُنهمك في ترتيب ثيابه وقد – صَفّف- شعره على الأصول، وهو يمسك بيديه الصغيرتين الصينيّة التي وُضعت عليها الطلبيّة للزبائن. ثيابه نظيفة ومُتأنقة وتشي باحترامه عمله ونفسه الصغيرة. هو سعيد! ولكنني لا أعرف حجم المسؤوليات التي يحملها على كاهله".

وذاك "المُسن الذي ما زال يعمل في بيع الصُحف اليوميّة والآخر الذي يبيع الخرضوات، أو يقدّم العصير الطازج، أو – القهوجي- وأيضاً المسؤول عن الأراجيل".

اختلفت وظائفهم ووجوههم، ولكنهم اجتمعوا حول قدرتهم على استحضار السعادة.

يا إلهي كم تليق بهم السعادة.

                                        [email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم